الخميس، 16 أكتوبر 2025

12:10 ص

في اليوم العالمي للغذاء 2025، أزمة عالمية بين اختلال التوازن وتحديات المستقبل

الأربعاء، 15 أكتوبر 2025 06:04 م

الأمن الغذائي العالمي

الأمن الغذائي العالمي

في وقت يشهد فيه العالم اضطرابات غير مسبوقة، يأتي اليوم العالمي للغذاء لهذا العام في ظل أزمات مركبة عمقت من هشاشة الأمن الغذائي العالمي، أزمات سياسية واقتصادية ومناخية تتداخل آثارها لتؤثر بشكل مباشر على كل من يزرع، ومن يحصد، ومن يستهلك. 

الجوع

وفي خلفية المشهد، تتردد أرقام مفزعة، 673 مليون شخص يعانون من الجوع، و3 مليارات لا يستطيعون اتباع نظام غذائي صحي، في حين يهدر العالم ثلث غذائه قبل أن يصل إلى موائد المستهلكين. 

هذه المفارقات تعكس نظامًا غذائيًا غير متوازن لا يستجيب لحاجات العصر، ولا يتماشى مع معايير العدالة ولا الاستدامة.

نظم غذائية تحت الضغط.. أزمات مركبة تهدد حق الإنسان في الغذاء

تعاني النظم الغذائية والزراعية من ضغوط غير مسبوقة على مستوى العالم، الحروب والصراعات المسلحة دمرت البنية التحتية الزراعية في عشرات الدول، وتسببت في موجات نزوح عطلت عمليات الزراعة والرعي والصيد. 

ومع ازدياد النزاعات، ارتفعت مستويات الجوع الحاد في 20 بلدًا وإقليمًا، حيث يواجه 140 مليون شخص أزمة غذائية حادة.

من جهة أخرى، تسببت الظواهر المناخية المتطرفة مثل الجفاف والفيضانات في خسائر فادحة في المحاصيل، وأثرت على غلة الإنتاج وعلى تنقلات الأسماك، بل وغيرت تركيبة المغذيات في الغذاء نفسه. 

كما أن التغير المناخي زاد من انتشار الآفات والأمراض الزراعية، ما أدى إلى انخفاض الإنتاج وارتفاع الأسعار، خاصة في الدول النامية.

ووسط كل ذلك، تضرب الصدمات الاقتصادية العالمية سلاسل الإمداد، وتؤدي إلى تقلبات حادة في أسعار الغذاء والطاقة والنقل، أما الفجوة المتزايدة بين الأغنياء والفقراء، فتجعل الحصول على الغذاء مسألة قدرة مادية أكثر من كونها حقًا إنسانيًا مكفولًا.

الهدر الغذائي

مفارقة غذائية قاتلة.. الجوع والسمنة وجهان لعملة نظام مختل

في مشهد سريالي، تتعايش الوفرة والعوز في آن واحد، فبينما يموت طفل كل 12 ثانية بسبب الجوع أو سوء التغذية، يعاني 900 مليون بالغ من السمنة، و35.5 مليون طفل دون سن الخامسة من الوزن الزائد، هذه الأرقام تكشف عن اختلال عميق في أنظمة الإنتاج والتوزيع والاستهلاك الغذائي.

إن استهلاك الأغذية المصنعة عالية السعرات والفقيرة بالمغذيات، والميل نحو الأنماط الغذائية الغربية، ساهم في انتشار السمنة على نطاق واسع، بينما لا تزال مناطق بأكملها في إفريقيا وآسيا تواجه نقصًا حادًا في المغذيات الأساسية كالبروتين والحديد واليود.

وما يزيد من تعقيد الوضع هو الهدر الغذائي، إذ تفقد 13% من الأغذية عالميًا خلال مرحلتي الحصاد والنقل، وتهدر 19% في البيع بالتجزئة والاستهلاك، أي أن العالم يهدر طعامًا يكفي لإطعام مئات الملايين من الجوعى، كل عام.

اقرأ أيضًا:

تجارة المعدات الزراعية، استثمار يخدم الأمن الغذائي

الزراعة في قلب الأزمة.. الإنتاج بحاجة إلى إصلاح جذري

رغم كل التقدم التكنولوجي، لا تزال الزراعة العالمية تنتج غذاءً غير عادل في توزيعه، وذو تأثير بيئي كبير، الزراعة، خاصة الإنتاج الحيواني، تسهم بنسبة كبيرة في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وأبرزها غاز الميثان، الناتج عن تربية المواشي. 

