في اليوم العالمي للقضاء على الفقر، لماذا يستمر 808 ملايين شخص تحت الخط؟

بمجرد زوال الفقر، سنحتاج إلى بناء متاحف لعرض أهواله للأجيال القادمة، سيتساءلون عن سبب استمرار الفقر كل هذا الوقت في المجتمع البشري، وكيف استطاعت قلة من الناس العيش في رفاهية بينما يقبع مليارات في بؤس وحرمان ويأس"، هكذا وصف حمد يونس الحائز على جائزة نوبل، حالة الفقر التي يعيشها ملايين البشر، ويقول الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، "إن الفقر ليس فشلًا شخصيًا، بل هو فشل منهجي، وهو إنكار للكرامة وحقوق الإنسان.

واليوم الموافق السابع عشر من أكتوبر، يعتبر اليوم العالمي للتغلب على الفقر، الذي تم الاعتراف به رسميًا من الأمم المتحدة منذ عام 1992، ما زال هناك الكثير من الفقراء في عالمنا، فواحد من كل عشرة أشخاص يعيش في فقر شديد، لدرجة أنهم لا يستطيعون توفير احتياجاتهم الأساسية كالغذاء والمسكن، وتعتبر منطقة  إفريقيا جنوب الصحراء، أكثر المناطق فقرًا، حتى أنها تعرف بموطن الفقر، ووفقًا لشعبة الإحصاءات في الأمم المتحدة، هناك توقعات بأن ثلاثة أرباع فقراء العالم سيعيشون في هذه المنطقة في 2025.

وعلى الرغم من أن أكثر من نصف سكان العالم يحصلون على تأمينات ومساعدات، إلا أن هناك 3.8 مليار شخص غير مشمولين بهذه المساعدات، وفقًا لشعبة الإحصاءات في الأمم المتحدة.

كيف يتم تحديد أفقر دول العالم؟

يعتبر نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي المقياس الرئيسي لتحديد أفقر دول العالم، ولكن هناك مقاييس أخرى مهمة، مثل الفرق في تكاليف المعيشة، ومعدلات التضخم، ومدى تعادل القوة الشرائية PPP.

من الصعب تحديد سبب واحد للفقر، لأن الحكومات الفاسدة تستطيع تحويل دولة غنية إلى دولة من أفقر دول العالم، ومع زيادة الديون، وانتشار الاستعمار الاستغلالي، وكثرة الدول التي تجور على غيرها، بالإضافة إلى أزمة أوكرانيا التي أثرت على سلاسل التوريد وأسواق الغذاء العالمية ، وخاصة أن أوكرانيا وروسيا كانتا من أكبر مصدري القمح في العالم، وبعد أزمتهما ارتفعت أسعار القمح لقياسات تاريخية.

الأرقام صادمة، ففي أغنى عشر دول في العالم، يتجاوز متوسط ​​القدرة الشرائية السنوية للفرد 118 ألف دولار، مقارنة بأفقر عشر دول التي تسجل حوالي 1600 دولار، للفرد.

أفقر 10 دول في العالم 

1.5 مليار شخص استطاعوا الهروب من تحت خط الفقر

وفي يونيو 2025، أعلن البنك الدولي عن تحديث لخط الفقر الدولي، فقد تم رفعه من 2.15 دولارًا (تم تحديده بناءً على تعادل القوة الشرائية لعام 2017)  إلى 3 دولارًا يوميًا (تم تحديده بناءً على تعادل القوة الشرائية لعام 2021)، هذا التحديث أعطى صورة أوضح لحالة الفقر التي يعاني منها ملايين من الأشخاص، فالتحديث الجديد (خط الفقر =3 دولارًا ) يؤكد أن 1.5 مليار شخص استطاعوا الهروب من تحت خط الفقر، بعد أن كان الرقم 1.3 مليار شخص عندما سجل خط الفقر الدولي 2.15 دولارًا، الـ1.5 مليار شخص هربوا من الفقر الشديد، ولكن هذا معناه أيضًا أنهم ما زالوا فقراء.

