الأحد، 12 أكتوبر 2025

12:11 م

ليس كل محلل بارع متداول ناجح، كيف خدع سوق الأسهم الجميع وهدد النظام العالمي؟

الأحد، 12 أكتوبر 2025 09:39 ص

سوق الأسهم

سوق الأسهم

نفيسه محمود

ليس كل من يتنبأ بشكل صحيح في سوق الأسهم، يستطيع أن يكون متداول ناجح، ويجني الأرباح، هذه خرافة منتشرة، فالقدرة على التحليل الصحيح لحالة السهم سواء بالارتفاع أو الانخفاض، ليست بالضرورة أن تضمن نجاح المحلل في التداول الفعلي، بل إن أكثرهم يخسرون، على الرغم من صحة تنبؤاتهم.

ولأن سوق الأسهم خادع، لا يكفيه أن تكون بارع في قراءة الأرقام، وفهم التقارير المالية فحسب، بل يجب أن تكون محترف في فهم الحالة النفسية السائدة في السوق، هل يسود الخوف بين المتداولين؟، وهل هناك حالة من الطمع بين المستثمرين؟، وهل توجد قرارات اقتصادية جديدة قد تقلب موازين السوق؟، إجابات هذه الأسئلة مع قراءة الأرقام بشكل صحيح، وضبط النفس وعدم التصرف بناءً على العواطف، هي التي تجعلك في النهاية متداول ناجح، ومحلل بارع أيضًا.

تداول

جون ميريويذر محلل عبقري يتعرض لخسائر فادحة

على سبيل المثال المحلل “ جون ميريويذر”، والذي يعتبر عبقري في تحليل الأسواق المالية، إلا أنه يعتبر أيضًا متداول غير ناجح، فعلى الرغم من كونه بدأ مسيرته العملية في البنوك، وتميز في وضع الاستراتيجيات المالية الناجحة، حتى أنه في الثمانيات، استطاع أن يحقق أرباح خيالية للبنك الذي يعمله به.

إلا أنه في عام 1994، قرر أن يستغل كونه محلل بارع، بأن يبدأ في التداول، فأنشأ صندوق استثمار تحوطي باسم “ لونج تيرم كابيتال مانجمنت” والمعروف بـ صندوق LTCM، ضم إليه مجموعة من أكبر خبراء وول ستريت، حتى أنه ضم إليه أسماء حاصلة على جوائز عالمية، مثل جائزة نوبل، واعتمد الصندوق على استراتيجية “فروقات القيمة النسبية” .

ماهي استراتيجية فروقات القيمة النسبية؟

تعتمد هذه الاستراتيجة على الفروقات الموجودة بين الأوراق المالية سواء أسهم أو سندات أو غيرها، بمعنى، إذا كان هناك شركتين في سوق الأسهم، الشركتين موجودتين في القطاع نفسه، على سبيل المثال شركتين (أ) و (ب) لصناعة الحديد، الشركتان متشابهتين لدرجة أنه من المنطقي أن تكون سعر أسهما متساوية أو حتى متقاربة، ولكن العكس هو ما يحدث، سعر أسهم شركة (أ) ارتفع لمستوى معين، أما الشركة (ب) فسعر أسهمها انخفض، ففي هذه الحالة يكون هناك خلل في السوق.

تأتي صناديق التحوط مثل صندوق جون ميريوذر، لتستغل هذا الخلل، وتبيع أسهم الشركة (أ) التي ارتفعت، وتشتري أسهم الشركة (ب) التي انخفضت، منتظرة حتى يتعادل السوق بأن تنخفض أسهم الشركة (أ)، وترتفع أسعار أسهم الشركة (ب)، لكي تتوازن الأسعار، وهنا يفوز الصندوق بأرباح سريعة نتيجة الفرق بين أسعار الأسهم، نتيجة لتقلبات السوق، بمعنى أوضح، هذه الاستراتيجة تعتمد على أخطاء التسعير في الأصول. 

