قبل ظهورها بعشرين عامًا، Delphi-2M نظام ذكاء اصطناعي يتنبأ بأمراض الإنسان

الثلاثاء، 07 أكتوبر 2025 08:08 ص

الذكاء الاصطناعي

محمد السيد

كشف فريق بحثي عن تطوير نظام ذكاء اصطناعي جديد قادر على التنبؤ بخطر الإصابة بأكثر من ألف مرض قبل ظهور أي أعراض بعشرين عامًا، والنظام الذي أطلق عليه اسم “Delphi-2M” أثبت قدرات مدهشة، إذ وصلت دقته في التنبؤات القصيرة المدى إلى نحو 76%، بينما بلغت 70% تقريبًا في التوقعات البعيدة، ما يجعله أداة فريدة قادرة على تقديم نظرة استباقية شاملة لصحة الإنسان.

تحويل السجلات الطبية والتشخيصات إلى رموز رقمية

ووفقًا لما نشرته مجلة Nature، يعتمد النظام على تقنية مشابهة لتلك التي تستخدمها النماذج اللغوية الكبيرة مثل ChatGPT، لكن بدلًا من تحليل الكلمات، يقوم بتحويل السجلات الطبية والتشخيصات إلى رموز رقمية يقرأها ويتنبأ من خلالها بالمرض المحتمل القادم وموعد ظهوره، وتُظهر هذه المقاربة كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يفهم التسلسل الزمني للحالة الصحية للمريض كما يفهم نموذج لغوي النصوص المتتابعة.

أداة ذات إمكانات غير مسبوقة

ولتوضيح قدراته العملية، أشارت الدراسة إلى مثال لرجل في الستين من عمره يعاني من السكري وارتفاع ضغط الدم، حيث توقع النظام أن احتمال إصابته بسرطان البنكرياس يزيد بنحو 19 ضعفًا عن المعدل الطبيعي، وأن خطر وفاته في حال الإصابة قد يكون أعلى بما يصل إلى 10 آلاف مرة مقارنة بشخص سليم، وهذه الدقة العالية تجعل من “Delphi-2M” أداة ذات إمكانات غير مسبوقة في توقع المخاطر الصحية.

التنبؤ بعدة أمراض في الوقت نفسه

النظام يعتمد على بنية المحوّلات (Transformers) لتحليل الرموز الطبية إلى جانب بيانات نمط الحياة كالتدخين ومؤشر كتلة الجسم والعوامل الديموغرافية، ليقدم نتائج دقيقة ومتكاملة، وقد أظهر أداءً مقاربًا لأدوات تنبؤية معروفة مثل AutoPrognosis وQRisk3 وUKBDRS، غير أنه يتميز عنها بقدرته على التنبؤ بعدة أمراض في الوقت نفسه، بدلًا من الاقتصار على مرض واحد.

صعوبة في التعامل مع الأمراض النادرة

ورغم هذه النتائج المشجعة، لا يخلو النظام من تحديات، إذ تتراجع دقته في التنبؤ طويل المدى إلى نحو 60 إلى 70%، كما يواجه صعوبة في التعامل مع الأمراض النادرة أو البيئية نظرًا لاعتماده على بيانات من البنك الحيوي البريطاني فقط، لذلك يؤكد الباحثون أهمية توسيع التجارب لتشمل مجموعات سكانية متعددة قبل اعتماده عالميًا.

أنظمة الرعاية الصحية الإلكترونية

ويُنظر إلى “Delphi-2M” كأحد أكثر الابتكارات الطبية الواعدة في السنوات الأخيرة، إذ قد يغيّر جذريًا مفهوم الطب من “العلاج بعد الإصابة” إلى “الوقاية قبل المرض”، من خلال تمكين الأطباء من تحديد المرضى الأكثر عرضة للخطر ووضع استراتيجيات علاجية ووقائية مبكرة، كما أن دمجه في أنظمة الرعاية الصحية الإلكترونية قد يفتح الباب أمام متابعة صحية دائمة وتحديث مستمر للبيانات، مما يجعله خطوة حقيقية نحو مستقبل يعتمد على التنبؤ الذكي بصحة الإنسان.