وعلى الرغم من ارتفاع أعداد الهاربين من الفقر الشديد، إلا أن شعبة الإحصاءات في الأمم المتحدة، تتوقع أن يزيد أعداد من يعيشون تحت خط الفقر، فبنهاية 2025، يُتوقع أن يعيش 808 ملايين شخص تحت خط الفقر، مقارنةً بـ677 مليون شخص قبل التحديث الأخير.

واحدة من كل 5 دول هي التي تستطيع خفض معدل الفقر بها إلى النصف بحلول 2030

كان هناك أهداف دولية للقضاء على الفقر بحلول 2030، ولكن مع أرقام الفقر التي تتزايد، ومع الصراعات والحروب التي يشهدها العالم مؤخرًا، فهناك تقديرات بوجود 56 نزاعًا مسلحًا حول العالم، وأخرى تشير إلى وصول العدد إلى 110 وثالثة تؤكد وصول النزاعات الدولية إلى 110 نزاعًا مسلحًا، ومع الأزمة الاقتصادية التي تشهدها التجارة العالمية، والتضخم والاضطرابات، بجانب التقلبات المناخية، لا يوجد أي مؤشرات تدل على تحقيق هدف 2030.

على الرغم من أن توقعات متوسط كل منطقة، على سبيل المثال، متوسط الشرق الأوسط، تشهد تراجع في معدلات الفقر، إلا أنه على النقيض، بالنسبة لتوقعات كل دولة، فواحدة من كل 5 دول، هي التي ستستطيع خفض معدل الفقر بها إلى النصف بحلول 2030.

نسبة الفقراء على مدار 40 عامًا حسب المعيار القديم والجديد

يظهر من خلال الرسم البياني الذي نشره مركز الإحصاءات التابع للأمم المتحدة، نسبة السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر، على مدار الفترة من 1990 وحتى توقعات 2030، ويوضح الرسم أنه على الرغم من الهدف العالمي للقضاء على الفقر بحلول 2030، تصل النسبة إلى 3%، لكن تظهر التوقعات أنه سيسجل 8.9%، أي حوالي ثلاثة أضعاف ما يجب تحقيقه.

نصف سكان العالم يتمتعون بحماية اجتماعية والنصف الآخر يعاني

في عام 2023، شملت برامج الحماية الاجتماعية أكثر من نصف سكان العالم، بنسبة تقديرية 52.4%، وهذا ارتفاع ملحوظ مقارنة بعام 2015، عندما سجلت 42.8%، وهناك دول مرتفعة الدخل استطاعت أن توفر تغطية بنسبة 85.9% لرعاياها، مثل سويسرا والنرويج وكندا، ودول متوسطة الدخل سجلت تقدمًا بتحقيق نسبة تغطية ارتفعت إلى 71.2%، مثل تركيا والمكسيك، وهناك دول منخفضة الدخل، مازالت نسبة تغطيتها لبرامج الحماية تقف عند نسبة 9.7%، مثل اليمن والصومال، وهناك تفاوت بين نسبة حصول النساء على الحماية الاجتماعية، مقارنة بالرجال، فنسبة النساء 50.1%، مقارنة بنسبة الرجال 53.6%.

تختلف نسبة التغطية من دولة لأخرى، على أساس حجم إنفاق الدولة على برامج الحماية الاجتماعية، فمثلًا، المعدل العالمي للإنفاق على هذه البرامج يقف عند 19.3% من الناتج المحلي الإجمالي، ونجد أن الدول مرتفعة الدخل تستثمر 24.9%، من ناتجها لمحلي الإجمالي لتوفير تغطية شاملة، على عكس الدول منخفضة الدخل التي تنفق 2% فقط من ناتجها المحلي الإجمالي، هذه النسبة منطقية لنتيجة أن نسبة تغطية هذه البلدان لا تصل حتى لـ10%.

الدول الفقيرة تحتاج إلى إنفاق  1.4 تريليون دولار سنويًا

وأشار تقرير للأمم المتحدة، أن حل هذه الفجوة الكبيرة في الدول منخفضة الدخل، والتي لا يحصل 90% من سكانها على الرعاية الشخصية، هو زيادة الاستثمار من ناتجها المحلي الإجمالي في برامج الحماية الشخصية، بحيث يصل حجم الاستثمار إلى 1.4 تريليون دولار سنويًا، بما يعادل 3.3% من إجمالي ناتجها المحلي في عام 2024.

