الجمعة، 03 أكتوبر 2025

11:44 م

"الطائرات بدون طيار"، من أحلام التوصيل التجاري إلى واقع أمني متسارع

الجمعة، 03 أكتوبر 2025 08:58 م

المسيرات الشرطية

المسيرات الشرطية

حين أعلنت شركات مثل أمازون Amazon وفيديكس FedEx، عن نيتها استخدام الطائرات المسيرة لتوصيل الطرود، بدا وكأننا نقترب من عصر الخيال العلمي، حيث تحلق الطرود إلى عتبة منازلنا في دقائق، إلا أن الحلم التجاري هذا اصطدم مبكرًا بجدار من التحديات التقنية والاقتصادية، التي قللت من جدوى الفكرة.

فالمسيرات التجارية، رغم سرعتها الظاهرية، تعاني من قيود حمولة صارمة، وحساسية مفرطة للظروف الجوية، وتعقيد لوجستي كبير عند نقطة التسليم النهائية، وحتى الآن، لم تستطع هذه المسيرات مجاراة الكفاءة العالية لسائقي التوصيل الذين ينجزون مئات المهام يوميًا.

مسيرات لتوصيل الطرود

تعثر المسيرات في قطاع التوصيل

لكن بينما تتعثر المسيرات في قطاع التوصيل، تظهر لها ساحة أخرى أكثر نضجًا وأعمق تأثيرًا، فالعمل الشرطي والاستجابة للطوارئ، وفي هذا المجال، تتحول المسيرات إلى أدوات متعددة الاستخدام، قادرة على تقديم تغطية جوية لحظية لمواقع الجريمة، وتعقب المشتبه بهم، وتقديم الدعم في عمليات الإنقاذ، بل وحتى الدخول إلى المباني الضيقة أو المحترقة، لتحديد أماكن الأشخاص.

والأهم من ذلك أن هذه التطبيقات، لا تتطلب حمولة ثقيلة ولا دقة في التسليم، بل تعتمد على السرعة، والرؤية، والقدرة على الوصول إلى أماكن خطرة وهي عوامل تجيد المسيرات التعامل معها بكفاءة عالية، وبتكلفة متدنية مقارنة بالطائرات العمودية.

اقرأ أيضًا:-

الطائرات المسيّرة.. البرمجيات تقود العالم نحو مستقبل حربي غامض

 

المسيرات الشرطية.. اقتصاديات أكثر منطقية وجدوى أعلى من القطاع الخاص

وفي القطاع الشرطي، لا تستخدم المسيرات كمجرد أدوات، بل كجزء من منظومة متكاملة، لتحسين سرعة الاستجابة وكفاءة القرار، والمثال الأوضح على ذلك، هو ما يحدث في شرطة لاس فيجاس، التي تحولت إلى واحدة من أكثر الجهات العامة تطورًا في استخدام المسيرات. 

فمن خلال برنامج السماء الزرقاء، أصبحت الشرطة قادرة على تشغيل أسطول يضم 75 مسيرة، بل وتم ترخيص طيار واحد لتشغيل 4 مسيرات في الوقت نفسه، وهو تحول جذري في مفاهيم إدارة القوى العاملة في أجهزة الطوارئ.

وبالعودة إلى الجانب الاقتصادي، فإن تكلفة تشغيل هذه الأنظمة، أقل بكثير من تشغيل طائرات مروحية تقليدية أو نشر فرق أرضية موسعة، خصوصًا أن المسيرات قادرة على التوجيه الذاتي، والعودة إلى محطاتها بدون تدخل بشري مباشر.

مسيرات شرطية

 

تركيب منصات جوية ثابتة في أنحاء المدينة

الأهم أن تركيب منصات جوية ثابتة في أنحاء المدينة، يسمح بإطلاق المسيرات خلال ثواني من تلقي البلاغ، ما يقلص وقت الاستجابة، ويعزز فرص إنقاذ الأرواح، أو القبض على المشتبه بهم بدون الحاجة إلى مطاردات خطيرة، ومن وجهة نظر الميزانيات العامة، فإن استثمار المدن في هذا النوع من التكنولوجيا، يحقق عائدًا مضاعفًا، ويقلل الكلفة التشغيلية من جهة، ويزيد فعالية أجهزة الأمن من جهة أخرى. 

وبينما قد لا تجد شركات التوصيل جدوى في استخدام المسيرات بسبب التحديات اللوجستية، فإن إدارات الشرطة لديها مبررات قوية ومباشرة للاستثمار فيها، خاصة إذا أُرفق ذلك بسياسات شفافة تراعي الخصوصية، وتكسب ثقة الجمهور.

