الأحد، 05 أكتوبر 2025

05:34 م

بيع انبعاثات الكربون تربح 1.5 تريليون دولار، كيف تحول تلوث المناخ لتجارة رائجة؟

الأحد، 05 أكتوبر 2025 03:17 م

تجارة الكربون

تجارة الكربون

نفيسه محمود

من الأمور الصادمة في عالم الاقتصاد الحديث، هو قدرة الشركات على تحويل كارثة تهدد حياة ملايين الأشخاص، إلى مصدر لربح مليارات الدولارات، منها بيع الانبعاثات الكربونية، حتى إن هذه التجارة أصبحت سوقًا من أسرع الأسواق نموًا في العصر الحديث.

وفي تقارير للبنك الدولي تعود للعام الماضي، قدرت خسائر الدول الإفريقية من تقلبات المناخ الحادة مثل الجفاف والفيضانات، مابين 3-5% من الناتج المحلي الإجمالي، ويؤكد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، أن اضطرابات المناخ تسبب خسائر زراعية سنوية تتجاوز الـ400 مليار دولار، وقد رصدت منظمة الصحة العالمية، وفاة أكثر من مليوني شخص منذ عام 2000، بسبب تغيرات المناخ، وقد أكدت المنظمة أن غالبية حالات الوفاة المذكورة كانت في دول فقيرة تعاني من ضعف بنيتها التحتية.

تجارة التلوث

أرباح خيالية تتجاوز الـ1.5 تريليون دولار مصدرها الكوارث المناخية

وعلى الجانب الآخر، نجد مستفيدين من هذه الكوارث المناخية، فشركات الطاقة التقليدية كشركات النفط العالمية مثل أرامكو، وأكسون موبيل، وشل، قد حققت أرباحًا خيالية تجاوزت الـ1.5 تريليون دولار في خلال العامين الماضيين، بالتحديد في الفترة من 2022 وحتى عام 2024.

الشركات المتسببة للتلوث هي من تبيع حق التلوث

وأشار صندوق الدفاع البيئي "EDF" المتخصص في قضايا البيئة، أن هذه الأرباح، تأتي غالبيتها من بيع هذه الشركات لأرصدة انبعاثاتها كمنتجات، أي أن الشركات المتسببة للتلوث هي نفسها من تبيع حق التلوث، بمعنى، بعض الدول أصدرت قوانين لمحاربة التلوث البيئي الذي ينتج عنه تغيرات وكوارث مناخية، هذه القوانين تنص على أن كل شركة لديها كمية محددة من انبعاثات الكربون، مصرح لها قانونيًا بأن تطلقها في الجو، وتمنح الحكومات تصريح يتضمن كمية الرصيد المتاحة لهذه الشركات، ونأتي للسؤال الأهم، ماذا يحدث إذا لم تستنفذ الشركات رصيدها الكامل؟

 الانبعاثات الملوثة للبيئة تتحول إلى سلعة قابلة للتداول

وتحولت الانبعاثات الملوثة للبيئة إلى سلعة قابلة للتداول، تجني مليارات الدولارات من الأرباح، ووفقًا لتقرير صادر عن بلومبرج، صادر في عام 2024، فقد بلغ حجم تجارة الكربون العالمية، أو المعروقة باسم “ تجارة التلوث” حوالي 900 مليار دولار، وأكثر من 80% من هذه التجارة مصدرها الدول الأوروبية بفضل وجود نظام تداول الانبعاثات.

وفي تقرير tate and Trends of Carbon Pricing 2024، الصادر عن البنك الدولي، فإن هناك أكثر من 73 دولة، تطبق قانون تسعير انبعاثات الكربون أو تخطط لإصداره، وهو ما يساعد على نمو تجارة الكربون، وتحويلها لتجارة بأرباح خيالية

تجارة الكربون

القيمة السوقية لشركات الطاقة المتجددة تتجاوز  الـ5 تريليونات دولار

ووفقًا لوكالة الطاقة الدولية، فعلى الرغم من نمو تجارة الكربون، فبجانبها ارتفعت القيمة السوقية لشركات الطاقة المتجددة متجاوزة الـ5 تريليونات دولار، باستثمارات سنوية وصلت إلى تريليوني دولار في العام الجاري 2025، وتتصدر الشركات مثل تسلا (Tesla) ونيكست إنرجي (NextEra Energy) في الولايات المتحدة، ولونجي (LONGi) وبي واي دي (BYD) في الصين، سوق الطاقة النظيفة بأرباح قياسية مدفوعة بزيادة الطلب العالمي.

