مكاسب تاريخية للذهب تصل لـ60% تثير قلق الاقتصاديين من جمود الأموال
الأربعاء، 15 أكتوبر 2025 03:54 م

الذهب والدولار
في وقت تترنح فيه البورصات ويتغير سعر العملات بشكل سريع، يلمع الذهب بدوره كملاذ آمن، ليحقق مستويات قياسية لم يتوقعها أحد، وبدلًا من اختياره كمعدن للزينة، أصبحت المؤسسات العالمية والمستثمرين يستخدموه كمخزن للقيمة، خاصة بعد أن حقق مكاسب تتخطى 60% خلال أقل من 10 أشهر فقط.
سوق الذهب العالمي يشهد خلال الفترة الحالية، واحدة من أقوى موجات الصعود في تاريخه الحديث، بعد أن ارتفع المعدن الأصفر بنسبة تصل إلى 60% منذ بداية العام الجاري 2025، ليكسر مستويات غير مسبوقة على الإطلاق.
ومنذ مطلع العام الجاري، سجلت أونصة الذهب العالمي مكاسب تجاوزت كل التوقعات، مدعومة بحالة القلق الجيوسياسي، وتراجع الثقة في الدولار ، وتوقعات خفض أسعار الفائدة الأمريكية، مما جعل الذهب الملاذ الأكثر أمانًا في عالم تتزايد فيه المخاطر العالمية.

صعود تاريخي في أسعار الذهب خلال 2025
وعلى الصعيد المحلي، ارتفع سعر جرام الذهب عيار 21 من 3740 جنيهًا في مطلع يناير الماضي إلى 5640 جنيهًا، محققًا مكاسب بنسبة 50.8% خلال أقل من 10 أشهر فقط.
أما على الصعيد العالمي، فقد قفزت أوقية الذهب من مستوى 2624 دولارًا في مطلع يناير إلى 4217 دولارًا، بزيادة 60.7%، وهي أعلى نسبة ارتفاع في تاريخ المعدن الأصفر خلال فترة زمنية أقل من سنة. هذا الصعود القوي جعل الذهب يعود إلى دائرة الضوء باعتباره ملاذ آمن للمستثمرين والمستهلكين، خاصة في ظل اضطراب الأسواق وتراجع الثقة في الدولار الأمريكي، وتزايد التوقعات بخفض أسعار الفائدة خلال اجتماعات الفيدرالي الأمريكي المقبلة.

اندفاع عالمي نحو تعزيز احتياطيات الذهب في البنوك المركزية
ولم ينعكس هذا الصعود الحاد على المستثمرين الأفراد فقط، بل امتد أيضًا إلى البنوك المركزية حول العالم، التي عززت حيازاتها من الذهب بشكل قياسي على حساب الدولار، فوفقًا لمجلس الذهب العالمي، بلغ إجمالي مشتريات البنوك المركزية من الذهب نحو 410 أطنان خلال النصف الأول من 2025، بينما تجاوزت الحيازات العالمية 36 ألف طن من الذهب، وهو أعلى مستوى للربع الأول منذ عام 2016.
وخلال الشهر الأخير فقط، ارتفعت مشتريات البنوك المركزية بحوالي 15 طنًا بعد توقف مؤقت في يوليو، وكانت كازاخستان أكبر المشترين بإجمالي 8 أطنان، مدعومة بمشتريات من تركيا والصين وبلغاريا وغانا والتشيك وأوزبكستان، في حين اقتصرت المبيعات على روسيا وإندونيسيا.
وتسعى بولندا لزيادة حصة الذهب في احتياطياتها من 20% إلى 30%، بعد أن أضافت نحو 67 طنًا منذ بداية 2025 لتتصدر قائمة المشترين عالميًا، كما رفعت الصين احتياطياتها إلى 2300 طن تمثل 7% من إجمالي احتياطياتها الدولية، بينما بلغت احتياطيات تركيا نحو 639 طنًا.
أما في مصر، فقد أعلن البنك المركزي المصري، في أحدث البيانات الصادرة عنه، ارتفاع قيمة أرصدة الذهب المدرج باحتياطي النقد الأجنبي إلى 15.843 مليار دولار بنهاية سبتمبر 2025 ، مقابل 14.088 مليار دولار بنهاية أغسطس 2025، بزيادة 1.755 مليار دولار.

