الإثنين، 20 أكتوبر 2025

07:30 ص

الصين في مفترق اقتصادي حاسم، هل تستمر في طريق التصدير أم تعود للاستهلاك المحلي؟

الأحد، 19 أكتوبر 2025 11:50 م

الاقتصاد الصيني

الاقتصاد الصيني

ميرنا البكري

رغم أن الصين تواجه طفرة في صادراتها للعالم، إلا أن داخل البلاد الصورة مختلفة تمامًا، فالاقتصاد الصيني يمر بحالة تباطؤ واضحة، مما يجعل القيادة في بكين تقف أمام مفترق طرق اقتصادي حقيقي، فهل تستمر في نموذج "النمو المعتمد على التصدير"؟ أم تبدأ في "إعادة التوازن" الذي يقبل عليه العالم بأكمله تجاه الاستهلاك المحلي؟.

يتضح من كل المؤشرات أن الربع الثالث من 2025 سيكون أضعف فصل للنمو منذ عام كامل، رغم أن الأرقام على الورق قد تظهر بأنها مستقرة، لكن التفاصيل تكشف هشاشة حقيقية داخل ماكينة الاقتصاد الصيني.

رغم الحرب التجارية.. البورصة الصينية تنتعش والصادرات في ازدياد : CNN  الاقتصادية
الصادرات الصينية

تباطؤ رغم الزخم الخارجي

من المفترض أن البيانات التي يعلنها المكتب الوطني للإحصاء الاثنين المقبل، تتوقع نمو الناتج المحلي بنسبة 4.7% فقط في الربع الثالث، وهذا أقل من 5.2% الذي كان في الربع السابق، أي ببساطة رغم الانتعاش الكبير في الصادرات، يتراجع الطلب الداخلي ببطء، وتزداد مبيعات التجزئة 3% فقط، وارتفع الإنتاج الصناعي بنسبة 5%، وهذه أضعف وتيرة هذا العام، مما يوضح أن المستهلك الصيني لا يثق في المستقبل، والمصانع تعمل بحذر لأن الطلب ليس مضمونًا.

أزمة الاستثمار.. الحكومة تضخ أموالًا لكن العائد ضعيف

منذ مايو الماضي، تعود استثمارات الأصول الثابتة للخلف، ورغم أن الحكومة فتحت الباب للاقتراض العام لكي تنشط البنية التحتية، لكن هذا الإنفاق لا يستطيع تعويض الركود في القطاع العقاري، أو في تباطؤ تمويل التصنيع الذي كان دائماً محرك النمو الرئيسي.

المفارقة أن الحكومة تنفق أكثر، لكن القطاع الخاص يقف مكانه، كما بدأ يقللون  وجودهم، والاستثمار الأجنبي المباشر تراجع حوالي بـ 13% في أول 8 أشهر من العام، وهذا ثالث عام على التوالي من الانخفاض.

الصادرات “المنقذ الوحيد”، لكن هل تكفي؟

في ظل الصورة المتشائمة، هناك نقطة ضوء الميزان التجاري، حيث وصل الفائض لمستوى قياسي 875 مليار دولار حتى الآن في 2025، وهذا رقم يؤكد أن "الطلب الخارجي" لايزال قوي، خاصةً من الأسواق النامية وأوروبا التي تعتمد على السلع الصينية الرخيصة نسبياً.

لكن الخطر أن هذا النمو ليس مستدامًا؛ نظرًا  لأن التوترات مع أمريكا تتصاعد، والقيود التكنولوجية التي  تضعها واشنطن على الشركات الصينية تعيق فرص الاستثمار والنمو الصناعي المتقدم، أي حتى "منقذ الصادرات" ليس مضمونًا.

الحزب الشيوعي يجهز لخطة جديدة

جاء كل هذا قبل أيام من "الدورة العامة الرابعة" للحزب الشيوعي في بكين، والاجتماع الذي من المفترض أن يرسم الخطوط العريضة للمرحلة من 2026 حتى 2030.

كما أن الموضوع الأساسي على الطاولة، كيف تعود الصين لموازنة اقتصادها وتزويد الاستثمار في الاستهلاك المحلي؟، أي بدلًا من الاستمرار في الاعتماد على البنية التحتية والصادرات، تبدأ تشجع الأسر على الإنفاق، وتوسع الحماية الاجتماعية، وتنعش سوق العقارات الذي شبه ميتًا.

يعتقد الخبراء أن هذا الموضوع ليس رفاهية بل ضرورة، ووفقًا لـ Bloomberg Economics، تواجه الصين الآن أمام أزمة مؤقتة كما كان الوضع أمام كورونا، لكن أمام تحديات هيكلية طويلة الأمد، من ركود عقاري، لضعف في محركات النمو، وانكماش سعري واضح.

توقعات صندوق النقد الدولي

يتوقع صندوق النقد أن اقتصاد الصين سيثبت نموه عند عند 4.8%، لكن العام المقبل قد يهبط لـ 4.2% فقط، كما يصف الاقتصاد الصيني بأنه يقف على حافة دورة انكماش سببه الديون وانخفاض الأسعار، أي باختصار، إذا لم تقوم الصين بإعادة توازن حقيقية، ستستمر في البحث عن حلقة مفرغة من الركود والتباطؤ.

كيف تخرج الصين من المأزق؟

يمكنها الخروج بعدة طرق منها تحفيز الاستهلاك الداخلي بدلًا من الاعتماد على الإنفاق الحكومي، ودعم القطاع العقاري بشكل ذكي دون أن تعود لفقاعة أسعار، وأيضًا إصلاح سوق العمل والأجور لكي ينفق المستهلك بثقة وارتياح، بالإضافة إلى تخفيف التوتر مع أمريكا، لأن استمرار الحرب التجارية يعيق فرص التكنولوجيا والاستثمار.

لكن السؤال الحقيقي، هل القيادة الصينية على استعداد لتتنازل عن نموذج "التحكم المركزي" وتفتح الباب أكثر للسوق؟ أم تستمر على نفس النموذج التي وصلها للنجاح وللأزمة في نفس الوقت؟.

اقتصاد في مرحلة “إعادة تعريف”

الاقتصاد الصيني لا ينهار، لكنه يتغير، فهو الآن في مرحلة "إعادة تعريف" لطريقة نموه، بعد 40 عامًا من الاعتماد على التصدير والبناء والتصنيع، فتحتاج الصين للانتقال لمرحلة “النمو بالطلب الداخلي والاستهلاك”، ومن يستطيع تحديد مستقبلها ليس أرقام الربع الثالث، بل القرارات التي تتخذها في الأيام المقبلة ببكين، وإذا استطاع  الحزب الموازنة بين الانفتاح والسيطرة، فقد تكتب الصين فصل جديد في قصتها الاقتصادية، فيرى العالم كله تباطؤ التنين الذي كان يحرك النمو العالمي لعقود.

اقرأ أيضًا:

الاقتصاد الصيني بين ضعف الإنتاج وارتفاع المخاطر، هل تحقق بكين هدف 5% للنمو؟

«الصين تحت المجهر» تباطؤ الصادرات يكشف نقاط ضعف الاقتصاد الصيني 2025

Las decisiones de Trump ayudarán a China a fortalecer su presencia en  América Latina? - Campusa - EHU
الاقتصاد الصيني في مرحلة إعادة تعريف

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search