مسيرات شرطية

 

الخصوصية والسلوك الرقمي.. التحدي الحقيقي أمام التوسع الشرطي

لكن مع كل هذا التقدم التكنولوجي، يطرح سؤال أساسي لا يمكن تجاهله، أين تنتهي حدود التكنولوجيا وتبدأ حدود الخصوصية؟ 

منظمات مثل الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية ومؤسسة الحدود الإلكترونية، لا تخفي قلقها من أن تتحول المسيرات الشرطية إلى أداة مراقبة جماعية، تجمع بيانات غير ضرورية وتستخدمها خارج سياق الطوارئ، وإذا لم تحط هذه الأنظمة بقواعد واضحة ورقابة صارمة، فقد تتحول سريعًا من أدوات إنقاذ، إلى آليات رقابة شاملة، خاصة مع قدرات المسيرات على جمع فيديو وصوت وبيانات حرارية في الوقت الفعلي.

وتدرك بعض الإدارات هذا الخطر جيدًا، فشرطة لاس فيغاس، على سبيل المثال، وضعت سياسات تضمن تشغيل المسيرات فقط، بناءً على بلاغات نشطة، مع توجيه الكاميرات للأعلى خلال التحليق، وعدم تخزين البيانات غير الضرورية.

كما زودت المسيرات بأضواء تنبيه واضحة ومظلات طوارئ، في محاولة لتقليل أثرها السلبي وزيادة شفافيتها، ورغم هذه الإجراءات، فإن بناء الثقة مع الجمهور، يظل عملية مستمرة تتطلب التحديث الدائم للضوابط والآليات، وربما تدقيقًا مستقلًا للبيانات، كما تطالب به منظمات الدفاع عن الخصوصية.

اقرأ أيضًا:-

سور الصين العظيم، خطة الدفاع الصينية لمواجهة المسيرات الحربية

مستقبل المسيرات.. من السماء إلى الداخل

الجيل القادم من المسيرات الشرطيةن لا يقتصر على التحليق في الهواء الطلق فقط، بل يمتد إلى البيئات الداخلية المعقدة، حيث تطور شركات مثل "سكايديو" مسيرات صغيرة الحجم، قادرة على المناورة داخل المنازل والمباني، وهو ما يفتح الباب أمام استخدامات جديدة في تنفيذ أوامر التفتيش أو حالات الإنقاذ داخل المنشآت المغلقة. 

كما تعمل الشركة على نماذج مزودة بأجنحة، يمكنها التحليق لمسافات طويلة، وتطلق من منصات آلية بدون تدخل بشري مباشر، وهو ما قد يلغي الحاجة إلى مطاردات أرضية عالية الخطورة.

ومع تسارع تطور هذه التقنيات، تزداد الحاجة إلى تشريعات واضحة، توازن بين الكفاءة الأمنية والحقوق المدنية، فالمسيرات إذا أُسيء استخدامها، قد تتحول إلى أداة قمع ومراقبة مزعجة، لكن إذا حكم استخدامها بالشفافية والضوابط القانونية، فإنها قد تحدث ثورة في كيفية تعامل الحكومات مع الأمن العام والاستجابة للأزمات.

مسيرات شرطية

 

التحول الذكي يبدأ من السماء.. ولكن بشروط

فالمسيرات ليست مجرد أدوات طيران ذكية، بل هي رموز لتحول أعمق في البنية التحتية للأمن والخدمات العامة، وبينما يتراجع الزخم التجاري حول توصيل الطرود، تتقدم المسيرات لتحتل مكانها كأدوات استجابة أولى في المدن الذكية.

فالتحدي الآن لا يكمن في القدرات التقنية التي تتطور بسرعة، بل في القدرة على تطوير أطر قانونية وأخلاقية تضمن أن يظل استخدامها في حدود المصلحة العامة، دون أن يتحول إلى مراقبة مفرطة، أو انتهاك لخصوصية الأفراد.

ولعل المفارقة الكبرى أن الطائرات الصغيرة، التي كانت تروج لتوصيل القهوة والبيتزا، وجدت مستقبلها الحقيقي في ملاحقة الجريمة وإنقاذ الأرواح، وبين السماء والواقع، يبدو أن الاستخدام الأمني، هو من سيحدد مستقبل هذه التكنولوجيا، لا قطاع التجارة.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search