روسيا تعلن انسحابها من اتفاق البلوتونيوم، بداية فصل جديد في سباق التسلح النووي
السبت، 11 أكتوبر 2025 11:58 م
روسيا
ميرنا البكري
ما حدث في موسكو ليس مجرد قرار سياسي، بل تحرك استراتيجي يقلب موازين القوة العالمية، ومجلس النواب الروسي وافق رسميًا على انسحاب روسيا من اتفاقية البلوتونيوم الموقعة مع أمريكا عام 2000، التي كانت هدفها تقليل المخزون من المواد القابلة لصنع الأسلحة النووية.
يأتي هذا القرا في توقيت حساس للغاية، وسط تصاعد التوتر بين واشنطن وموسكو بسبب الحرب في أوكرانيا، والعقوبات الغربية، والتنافس في أسواق الطاقة والذكاء الاصطناعي، ببساطة، روسيا تبعث رسالة واضحة: "اللعبة النووية عادت، ومن يعتقد أن الحرب الباردة انتهت، فقد توهم.

خلفية الاتفاق، عندما كان النووي سلاح وردي السلام
في عام 2000، وقعت كلًا من أمريكا وروسيا اتفاقية هدفها التخلص من 34 طن من البلوتونيوم القابل للاستخدام في الأسلحة لكل دولة، وهي كمية تكفي لتصنيع حوالي 17 ألف رأس نووي.
لكن بمرور الوقت، بدأت هذه الثقة تتآكل، وعلقت روسيا تنفيذ الاتفاق عام 2016 بسبب العقوبات الأمريكية وتوسع حلف الناتو شرقًا، ومع الوقت، غيرت أمريكا قواعد اللعبة حينما بدأت تتخلص من البلوتونيوم بطرق مختلفة عن المتفق عليها.
القرار الروسي، ليس مجرد انسحاب بل رسالة ردع
القرار الذ تم أخذه في أكتوبر 2025 ليس خطوة منفصلة عن المشهد العام، ففي المذكرة التي قدمتها موسكو، أوضحت أن أمريكا "اتخذت إجراءات عدائية تغير التوازن الاستراتيجي، وأن الوضع الأمني الحالي يهدد الاستقرار النووي العالمي.
بمعنى آخر، ترى روسيا أن الوقت ليس وقت لتقليص المخزون النووي، لكن وقت إعادة بناء الردع العسكري في مواجهة ما تعتبره "هيمنة غربية وعداء اقتصادي وسياسي".
مما يتماشى مع استراتيجية بوتين الجديدة التي تركز على استخدام التهديد النووي كأداة ضغط اقتصادي وجيوسياسي خاصةً بعد أن فرضت أمريكا قيود على تصدير التكنولوجيا والطاقة الروسية، وبدأت تحاصرها ماليًا وتجاريًا.
التداعيات الاقتصادية، أسواق الطاقة واليورانيوم على صفيح سخن
انسحاب روسيا من الاتفاقية لا يؤثر على التوازن العسكري فقط،بل سيهز أسواق الطاقة النووية واليورانيوم أيضًا؛ لأن روسيا واحدة من أكبر مصدري الوقود النووي وموردي البلوتونيوم المخصب في العالم.
قد يؤدي القرار إلى ارتفاع أسعار اليورانيوم عالميًا بسبب زيادة المخاوف من استخدام البلوتونيوم في إنتاج رؤوس حربية بدلًا من محطات الطاقة، وزيادة الإنفاق العسكري عالميًا، خاصةً في أمريكا وأوروبا، الذين يضطرون لتعزيز ا مخزونهم الدفاعي، والتأثير الغير مباشر على أمن الطاقة، لأن بعض الدول التي تعتمد على التكنولوجيا النووية الروسية (مثل تركيا ومصر والهند) التي قد تواجه ضغوط سياسية أو اقتصادية جديدة في عقودها مع موسكو.
بذلك، الاقتصاد العالمي مقبل مرحلة جديدة من "التسليح الاقتصادي"، التي أصبحت فيها المواد النووية عملة سياسية تُستخدم في المساومة مثل النفط والغاز.
قراءة في التوقيت، لماذا الآن؟
جاء الانسحاب بعد سلسلة تطورات حساسة، من تدهور العلاقات مع واشنطن بسبب الحرب الأوكرانية، واستمرار العقوبات الغربية التي خنقت قطاعات كاملة في الاقتصاد الروسي، مع تصاعد سباق التسلح بين الصين وأمريكا في المجال النووي، وحالة "التعب الجيوسياسي" في الغرب التي تستغلها موسكو لتأكيد أنها لازالت لاعب رئيسي ليس من الممكن تهميشه.
ببساطة، القرار الروسي ليس اندفاع، لكنه خطوة محسوبة تعيد رسم قواعد الردع بين القوى الكبرى، حيث تقول روسيا للعالم إذا تمت محاصرتي بالعقوبات، فلدي ورقة أقوى وهي البلوتونيوم.
توقعات، سباق تسلح جديد أم مناورة تفاوضية؟
في المدى القصير، القرار سيثير توتر في الأسواق الأمنية والنووية، وسيزود الضغط على مؤسسات الطاقة العالمية، لكن في المدى المتوسط، هناك احتمالين إما سباق تسلح جديد، وبالتالي قد ترد أمريكا وحلف الناتو بزيادة الإنفاق العسكري وتحديث الترسانة النووية، مما يعني أن الععالم مقبل على موجة تضخم عسكري ترفع الإنفاق العام وتضغط على ميزانيات الدول.
أو مناورة سياسية، فقد تستخدم روسيا القرار كورقة ضغط في مفاوضات مستقبلية حول أوكرانيا أو رفع العقوبات، أي الانسحاب ليس نهاية اللعبة، لكنه جزء من التفاوض على قواعد جديدة للعالم ما بعد الحرب.
العالم يعود للخلف، لكن بأسلحة أغلى
انسحاب روسيا من اتفاقية البلوتونيوم إشارة النهاية الرسمية لحقبة ضبط النفس النووي التي بدأت بعد الحرب الباردة، والكرة الأرضية مقبلة على مرحلة بها التهديد النووي ليس مجرد خطر عسكري، لكنه عامل اقتصادي مؤثر على أسعار الطاقة، واستقرار الأسواق، ومستقبل الاستثمار، والرسالة الروسية واضحة، لن نتخلص من البلوتونيوم، طالما أمريكا لا تتخلص من أعدائها.
وفي عالم الاقتصاد والسياسة، لا تُقال هذه الرسائل بالحديث، بل بأطنان من البلوتونيوم، وبعقود تسليح بمليارات الدولارات.
اقرأ أيضًا:-
ترامب: هدفنا كان تدمير قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم
بعد الضغوط الأوروبية على روسيا.. هل نشهد عسكرة كاملة لاقتصادها؟

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
سوق العطور المصري بـ935 مليون دولار، هل يستمر النمو بينما ينهار الياسمين في الدلتا؟
25 نوفمبر 2025 01:00 م
هالاند ومبابي يقلبان هرم الأرباح، ورونالدو وميسي يتراجعان عن القمة
25 نوفمبر 2025 09:07 ص
5 أسباب تجعل سوق العقارات التجارية في مصر 2025 فرصة لا تُفوت
24 نوفمبر 2025 05:10 م
أكثر الكلمات انتشاراً