جون ميريويذر

صندوق جون يراهن على الفروقات السعرية لجني أرباح سريعة

وبالرجوع إلى صندوق تحوط صندوق LTCM، فقد استغل الصندوق الفروق السعرية بين أسهم الشركات المتشابهة، والتي كان يحددها الخبراء المتخصصون من خلال نماذج رياضية معقدة، وبعدها تبدأ عملية التداول من خلال شراء الأسهم المنخفضة، وبيع الأسهم المرتفعة، وهنا أرباح الصندوق تعتمد على التقارب بين السعرين بمرور الزمن، أي أن الصندوق اعتمد على مراهنته على عودة السوق لتوازنه، وهكذا يحقق أرباحه من خلال الفارق بين سعري الشراء والبيع، بعيدًا عن اتجاه السوق العام، سواء ارتفع أو انخفض.

 أزمة روسيا تضرب الصندوق وتكبده خسارة 44% من أموال مستثمريه

وبعد أربع سنوات من إنشاء صندوق LTCM، في عام 1998، حدثت أزمة في السوق، نتيجة للأزمة المالية الروسية، أدت إلى تعرض الصندوق لخسائر كبيرة، حتى أن الفيدرالي الأمريكي بنفسه تدخل لإنقاذه، لكي لا يتأثر النظام المالي العالمي، وبالرجوع للبيانات المالية لعام 1998، نجد أن الصندوق أعلن عن خسارته 44% من أموال مستثمريه، بخسارة قُدرت بـ2.1 مليار دولار، وهو ما جعل 14 بنكًا يخاطرون بالاستثمار في الصندوق بقيمة 3.6 مليار دولار، لإنقاذه تحت رعاية الفيدرالي الأمريكي.

أسهم

 بول تيودور جونز محلل عبقري ومتداول ناجح

تعتبر قصة جون ميريوذر، أكبر مثال على أنه من الممكن أن يفشل أذكى المحللين، وأكثرهم خبره، إذا اعتمدوا فقط على تحليل الأرقام، وتجاهلوا حالة السوق، وعلى عكسه نرى تجربة المحلل “ بول تيودور جونز”، محلل عبقري، ومتداول ناجح، جمع بين القدرة على تحليل الأرقام، وتحليل الأحداث الاقتصادية التي تحوم حول السوق، سواء التضخم أو قرارات السياسة النقدية.

انهيار سوق الأسهم يحقق أرباح 100 مليون دولار في يوم واحد

فمثلًا في عام 1987، تنبأ جونز بانهيار السوق، فبدأ في بيع الأسهم بسرعة، هذا القرار حقق أرباح وصلت إلى 100 مليون دولار في يوم واحد، على الرغم من أن الجميع يخسر، والسوق ينهار. 

ودائمًا ما كان جونز يتبنى استراتيجية المخاطرة بنسب صغيرة من رأس ماله، بحيث لا تزيد نسبة المخاطرة عن 1%، مع تأكده أن الأرباح المتوقعة ستكون أكبر من الخسائر المتوقعة، كما أنه كان يؤمن بأن الحفاظ على رأس المال أهم من الأرباح السريعة.

بول تيودور جونز ملك وول ستريت

هذه التركيبة التي تميز بها جونز، والتي جمعت بين التحليل الفني، والتحليل الشامل، ساهمت في تحقيقه أرباح خيالية، دون الوقوع في فخ اضطرابات السوق، حتى أنه يسمى بـ “ملك وول ستريت”، الذي أسس صندوق تحوط خاص به، من خلال شركة “ تيودور ” للاستثمار، التي حققت أرباح تجاوزت الـ100% في السنوات الخمس الأولى لها، واليوم يعتبر “ بول تيودور جونز ”، واحد من أفضل 3 متداولين في وول ستريت وفقًا لمنصة investopedia.

بول تيودور جونز

ليس بالضرورة كل محلل بارع أن يكون متداول ناجح

وفي النهاية، إن مجرد قدرتك على تحليل الأسهم، لا تعني أنك قادر على جني الأرباح، لأن سوق المال خادع، وحساس جدًا لأي اضطراب أو تغيير مهما كان بسيط في النظام المالي العالمي، وبالتالي فإنه من الضروري أن تدرس الحالة التي تحيط بالسوق، وتراقب القرارات العالمية، واتجاهات البنوك المركزية، حتى لا تقع في فخ الخسائر، كما حدث مع  جون ميريوذر.

اقرأ أيضًا:

كيف يمكن لمستثمر صغير أن يقلب سوق الأسهم ويعرض مؤسسات كبرى لخسائر فادحة؟

1.5 تريليون دولار استثمارات أجنبية مباشرة، من يقود خريطة الاقتصاد الدولي؟

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search