الاقتصاد الأمريكي، كيف يواصل العزف رغم كل العواصف؟

الإثنين، 29 سبتمبر 2025 07:15 ص

الاقتصاد الأمريكي

رغم كل التحديات والمخاوف التي تحيط بالاقتصاد الأمريكي، لا يبدو أن هناك من يستطيع قتل هذا الاقتصاد العملاق بسهولة، وبرغم التقييمات السلبية، يبقى إنفاق المستهلكين الأمريكيين دافعًا قويًا يدفع الاقتصاد إلى الاستمرار في النمو، حتى في ظل ظروف تبدو عكس ذلك.

الإنفاق الاستهلاكي.. محرك الاقتصاد المستمر

ذكرت وزارة التجارة الأمريكية مؤخرًا أن الإنفاق الاستهلاكي ارتفع بنسبة 0.6% في أغسطس، وهي نسبة تفوق توقعات معظم الاقتصاديين.

لم يكن هذا التقرير استثناءً، فقد سجلت مبيعات التجزئة زيادة مماثلة، كما أن أرباح الشركات ومبيعاتها ظلت قوية في الربع الأخير، ما يشير إلى استمرار تدفق الأموال في السوق.

في نفس الوقت، نما الناتج المحلي الإجمالي بوتيرة أسرع في الربع الثاني من العام، وهو ما يعكس قوة استهلاك الأسر الأمريكية، رغم المؤشرات السلبية على صعيد الشعور الاقتصادي للمستهلكين.

الشعور الاقتصادي.. تعاسة رغم الأرقام الإيجابية

رغم هذه المؤشرات الإيجابية، يعاني الاقتصاد الأمريكي من تراجع حاد في مؤشر ثقة المستهلكين، الذي وصل إلى أدنى مستوياته منذ عقود، وفقًا لجامعة ميشيجان.

هذا الشعور السلبي مرتبط بارتفاع الأسعار، حيث وصل معدل التضخم السنوي إلى 2.9% في أغسطس، وهو الأعلى منذ بداية العام.

ولا تساعد سياسات التعريفات الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب على تحسين الوضع، بل تسببت في رفع التكاليف على الشركات وبالتالي على المستهلكين، على سبيل المثال، التعريفات الجديدة على الأدوية والأثاث والمركبات أدت إلى زيادة الأسعار، مما يزيد من العبء على المستهلكين.

سوق العمل.. إشارة تحذيرية في الأفق

يأتي التوقف في التوظيف كعامل سلبي آخر يؤثر على الاقتصاد، حيث شهد يونيو أول فقدان للوظائف منذ ديسمبر 2020، وهو مؤشر قد يعكس بداية تباطؤ اقتصادي محتمل.

ارتفاع معدلات البطالة بين الفئات المهمشة، مثل الأمريكيين من أصول أفريقية، قد يشير إلى مخاطر أوسع في سوق العمل.

تباطؤ «الاقتصاد الأمريكي» وارتفاع البطالة رغم وعود ترامب بالازدهار

الاقتصاد الغامض.. ظاهرة "الفيبيسيشن"

في السنوات الأخيرة، برز مصطلح "فيبيسيشن" (vibecession) لوصف حالة الاقتصاد الأمريكي الذي يعاني من شعور سلبي قوي رغم أرقام قوية نسبيًا.

هذه الظاهرة تعود إلى أن الأمريكيين استمروا في الإنفاق مدعومين بمدخراتهم التي تراكمت خلال فترة الجائحة، رغم التحديات الاقتصادية.

كما أن هناك انقسامًا واضحًا في توزيع الثروة، حيث يستمر الأغنياء في الإنفاق بينما يعاني أصحاب الدخل المحدود، وهو ما يسمى بـ"اقتصاد على شكل حرف K"، هذا الانقسام يدعم الاقتصاد الكلي ولكنه يخفي تباينات اجتماعية عميقة.

المخاطر المستقبلية.. هل تنكسر سلسلة الإنفاق؟

على الرغم من هذا التفاؤل النسبي، هناك العديد من التهديدات التي قد توقف هذا الزخم الاقتصادي:

تراجع التوظيف: استمرار تباطؤ التوظيف قد يحول إلى موجة تسريحات، ما يضرب الإنفاق الاستهلاكي.

أزمة ثقة المستهلك: انخفاض معنويات المستهلكين قد يدفعهم لتقليل الإنفاق مستقبلاً.

تزايد الديون الشخصية: ارتفاع الاعتماد على بطاقات الائتمان وقروض "اشتر الآن وادفع لاحقًا" يهدد الاستقرار المالي للأسر.

فصل الحكومة عن الوظائف: الخطر القادم من احتمالية إغلاق الحكومة أو تقليص العمالة الحكومية قد يزيد من الضغوط على الاقتصاد.

الأسواق المالية: البورصات الأمريكية عند مستويات قياسية قد تكون مبالغ فيها بسبب المضاربات المرتبطة بالتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، ما يجعلها عرضة لانهيار مفاجئ.

التعريفات الجمركية: استمرار وتيرة فرض التعريفات الجمركية يزيد من تكلفة الإنتاج وقد يدفع الشركات إلى رفع الأسعار، مما ينعكس سلباً على التضخم.

سنوات الاختبار، هل يصمد الاقتصاد الأمريكي أمام ضغوط التضخم وسوق العمل؟

الاقتصاد الأمريكي كلاعبًا محترفًا

الاقتصاد الأمريكي اليوم يشبه إلى حد كبير لاعبًا محترفًا في مباراة صعبة، يواجه هجمات متكررة من كل الجهات، لكنه ينجح في الحفاظ على توازنه بفضل استقرار إنفاق المستهلكين، والدعم من الفئات الأعلى دخلاً، وبنية اقتصادية متنوعة ومرنة.

لكن، يبقى السؤال: هل يستطيع هذا الاقتصاد الاستمرار في العزف على إيقاع غير مستقر؟ أم أن العوامل السلبية المتراكمة ستجبره في النهاية على التوقف أو التراجع؟

حتى اللحظة، لا يمكن لأحد أن ينكر أن الاقتصاد الأمريكي يواصل دفع العربة إلى الأمام، رغم كل التحديات التي تحيط به.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.