الشرق الأوسط أكثر المناطق غير العادلة في توزيع الثروات

وفي الشرق لأوسط، تعتبر المنطقة، أكثر المناطق غير العادلة من حيث توزيع الثروات، لأن الفقر تحول في المنطقة من مشكلة مالية، ليصبح مشكلة هيكلية في المجتمعات العربية، فوفقًا لما نشرته منصة carnegie، فإن 10% فقط من سكان المنطقة، يمتلكون 64% من ثرواتها.

أعلى الدول العربية من حيث معدل الفقر لعام 2025

تُظهر إحصائيات World population review، أن الأزمات الاقتصادية التي تعاني منها المنطقة، أثرت على مستوى المعيشة، فنجد الصومال تتصدر مشهد الفقر بمعدل 54.4% بين سكانها، تليها اليمن بمعدل 46.7%، وتتصدر هاتان الدولتان أعلى معدلات الفقر في المنطقة بسبب الحروب الداخلية، وضعف بنيتها التحتية، وأزماتها الاقتصادية التي ضربت بالمستوى المعيشي لمواطنيها.

أفقر الدول العربية من حيث نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي عام 2025

ووفقًا لتقديرات صندوق النقد الدولي لعام 2025، فقد نشر أكثر الدول العربية فقرًا من حيث نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2025، كما هو موضح في الجدول التالي:

أفضل المدن العربية من حيث جودة لحياة لعام 2025

وعلى العكس، نشر موقع infoflix، تصنيف لأفضل المدن العربية من حيث جودة لحياة لعام 2025، تصدرت فيها مدينة مسقط، تلتها جدة، ثم دبي، وأبوظبي، والدوحة، والمنامة، والرياض، والشارقة، والكويت، وعمان، وتونس، والدار البيضاء، وبيروت، والاسكندرية، والقاهرة.

وعلى مستوى العالم، نشر تقرير يوليوس باير، أغلى المدن للعيش برفاهية لعام 2025، وتصدرت فيه سنغافورة، تلتها لندن، ثم هونج كونج، موناكو، وزيورخ، وشنجهاي، ودبي، ونيويورك، وباريس، وميلانو، وبانكوك، وجنيف، وسيدني، فرانكفورت، وطوكيو.

الدول التي تضم أكبر عدد من المشردين في العالم

وينتج عن الفقر، ظواهر أخرى خطيرة، كزيادة أعداد المشردين، وارتفاع أعداد المرضى، وزيادة الوفيات، بالإضافة إلى أن الفقر قد يؤدي إلى حدوث صراعات وحروب أهلية.

وتُظهر الإحصاءات الحديثة أرقامًا صادمة عن أعداد المشردين في العالم، وتتصدر باكستان أكبر الدول التي تمتلك مشردين، حيث سجلت 8 مليون متشرد، وفقًا لـinfoflix نقلًا عن تقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، تليها سوريا بـ5 مليون و300 ألف مشرد.

اقرأ أيضًا:

كيف يدير الأغنياء ثرواتهم التي تتجاوز مليارات الدولارات؟

المال في خدمة السياسة، كيف تدار التصنيفات الائتمانية من خلف الكواليس؟

تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (تيليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ 24 ساعة، لـ أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

أخبار متعلقة

كيف يدير الأغنياء ثرواتهم التي تتجاوز مليارات الدولارات؟

14 أكتوبر 2025 11:00 ص

من الملاعب إلى مليارات الدولارات، كيف تحول الهوكي إلى "آلة أرباح" تجذب 23 مليون مشجع؟

14 أكتوبر 2025 09:22 ص

شرم الشيخ تصنع التاريخ، بداية عصر “الانتعاش الاقتصادي” بعد سنوات من الصراع

13 أكتوبر 2025 11:05 م

المال في خدمة السياسة، كيف تدار التصنيفات الائتمانية من خلف الكواليس؟

13 أكتوبر 2025 08:53 م