أسباب صعود أسعار الذهب
تتعدد العوامل التي تدفع المستثمرون نحو الذهب في الوقت الحالي، فمع تزايد الأزمات السياسية وتراجع قيمة الدولار الأمريكي، وتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، أصبحت المخاطر تتحكم في الأسواق.
وتقول ثولان نجوين، رئيسة قسم أبحاث العملات والسلع في بنك “كومرتس": “المخاطر السياسية والمالية العالمية باتت مصدرًا متزايدًا لحالة عدم اليقين في الأسواق، متوقعة أن يصل سعر الذهب إلى 4000 دولار للأوقية بنهاية العام الجاري، بدعم من تخفيضات الفائدة الأمريكية المتوقعة خلال الاجتماعين القادمين للاحتياطي الفيدرالي”، وفقًا لتقرير صادر عن “آي صاغة”.
من جانبه، قال أولي هانسن، رئيس استراتيجية السلع في ساكسو بنك، إن الطلب القوي على صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب (ETFs) يُعد من أبرز العوامل التي تواصل دعم الأسعار عالميًا، مشيرًا إلى أن هذا الطلب مدفوع بحالة من الخوف من تفويت الفرص (FOMO) وتراجع الثقة في الملاذات التقليدية مثل السندات والدولار.
وأضاف هانسن أن مشتريات البنوك المركزية المستمرة، إلى جانب انخفاض تكاليف التمويل، تُعزّزان الزخم الصعودي للمعدن الأصفر خلال الفترة الحالية، وفقًا لرويترز.

البنوك المركزية.. زيادة الذهب وتقليل الدولار
وتسعى روسيا والصين إلى زيادة احتياطياتهما من الذهب، كجزء من خطتهم لتقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي الذي يشهد تراجعًا في قيمته، وذلك في إطار تنويع الأصول وتقليل المخاطر الناتجة عن تقلبات السياسة النقدية الأمريكية، خاصة في ظل توترات الأسواق عقب الأزمات الجيوسياسية المتلاحقة.
عندما يتحول الذهب من ملاذ آمن إلى عبء اقتصادي
ورغم المكاسب الكبيرة التي حققها الذهب وتزايد التوجه نحوه باعتباره ملاذاً آمناً، إلا أن بعض الخبراء العالميين يحذرون من الإفراط في التوجه نحوه، إذ إن الزيادة المفرطة في شراء الذهب قد تعكس حالة من الخوف والجمود الاقتصادي.
كلما زاد الميل إلى تجميد الأموال في الذهب بدلًا من ضخها في المشروعات والإنتاج، تراجع النشاط الاقتصادي وتباطأت معدلات التشغيل، ما ينعكس سلباً على النمو العام، ويعكس الإقبال المفرط على الذهب، ارتفاع درجة القلق داخل المجتمعات، حيث يعتبر الذهب الكارت الرابع في أوقات الأزمات، لكنه في الوقت ذاته يكون إشارة على اهتزاز الثقة في الاقتصاد.
أصبح الذهب اليوم ليس مجرد معدن نفيس أو ملاذ آمن، بل أصبح مؤشرًا على الحالة النفسية والاقتصادية للعالم، فكلما زادت المخاطر، زاد بريق الذهب، ومع توقعات استمرار خفض الفائدة، وتراجع الثقة في الدولار، وارتفاع مشتريات البنوك المركزية، يكسر المعدن الأصفر كل الحواجر مسجلاً مستويات غير متوقعة، حتى وإن مر ببعض التراجع المؤقت.

أسباب ارتفاع الذهب العالمي
وقال أسامة زرعي، خبير أسواق الذهب، إن ارتفاع أسعار الذهب بسبب عدة عوامل مثل تخفيض أسعار الفائدة الأمريكية، وحجم مشتريات البنوك المركزية الضخمة من الذهب، بالإضافة إلى زيادة التدفقات إلى صناديق الاستثمار الشرقية والغربية سواء في الصين والهند أو المتوفرة في الولايات المتحدة الأمريكية، وانتقال المستثمرين وخوفهم من تخفيض الفائدة الأمريكية.
وأكد “زرعي” خلال تصريحات خاصة لموقع «إيجي إن»، أن الجزء الأهم هو السندات الأمريكية واستبدالها بالذهب، فضلًا عن قواعد معايير "بازل 3" المُطبقة على القطاع المصرفي والتي تسمى في مصر باسم "الملاءة المالية"، التي وضعت تعديل في قيمة الذهب، بمعنى أن يتم معاملة الذهب بمعاملة النصف كاش، موضحاً ذلك بمثال أنه في حالة وجود سبيكة ذهب وزن كيلو بمبلغ 6 مليون جنيه، فيتم تقديمه كأصل بقيمة 3 مليون جنيه فقط، أي بنصف السعر ليكون أصل غير عالي السيولة.
وأشار خبير أسواق الذهب، إلى أنه مع القواعد الجديد لـ"بازل 3”، أصبح يتم معاملة الذهب كمعاملة الكاش ومعاملة السندات، ومن هنا ازدادت عملية الاقتراض وأصبح يتم تأجير الذهب بسبب ارتفاع السعر الكبير، لافتًا إلى أن هناك شركات ذهب في العالم بدأت في هذا الاتجاه، وبدلًا من أن تنتج ذهب، اتجهت لتأجير الذهب وتحقيق ربح منه.

