في اليوم العالمي للإحصاء، كيف أصبحت البيانات بوصلة الحكومات والشركات؟
الإثنين، 20 أكتوبر 2025 11:49 ص

اليوم العالمي للإحصاء
نفيسه محمود
يقول جوردون جيكو في اقتباس شهير: "إن السلعة الأكثر قيمة التي أعرفها هي المعلومات"، فيما يؤكد ستيفن فيو أن “الأرقام لديها قصة مهمة لترويها”، وقد أصبح العاملون في مجال الإحصاء اليوم بمثابة المترجمين لهذه اللغة الدقيقة، إذ تُعد البيانات لغة الصناعة ومحرك الاقتصاد والعمود الفقري للابتكار.
ولأهمية هذا المجال، قررت لجنة الأمم المتحدة للإحصاءات عام 2010 تخصيص يوم عالمي للاحتفال بالإحصاء، يُقام في العشرين من أكتوبر كل خمس سنوات.
احتفال كل 5 سنوات
كان أول احتفال في عام 2010 تحت شعار «الإحصاءات من أجل حياة أفضل»، تلاه احتفال عام 2015 بشعار «بيانات أفضل، حياة أفضل»، ثم احتفال عام 2020 بشعار «بيانات موثوقة تربط العالم».
الإحصاءات، في جوهرها، هي الذراع الأيمن للحكومات في اتخاذ القرار، والسلاح الأقوى في رسم السياسات العامة وتوجيه الاقتصادات، فهي الأساس الذي تُبنى عليه قرارات البنوك المركزية بشأن السياسات النقدية، والمرجع الذي يستند إليه المستثمرون ورجال الأعمال لتقدير اتجاهات السوق وتقييم المخاطر.
ومن خلال الإحصاء تُقاس مؤشرات التضخم، وتُحدد قيمة التمويلات، وتُبنى عليها استراتيجيات التسويق، وتُدار الموارد المادية والبشرية. إنها أساس تحليلات البيانات واستخلاص النتائج، والبوابة إلى استشراف المستقبل وتوقع المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية.

الإحصاء أساس الصناعة وعمود التسويق
ويُعدّ الإحصاء حجر الأساس في الصناعة الحديثة، إذ تتيح الأدوات الإحصائية المتنوعة للمصنّعين الحصول على معلومات دقيقة تُساعدهم على تطوير المنتجات وتحسين الخدمات بما يلبّي احتياجات العملاء، ويُعزّز من الحصة السوقية وهوامش الربح.
فمن خلال التحليل الإحصائي، يمكن للشركات تصميم المنتج الأمثل، والإشراف على مراحل الإنتاج كافة، بدءًا من التخطيط والتصميم وحتى التصنيع النهائي، بما يضمن جودة المنتج ورضا العملاء، ويحافظ على ميزانيات الشركات واستدامة مواردها. كما تُستخدم النماذج الإحصائية لمراقبة الجودة وضمانها في جميع خطوط الإنتاج والسلع المصنعة.
أما في مجال التسويق، فيُعد الإحصاء أداة لا غنى عنها لفهم تنوّع احتياجات العملاء وتغير رغباتهم، فهو يُستخدم قبل طرح المنتجات الجديدة في السوق، ويُساعد على تحليل بيانات المبيعات، واستخلاص اتجاهات السوق المستقبلية، وبناء استراتيجيات تسويقية دقيقة تستند إلى بيانات واقعية.
استثمار ناجح يعني إحصاءات سليمة
ويمتد أثر الإحصاء إلى عالم المال والاستثمار، حيث يُستخدم في تقييم أداء الأسواق المالية مثل أسواق الأسهم، وتحديد جدوى المشاريع الاستثمارية وفرص نجاحها أو فشلها، كما يُسهم في صنع القرار السياسي والحكومي عبر تحليل البيانات لتحديد أفضل السياسات وأدق توقيت لتنفيذها.
