الجمعة، 17 أكتوبر 2025

12:23 ص

الإعلام في عصر الطوفان الرقمي.. الذكاء الاصطناعي لا يلغي الإبداع بل يعيد تشكيله

الخميس، 16 أكتوبر 2025 09:24 م

الإعلام في عصر الطوفان الرقمي

الإعلام في عصر الطوفان الرقمي

في الوقت الذي تغرق فيه أدوات الذكاء الاصطناعي السوق بمحتوى لا ينتهي من النصوص، والصور، والفيديوهات، والمقاطع الموسيقية، يواجه قطاع الإعلام والتسلية، واحدة من أكبر التحولات في تاريخه، فبينما تلوح مخاوف واسعة من أن الروبوتات ستحل مكان المبدعين، يكشف تقرير حديث صادر عن شركة "Bain & Company" أن الحقيقة أكثر تعقيدًا، وربما أكثر تفاؤلًا مما تبدو عليه العناوين المثيرة.

أدوات الذكاء الاصطناعي

 

الذكاء الاصطناعي.. أداة لا بديل

ولطالما خاف صناع المحتوى من التغيير، سواءً حين ظهر التصوير الرقمي، أو عند دخول المؤثرات البصرية إلى السينما، أو حتى عندما ظهرت الكتب الإلكترونية، واليوم، يأتي الذكاء الاصطناعي في موقع الأداة الثورية الجديدة، لكنه، كما توضح التحليلات، لا يمثل تهديدًا مباشرًا للوظائف الإبداعية، بقدر ما يفرض إعادة تعريف لطريقة الإنتاج الفني.

فالذكاء الاصطناعي، بقدر ما يسرع عمليات الإنتاج ويخفض التكاليف، يبقى في حاجة إلى عقول بشرية تمتلك الخبرة والذوق الفني والقدرة على السرد، والأدوات يمكن أن تكتب سيناريو، لكن لا يمكنها أن تفهم أبعاد شخصية أو تبني لحظة درامية مؤثرة دون توجيه، ومن هنا، فإن القيمة الاقتصادية الحقيقية، ستنتقل من "الذي يصنع المحتوى" إلى "الذي يوجه صناعته".

 

فيض المحتوى وندرة الانتباه

ويعيش الجمهور اليوم في زمن فرط الاستهلاك الإعلامي، فكل لحظة يتم رفع آلاف الفيديوهات والمقالات والمقاطع الموسيقية على منصات التواصل واليوتيوب والبودكاست، إلا أن القدرة البشرية على المتابعة لم تتغير، وهو ما أدى إلى أزمة جديدة:- (الانتباه أصبح المورد الأكثر ندرة)، ومن هنا، تبرز أهمية الإبداع الحقيقي.

وكشفت البيانات التي استعرضها التقرير، أن المستهلكين لا سيما من الأجيال الشابة، يستهلكون الإعلام بشكل متزامن، أي أنهم يشاهدون فيديوهات أثناء تصفحهم لمواقع التواصل، ويستمعون للموسيقى أثناء اللعب، ما يجعل من الصعب التأثير العاطفي عليهم، وهو ما لم يكن المحتوى مميزًا بدرجة كبيرة، إذن، لم تعد الكمية هي التحدي، بل الجودة والقدرة على اختراق ضجيج المحتوى.

محتوى إبداعي

 

صعود الصغار وتراجع امتيازات الكبار

واحدة من أبرز النتائج الاقتصادية لتحول الصناعة، أن تكلفة الإنتاج تنخفض بشكل درامي بفضل أدوات الذكاء الاصطناعي، ما يعني أن صناع محتوى فرديين أو شركات صغيرة، أصبح بإمكانهم إنتاج محتوى بمستوى احترافي لم يكن متاحًا لهم في الماضي، وهذا يهدد الهيمنة التقليدية للمؤسسات الكبرى.

لكن في المقابل، ما تزال الشركات العملاقة، تحتفظ بعناصر تفوق لا يمكن الاستهانة بها، وأبرزها حقوق الملكية الفكرية والعلامات التجارية المعروفة والنجوم المؤثرين، فشخصية مثل سوبرمان مثلًا، تمتلك تاريخًا يمتد لعقود، ولديها جمهور راسخ، والذكاء الاصطناعي لن يلغي هذه الميزة، لكنه سيجبر الشركات على تقديم محتوى إبداعي حقيقي حول هذه الشخصيات، لا مجرد تكرار استهلاكي لها.