ارتفاع في الطلب العالمي وعجز المعروض
ولفت "زرعي" إلى أن الدراسات الحديث تشير إلى أن الطلب على الذهب كبير جدًا، فقد أنتجت المناجم 805 طن خلال الربع الأول من 2025، فيما بلغ معدل الطلب على الذهب 1062 طن، ما تسبب في عجز بحوالي 400 طن في الربع الأول فقط، مشيرًا إلى أن المناجم رفعت إنتاجها في الربع الثاني لتنتج 900 طن، ولكن في المقابل ارتفع الطلب إلى 1260 طن، ما أدى لوجود عجز أيضًا في المعروض مقابل ارتفاع في الطلب، مع توقعات باحتمالية وجود عجز خلال العامين المقبلين 2026 -2027 في المعروض العالمي، بما يتراوح من 400 إلى 600 طن، ما يدفع الأسعار للصعود وبقوة.
وأكد أسامة زرعي، أن عوامل ارتفاع الأسعار تتضمن تخفيض الفائدة الأمريكية، ومشتريات البنوك المركزية، والتغيير في السياسة النقدية، وتغيير جيروم باول محافظ البنك المركزي الأمريكي في مايو المقبل، بما يعطي إشارة للمستثمرين بوجود احتمالية خفض لأسعار الفائدة خلال الفترة القادمة بسبب المحافظ الجديد الذي يتم اختياره عن طريق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والرسوم الجمركية التي تفرضها الولايات المتحدة على الصين، بالإضافة إلى انتقال الذهب من بورصة لندن إلى بورصة نيويورك مما أدى إلى شح التسليم في البنوك، والطلب العالي في بورصة شنجهاي في الصين، التي لها دور كبير في تحريك الأسعار خلال الفترة الحالية بسبب ارتفاع مشترياتها من الذهب.

معدل الارتفاع بين القيمة السوقية للذهب والقيمة العادلة يبلغ 100%
وأشار "زرعي" إلى أن المستويات الحقيقية لأسعار الذهب من المفترض أن تكون عند مستوى 3800 دولار للأوقية، مستشهدًا بتحليل دويتشه بنك، التي أشارت إلى أن القيمة العادلة للذهب أن يرتفع بحوالي 300 دولار، إنما القيمة السوقية الحالية فقد ارتفع الذهب بحوالي 700 دولار، وهو ما يعني أنه يجب حدوث تصحيح بين القيمة السوقية والقيمة العادلة لينخفض إلى مستوى 3800 دولار، موضحًا أن معدل الارتفاع بين القيمة السوقية والقيمة العادلة يبلغ 100%، مؤكدًا أن الذهب من المفترض أن يسجل 3800 دولار وفقًا للقيمة العادلة.
توقعات أسعار الذهب خلال الفترة القادمة
ولفت خبير أسواق الذهب إلى أن سعر الذهب من المتوقع أن يواصل ارتفاعه خلال الفترة القادمة، متوقعًا أن يصل سعر الذهب المحلي عيار 21 أن يتراوح من 6200 إلى 6500 جنيهاً خلال 2026.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
الأسهم تتصدر والعقارات تتراجع، التحولات الجديدة للثروة العالمية في 2024
15 أكتوبر 2025 03:01 م
انتعاشة منتظرة، كيف يؤثر وقف إطلاق النار في غزة على قناة السويس؟
14 أكتوبر 2025 08:23 م
ثورة في النقل الفاخر بدبي، سيارات طائرة تحلق فوق نخلة جميرا دون طيار محترف
14 أكتوبر 2025 05:43 م
أكثر الكلمات انتشاراً