ولا تكاد تخلو أي صناعة أو قطاع من أثر الإحصاء، فهو حاضر في العلوم الاجتماعية والتعليم والقانون والزراعة والأحياء والطب والأعمال والتجارة الإلكترونية، وفي علم الوراثة، تُستخدم الأساليب الإحصائية لتحديد المؤشرات المحتملة للتشوهات الجينية مثل الإعاقات الخِلقية والشيخوخة المبكرة، بينما يُسهم في الوراثة الحيوانية والنباتية عبر نماذج تحليلية معقدة لقياس معدلات الإنتاج وتحسين السلالات.
كما يعتمد قطاع الأعمال العالمي اليوم اعتمادًا شبه كامل على الإحصاءات، فهناك شركات متخصصة في إنتاج التقارير الإحصائية والتحليلات السوقية التي تُستخدم في اتخاذ القرارات الاستراتيجية وإدارة العمليات وتحليل الأسواق والتمويل،
وقد بلغ حجم سوق معلومات الأعمال نحو 173.42 مليار دولار أمريكي في عام 2024، وفقًا لتقديرات موقع Fortune Business Insights، ما يؤكد أن البيانات والإحصاءات أصبحت رأس مال القرن الحادي والعشرين.

كيف أنقذت الإحصاءات شركة تويوتا من الإفلاس؟
في عام 2010، واجهت شركة تويوتا واحدة من أكبر الأزمات في تاريخ صناعة السيارات، بعدما اضطرت إلى استدعاء أكثر من 8.5 مليون سيارة بسبب شكاوى العملاء من مشاكل تقنية تهدد السلامة. الأزمة كانت كفيلة بأن تُفلس الشركة وتفقد سمعتها العالمية، لولا أن لجأت إلى التحليل الإحصائي كخطة إنقاذ طارئة.
بدأت تويوتا بجمع بيانات شاملة عن سياراتها في 50 دولة حول العالم، ثم قارنت النتائج مع بيانات الأعوام السابقة، فقد أظهر التحليل الإحصائي أن المشكلة تكمن في دواسات الوقود، وتحديدًا من موردٍ محدد تسبّب في العيب الصناعي، وبناءً على هذه النتائج، تمكّنت الشركة من تحديد السيارات المتأثرة بدقة، واتخذت قرارات سريعة باستدعائها وصيانة الأعطال، ما ساعدها على احتواء الأزمة.
رغم خسارتها أكثر من ملياري دولار، إلا أن التحليل الإحصائي أنقذ تويوتا من خسارة محتملة بلغت نحو 30 مليار دولار، ومنحها فرصة لاستعادة ثقة عملائها، والسيطرة على تضخم الأزمة، والحفاظ على سمعتها كأحد أكبر مصنّعي السيارات في العالم.
الإحصاء يوفر 400 مليون دولار سنويًا لشركة UPS
وفي قطاع اللوجستيات والنقل، قدّمت شركة UPS مثالًا آخر على قوة الإحصاء في تحويل الأزمات إلى فرص، ففي عام 2012، كانت الشركة تعاني من تأخيرات متكررة في تسليم الشحنات وارتفاع استهلاك الوقود بصورة مكلفة.
ولجأت UPS إلى تحليل ضخم للبيانات، جمعت خلاله معلومات من 46 ألف شاحنة حول أوقات التسليم، ومعوقات الطرق، وعدد التوقفات، وكثافة المرور. وكشف التحليل عن مسارات شحن غير فعّالة كانت تتسبب في إهدار الوقت والوقود.
استنادًا إلى تلك النتائج، طوّرت الشركة نظامًا ذكيًا جديدًا أطلقت عليه اسم ORION، يقوم على تخطيط المسارات المثلى للشاحنات باستخدام التحليل الإحصائي المتقدم.
وجاءت النتائج مذهلة:
توفير 37 مليون لتر من الوقود سنويًا.
خفض الانبعاثات الكربونية بنحو 100 ألف طن سنويًا.