اقرأ أيضًا:-

الذكاء الاصطناعي يضع الصحافة العالمية أمام اختبار المصداقية

منصة اليوم قد لا تكون بوابة الغد

وفي النظام الإعلامي الحالي، تهيمن المنصات الكبرى مثل:- (نتفليكس ويوتيوب وسبوتيفاي) على توزيع المحتوى والوصول إلى الجمهور، لكن التقرير يلمح إلى تحول عميق في الأفق، يتمثل في صعود ما يعرف بـ"الوكلاء الشخصيين الذكيين" وهم تطبيقات أو أدوات تستخدم الذكاء الاصطناعي، لتقديم محتوى مخصص بدقة لكل فرد.

وفي هذا السيناريو، قد تصبح المنصة أقل أهمية من جودة المحتوى نفسه، لأن المستخدم لن يحتاج إلى البحث في عدة تطبيقات لمعرفة ما يعرض، بل سيصله الأفضل مباشرة وفق تفضيلاته، وهذا يعني أن صناع المحتوى، سيحتاجون للتركيز على الظهور في رادارات هذه الأدوات، وليس فقط على تصدر واجهة منصة بعينها.

منصات التواصل 

 

نموذج الربح في حاجة للتحديث

ورغم كل هذا التغير التقني، لم تتغير نماذج الربح الأساسية في الإعلام بشكل كبير، وما زالت الإعلانات مصدر دخل أساسي، والاشتراكات تزداد، لكن النمو يبقى محدودًا، غير أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يحدث طفرة هنا أيضًا، عبر تخصيص الإعلانات بدقة أكبر، واقتراح محتوى مدفوع يناسب كل مستخدم.

بالإضافة إلى ذلك، تتجه الشركات إلى توسيع قاعدة الدخل من خلال المنتجات الجانبية، مثل بيع التذاكر، والتجارب التفاعلية، والتعاون مع علامات تجارية من قطاعات أخرى، والأمثلة على ذلك تشمل تعاون لعبة "فورتنايت" مع علامات مثل:- (LEGO وRalph Lauren)، وتقديم حفلات افتراضية داخل الألعاب، وهذا التوسع يعكس دمجًا جديدًا بين الإعلام والتجارة، ولا يكتفي فقط بعرض منتج، بل يخلق تجربة متكاملة.

اقرأ أيضًا:-

بين الروبوت والصحفي، معركة وجودية تهدد جوهر المهنة

 

العنصر البشري لا غنى عنه

ورغم كل هذا التقدم في أدوات الذكاء الاصطناعي، يبقى الاستثمار في المواهب البشرية أمرًا لا يمكن التنازل عنه، فالإبداع، كما يشير التقرير، لا يأتي من فراغ، بل يُبنى على سنوات من التدريب والخبرة، لذلك فإن المؤسسات الناجحة في المرحلة المقبلة، ستكون تلك التي تجمع بين التكنولوجيا المتطورة والبشر المبدعين.

والشركات التي تهمل تطوير المواهب، أو تتصور أن الذكاء الاصطناعي، يمكنه تعويض الفارق، حيث ستجد نفسها عاجزة عن إنتاج محتوى يقنع الجمهور، وفي المقابل، المؤسسات التي تدرب كتابها ومخرجيها على استخدام الأدوات الحديثة بشكل إبداعي، ستحقق قفزة في الكفاءة والتأثير معًا.

الذكاء الاصطناعي والإعلام

 

الإبداع رأس المال الحقيقي

وفي نهاية المطاف، يوضح التقرير أن الذكاء الاصطناعي ليس النهاية، بل مرحلة جديدة في تطور صناعة الإعلام، حيث ستنتج أدواته محتوى كثيرًا، لكنه سيكون بلا روح ما لم يوجه بموهبة بشرية، ومن سيتفوق في هذا المشهد المتغير، هو من يدرك أن التقنية لا تعني التخلي عن الإنسان، بل تمكينه.

وتملك الشركات التقليدية، ما يجعلها تنافس الملكية الفكرية، والنجوم، والخبرة، لكنها تحتاج إلى التحرك بسرعة، واعتماد إستراتيجيات أكثر مرونة وابتكارًا، أما القادمون الجدد، فلديهم فرص تاريخية لاقتحام ساحة، كانت مغلقة لعقود، إنها لحظة تغير اقتصادي وفني معًا، ومن يستثمر فيها بشكل ذكي، سيكون من صناع المستقبل.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ“أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية”، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search