الثلاثاء، 14 أكتوبر 2025

12:00 ص

المال في خدمة السياسة، كيف تدار التصنيفات الائتمانية من خلف الكواليس؟

الإثنين، 13 أكتوبر 2025 08:53 م

كيف تدار التصنيفات الائتمانية من خلف الكواليس؟

كيف تدار التصنيفات الائتمانية من خلف الكواليس؟

ميرنا البكري

في عالم الاقتصاد، من المفترض أن يكون التصنيف الائتماني مرآة تعكس “القدرة المالية” للدولة أو الشركة، لكنه أصبح “ميزانا سياسيا” أكثر منه ماليا، بدءًا من الشركات الأمريكية العملاقة حتى الدول الأوروبية التي كانت تواجه أزمات ديون.

تحول التصنيف الائتماني إلى أداة ضغط وتأثير تستخدمها الوكالات العالمية التي من المفترض أن تكون محايدة، فتخطى الأمر الاقتصاد البحت، ودخل في عمق المشاعر السياسية، والمصالح، وحتى الهيمنة الدولية.

Credit ratings
التصنيف  الائتماني

ما هو التصنيف الائتماني؟

يُعد التصنيف الائتماني تقييما تقوم به وكالات متخصصة لكي تحدد مدى قدرة دولة أو شركة على سداد ديونها، فهو أشبه بـ"شهادة ثقة" توضح للمستثمرين مدة خطورة أو أمانة جهةً ما، ويتم اتخاذ على أساسه قرارات ضخمة مثل سعر الفائدة، وتكلفة الاقتراض، وحتى ثقة المستثمرين في السوق.

تبدأ هذه التصنيفات من AAA التي تعني "أمان تام"، وتنتهي عند D أي “عجز أو تخلف عن السداد”، وكلما تراجع التصنيف، كلما تزداد الفائدة على القروض.

لكن الأمر الخفي، أن خلف هذه التقييمات سياسة، ومشاعر، وضغوط دولية تحدد المسار أكثر من البيانات المالية نفسها.

 من أين بدأت الحكاية؟ نشأة وكالات التصنيف الائتماني

ظهرت أول وكالة تصنيف في أوائل القرن العشرين، حيث تأسست موديز (Moody’s) عام 1909 على يد الاقتصادي الأمريكي جون موديز، بعدها ظهرت ستاندرد آند بورز (S&P) في 1916، ثم فيتش (Fitch Ratings) في 1924.

كان الهدف وقتها نبيل للغاية، بأنهم يساعدون المستثمرين لتقييم المخاطر قبل شراء السندات، لكن بمرور الوقت تحديدًا بعد السبعينات، تغير النموذج بالكامل، وفي الماضي كان المستثمر هو من يدفع للوكالة لكي يعرف تصنيف السند، لكن أصبح مُصدر السندات نفسه هو من يدفع، مما خلق  تضارب مصالح كبيرًا، لأن الشركة التي تدفع هى نفسها التي يتم تقييمها.

حينما تتحكم المشاعر السياسية في الأرقام

هناك علاقة بين المشاعر السياسية للشركات وتصنيفها الائتماني، كلما كانت المشاعر السياسية داخل الشركة إيجابية من تفاؤل وثقة ودعم سياسي، كلما تحسن التصنيف والعكس صحيحًا.

مما يعني أن المناخ السياسي والشعور العام داخل الإدارة له تأثير مباشر على قرارات وكالات التصنيف، والأغرب أن هذا  التأثير يكون أقوى في الشركات التي لديها ضعف شفافية أو حوكمة ضعيفة، بمعنى آخر السياسة وحدها قادرة على رفع تصنيفك الائتماني، حتى لو الأرقام المالية ثابتة.

حينما تتغلب السياسة على الاقتصاد

وكالات التصنيف الائتماني مثل "ستاندرد آند بورز" و"موديز" كان لها دور كبير في أزمة الرهون العقارية عام 2008، التي تسببت في أكبر أزمة مالية حدثت في العالم. وقتها، كانت البنوك تعطي قروض لكثير من الأفراد لكي يشتروا بيوت، حتى لو لم يستطيعوا السداد، وبعد ذلك كانت تجمع هذه القروض وتحولها لسندات مالية وتبيعها لمستثمرين. 

تكمن المشكلة في أن هذه  السندات مليئة بالمخاطرة، لكن اللافت أن وكالات التصنيف كانت تعطيها أعلى درجات الأمان وكأنها خالية من أي خطر، رغم أنها كانت تدرك بها مشاكل كبيرة، والسبب؟ أن هذه الوكالات كانت تأخذ أموالها من نفس البنوك التي تقيمها، وهذا يُسمى تضارب مصالح، بعد أن حدث الانهيار الكبير، رفعت الحكومة الأمريكية نفسها  قضية على "ستاندرد آند بورز" ووجهت لها اتهامات بأنها ضللت الناس ورفعت التصنيفات لكي تخدم مصالح البنوك، ومنذ هذا الوقت، وكالات التصنيف ليس دائمًا محايدة، وأنها أوقات تدخل في السياسة وتخدم مصالح معينة بدلًا أن تعمل بشكل مستقل وشفاف.

ومن هنا بدأ العالم يرى أن وكالات التصنيف ليس دائمًا محايدة، بل أحيانًا تكون أداة من أدوات النفوذ المالي والسياسي الأمريكي.

وقال فريدمان من قبل إن التصنيف أقوى من القنابل، وأيضًا الكاتب الأمريكي الشهير توماس فريدمان قال: "الولايات المتحدة قد تدمر دولة بالقنابل، لكن وكالة موديز تستطيع تدميرها بخفض التصنيف الائتماني.

فحينما تقوم الوكالة بتخفيض التصنيف لدولة ما، تهرب رؤوس الأموال، وترتفع القروض، ويهرب المستثمرون، هذا الذي حدث في اليونان والبرتغال حينما خفضت وكالات التصنيف الأمريكية تقييمهم خلال أزمة الديون، التي تسببت في إفلاس دول بالكامل ودخولها تحت وصاية صندوق النقد الدولي. ببساطة، التصنيف الائتماني أصبح سلاحا اقتصاديا، وليس أداة  تحليل مالي.

اقرأ أيضًا:-

موديز: فوائد الديون تلتهم 60% من إيرادات مصر خلال 12 شهرًَا

ستاندرد آند بورز: رفع تصنيف مصر الائتماني من "-B " إلى "B" لأول مرة منذ 7 سنوات

INVESTING EXPLAINED: What you need to know about AAA credit rating | This  is Money
التصنيف الائتماني

تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (تيليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ 24 ساعة، لـ أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search