تقليص المسافات المقطوعة بمقدار 156 مليون كيلومتر سنويًا.
توفير 400 مليون دولار سنويًا، وفقًا لتقرير رسمي صادر عن الشركة.
بهذا المثال، أثبتت UPS أن التحليل الإحصائي ليس مجرد أداة رقمية، بل محرك اقتصادي فعّال، قادر على رفع كفاءة المؤسسات العملاقة، وتقليل التكاليف، وحماية البيئة في الوقت نفسه.

أفضل المنظمات الدولية للإحصاء
- الجمعية الأمريكية للجودة (ASQ)
- الجمعية الإحصائية الأمريكية (ASA)
- جمعية آلات الحوسبة (ACM)
- جمعية التصنيف
- منطقة شرق أمريكا الشمالية (ENAR) / الجمعية الدولية للقياسات الحيوية
- جمعية الاقتصاد القياسي
- الجمعية الإحصائية الفنلندية
- المنطقة الألمانية للجمعية الدولية للقياسات الحيوية
- معهد الإحصاء الرياضي (IMS)
- الجمعية الدولية للقياسات الحيوية (IBS)
- الجمعية الإحصائية الصينية الدولية (ICSA)
- الجمعية الدولية للتحليل البايزي (ISBA)
- المعهد الدولي للإحصاء (ISI)
- جمعية برنولي للإحصاء الرياضي والاحتمالات (BSMSP)
- الرابطة الدولية للإحصاءات الرسمية (IAOS)
- الرابطة الدولية للتعليم الإحصائي (IASE)
- الرابطة الدولية لخبراء الإحصاءات المسحية (IASS)
- لجنة إيرفينج فيشر لإحصاءات البنوك المركزية
- الجمعية الإحصائية الملكية (RSS)
- الجمعية الإحصائية الأسترالية (SSAI)
- الجمعية الإحصائية الكندية
أفضل الإحصائيين في العالم وفقًا لمنصة statology.org
يعتلي اسم كارل بيرسون، فهو هو مؤسس الإحصاء الرياضي، ومن أهم إسهاماته شرح مقياس للعلاقة الخطية بين متغيرين، وهو الأساس في فهم الارتباطات داخل مجموعات البيانات، ولا يزال يُستخدم على نطاق واسع في مختلف المجالات العلمية، وخاصة علم الوراثة.
وجاء ثانيًا رونالد فيشر، الذي طور أساليب إحصائية مبتكرة كان لها أثر بالغ في البحث العلمي، من أبرز إسهاماته تطوير تحليل التباين (ANOVA)، وهو أسلوب إحصائي يُستخدم لمقارنة المتوسطات بين مجموعات متعددة، وهو يساعد الباحثين من فهم تأثيرات المتغيرات المختلفة.
وجون توكي، الذي اشتهر بتطويره لتحليل البيانات الاستكشافية، وابتكار طريقة تمثيل بياني بسيط للبيانات يُبرز المتوسطات والأرباع والقيم المتطرفة المحتملة، والتي تعتبر أساس الإحصاء الوصفي.
اقرأ أيضًا:
ماهي أكثر القطاعات الصناعية التي تجني أرباحًا والمجالات الواعدة في الفترة المقبلة؟
"الجمعة البيضاء 2025"، موسم ذهبي للبيع وسط ضغوط الأسعار وتحولات السلوك الاستهلاكي
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
حرب الرسوم تعود من جديد، ترامب يغازل المصانع ويصعد ضد الحلفاء
20 أكتوبر 2025 05:00 م
تداعيات الإغلاق الأمريكي على سوق الإسكان، قروض متوقفة ومخاطر تمتد إلى البنوك
20 أكتوبر 2025 03:53 م
لماذا أصبح الذكاء الاصطناعي شرطًا للبقاء في سوق صناعة المنتجات الاستهلاكية؟
20 أكتوبر 2025 03:00 م
أكثر الكلمات انتشاراً