الدول الصناعية هي المتسببة في 80% من الانبعاثات التاريخية

وصرحت  الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، أن الدول المتصدرة للمشهد الصناعي، هي المسؤولة عن 80% من الانبعاثات التاريخية، التي أثرت على المناخ، وهذه الدول أيضًا على 80% من أرباح تجارة الكربون، وفي المقابل تحصل الدول الفقيرة على أقل من 5% من التمويل الأخضر العالمي، ويتم تخصيص 50 مليار دولار فقط سنويًا، لمشروعات المناخ في الجنوب العالمي، أي حوالي نصف ما تم الاتفاق عليه في قمة كوبنهاجن عام 2009.

لايوجد سوق عالمي لتجارة الكربون

لايوجد سوق عالمي لتجارة الكربون، ولكن هناك دول أنشأت أسواقها الخاصة، فعلى سبيل المثال، تدير كاليفورنيا سوقًا خاصًا لتداول أرصدة الكربون، وتحديد كمية الانبعاثات، وأطلقت الصين برنامج وطني متخصص في تنظيم تداول أرصدة الكربون في يوليو 2021، ومن المخطط أن تصبح الصين أكبر سوق للكربون في العالم بحلول 2060، كما يوجد نظام تداول أرصدة انبعاثات الكربون تابع للاتحاد الأوروبي، وهو سوق رئيسي يعتبر معيار معتمد لتجارة الكربون.

ومتاح بيع أرصدة انبعاثات الكربون في أسواق مختلفة، بعضها دولي، وبعضها على مستوى الدولة، وبعضها على مستوى الولاية أو المستوى المحلي مثل نظام الحد الأقصى والتجارة في كاليفورنيا، كما توجد العديد من البورصات الإقليمية لتداول الكربون، على سبيل المثال، بورصة Xpansiv CBL، ومقرها نيويورك، وبورصة AirCarbon، ومقرها سنغافورة، ولكن أكبر هذه البورصات، هي بورصة شنجهاي للبيئة والطاقة التي افتتحت في عام 2021.
 

تجارة التلوث

 تجارة الكربون وتغير المناخ

تعتبر تجارة الكربون طريقة فعالة من حيث التكلفة لمعالجة تغير المناخ،  فبدلًا من فرض قيود صارمة على الجميع، يكون هناك بعض المرونة بين الشركات، بحيث تستفيد من هذه التجارة، وتقلل تكاليف مكافحة التلوث.

وهي تساعد على تحفيز الشركات على الاستثمار في التقنيات النظيفة وموارد الطاقة، فبتحويل انبعاثات الكربون لمنتج قابل للبيع، ستشجع الشكات على الاستثمار في طرق نظيفة لتقليل رصيد الكربون المستهلك.

وهذه التجارة تعتبر مصدر دخل للحكومات، مما يخلق أموالاً للمشاريع العامة بما في ذلك التقنيات النظيفة، فالحكومات يمكنها عرض أرصدة لهذه الانبعاثات في مزادات، بحيث تستطيع الشركات شراءها، وبالتالي تجني الحكومات مزيد من الإيرادات التي ستستخدمها فيما بعد، في تطوير التقنيات الصديقة للبيسة.

وهي وسيلة لأسماء وفضح الشركات التي تتسبب في المزيد من التلوث، لأن الشركات التي يزيد حجم انبعاثاتها، أو تتعمد مواصلة شراء حصص أكبر من الحكومات أو الشركات، ستتعرض في الغالب لضغوط اجتماعية، وإعلامية، وهو ما سيساهم في تشويه سمعتها، وفي النهاية ستضطر إلى تغيير سلوكها.

ما هي سلبيات تجارة الكربون؟

قد لا تشجع تجارة الكربون، الشركات على تقليل التلوثات الناتجة عنها، لأنه إذا كانت الحصص المحددة لكل شركة مرتفعة جدًا، أو منخفضة جدًا، لأن ففي هذه الحالة ستجد الشركة أنه من الأرخص أن تكمل سلسلة انبعاثاتها الكربونية، بدلًا من الاستثمار في تقنيات أنظف باهظة الثمن.

بجانب أنه لا تتوفر أنظمة مراقبة صارمة، مما يعني أن الشركات قد تغش في تقارير الانبعاثات الخاصة بها حتى تتجنب الغرامات أو المسائلة القانونية، فقد تصدر الشركات تقارير مزيفة، تشير إلى انخفاض انبعاثاتها، ولكن الحقيقة عكس هذا.

ولايوجد نظام موحد عالمي لتجارة الكربون، فبعض الدول لديها أنظمة قوية وأخرى ضعيفة، وعدد لا بأس من الدول ليس لديه أي أنظمة لتجارة الكربون.

المتاجرة في انبعاثات الكربون

اقرأ أيضًا:

غسل أموال بـ100 مليار جنيه إسترليني، الفساد يتفشى داخل لندن وما خفي كان أعظم

1.5 تريليون دولار خسائر متوقعة إذا اندلعت حرب بين روسيا وأوروبا، تفاصيل

تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــن

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search