لكن بالمقابل، تقدم الزراعة فرصة هائلة للتغيير، إذ يمكن من خلال اعتماد ممارسات زراعية أكثر استدامة خفض انبعاثات الميثان بنسبة 30%.

وفي وقت أصبحت فيه الزراعة الصناعية هي المسيطرة، لا يزال صغار المزارعين ينتجون ثلث غذاء العالم، ويعتمد عليهم الملايين في المجتمعات الريفية. 

ومع ذلك، يعانون من نقص الدعم، وصعوبات في الوصول للأسواق، وشح في التمويل والتكنولوجيا، ولا تختلف حال صغار صيادي الأسماك كثيرًا، رغم أنهم مسؤولون عن 40% من الإنتاج السمكي العالمي.

النباتات، التي توفر 80% من السعرات الحرارية للبشر و98% من الأوكسجين الذي نتنفسه، أصبحت تعتمد على 9 أنواع فقط تمثل 66% من المحاصيل المزروعة، مما يعرض الأمن الغذائي لخطر التدهور الجيني وقلة التنوع الحيوي.

أزمة الغذاء العالمية

حلول ممكنة.. ولكن تتطلب إرادة واستثمارات ومشاركة جماعية

لمعالجة هذه الأزمات، لا يكفي مجرد الاعتراف بالمشكلة، بل يجب التحرك السريع عبر سياسات شاملة واستثمارات استراتيجية، وعلى الحكومات والمجتمعات الدولية أن:

  • تزيد من الدعم لصغار المزارعين والصيادين.
  • تحسن سلاسل الإمداد لتقليل الفاقد والهدر.
  • تستثمر في البحث العلمي والتقنيات الزراعية الحديثة.
  • تعزز من نظم الإنذار المبكر للأزمات الغذائية.
  • تضع سياسات عادلة تضمن وصول الغذاء للجميع.

كما أن المستهلكين يتحملون دورًا حيويًا من خلال تقليل الهدر الغذائي في المنازل، والاعتماد على أنماط غذائية صحية ومستدامة، ودعم المنتجات المحلية والممارسات الزراعية المسؤولة.

الشباب أيضًا يمثلون قوة لا يستهان بها، فهم القادة والمبتكرون والمستهلكون في المستقبل، ويجب أن يكونوا في قلب التحولات الغذائية القادمة.

اقرأ أيضًا:

950 مليون جائع، الأمن الغذائي في مهب التحديات وندرة المياه تهدد عالم الغذاء

نحو مستقبل غذائي أكثر عدلاً واستدامة.. مسؤولية الجميع

اليوم العالمي للغذاء ليس مجرد مناسبة رمزية، بل هو دعوة مفتوحة للتفكير والعمل، في عام 2024، تمكنت منظمة الأغذية والزراعة من تقديم دعم زراعي مباشر لـ 43 مليون شخص في 75 دولة بالتعاون مع أكثر من 400 شريك محلي و25 شريك دولي، وهو إنجاز يعكس ما يمكن تحقيقه عندما يتحد العالم خلف قضية مشتركة.

ومع احتفال الفاو بالذكرى الثمانين لتأسيسها، تعيد التأكيد على التزامها بالعمل من أجل تحقيق الأمن الغذائي للجميع، ولكن التحدي الحقيقي يكمن في ترجمة هذا الالتزام إلى خطط وسياسات ملموسة تستجيب لحاجات الشعوب وتضمن العدالة الغذائية.

الغذاء العالمي

الغذاء حق وليس امتيازًا

إذا كان العالم يسعى لبناء مستقبل مستدام، فإن الغذاء يجب أن يكون في صلب هذا المستقبل، الغذاء ليس سلعة تجارية فحسب، بل حق إنساني أساسي، ومن لا يملك القدرة على تناول طعام صحي وآمن وكافي، لا يمكنه أن يسهم في تنمية مجتمعه أو الحفاظ على صحته أو حماية بيئته.

لذلك، فكل شخص من مزارع في ريف ناءٍ، إلى مستهلك في مدينة مزدحمة، إلى صانع قرار في قاعة برلمان له دور لا غنى عنه في إعادة تشكيل النظم الغذائية العالمية.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ“أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية”، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search