الإثنين، 29 سبتمبر 2025

08:34 م

إعادة شراء الأسهم، خطوة لتعزيز القيمة أم خدعة لإخفاء الضعف؟

الإثنين، 29 سبتمبر 2025 06:59 م

إعادة شراء الأسهم

إعادة شراء الأسهم

في عالم المال والأعمال، قد تكون الأرقام صادقة، لكنها لا تتحدث وحدها، فعندما تعلن شركة بحجم مايكروسوفت عن برنامج لإعادة شراء أسهم بقيمة 60 مليار دولار، لا يمر الخبر مرور الكرام. 

وخلف هذا الرقم الكبير، قصة أكبر، هل تحمي هذه الخطوة حقوق المساهمين، أم أنها ببساطة مكافأة غير معلنة للإدارة التنفيذية؟

مايكروسوفت 

مايكروسوفت ليست وحدها، بل معها تي-موبايل، وجنرال موتورز، ويورونكس، وفريزينيوس وميديكال كير، ومرسيدس-بنز، كلها دخلت على خط إعادة شراء الأسهم خلال العام الماضي، في موجة عالمية تذكرنا بفترات الطفرة النقدية السابقة، حين تجاوز إنفاق شركات مؤشر S&P 500 على إعادة الشراء 3 تريليونات دولار خلال خمس سنوات فقط 2018–2022.

فما الذي يدفع هذه الشركات إلى تقليص عدد أسهمها؟ وهل المستفيد الحقيقي هو المستثمر البسيط، أم كبار التنفيذيين؟

مفهوم يبدو بسيطًا.. لكن

إعادة شراء الأسهم، أو ما يعرف بالإنجليزية بـ Share Buybacks، هو ببساطة قيام الشركة بشراء جزء من أسهمها المطروحة في السوق، إما لإلغائها أو للاحتفاظ بها كجزء من هيكل رأس المال. 

النتيجة المباشرة؟ انخفاض في عدد الأسهم المتداولة، ما يعني ارتفاعًا في ربحية السهم EPS، وهو مؤشر شديد الأهمية في تقييم أداء الشركات.

لكن خلف هذا التبسيط، تقف حسابات معقدة بين رغبة الشركات في رفع القيمة السوقية، وإشارات خفية توجهها إلى السوق: "نحن نثق بأنفسنا.. وسهمنا أقل من قيمته الحقيقية".

الأسواق المالية

وجهة نظر المستثمر.. أداة لحماية القيمة

من منظور المستثمرين، تبدو إعادة شراء الأسهم خطوة إيجابية، على الأقل في ظاهرها، الشركات التي تعلن عن إعادة شراء أسهمها غالبًا ما توحي بأنها:

  • تتمتع بفوائض نقدية لا تجد فيها فرصة أفضل من إعادة استثمارها في نفسها.
  • ترى أن أسهمها مقومة بأقل من قيمتها، فتشتريها بثقة، ما يعزز ثقة السوق بشكل عام.
  • تفضل استخدام السيولة لرفع قيمة السهم بدلًا من توزيعها نقدًا، ما يمنح مرونة ضريبية لبعض المستثمرين.

إضافة إلى ذلك، توفر عمليات الشراء دعمًا للسعر، وتقلل من تقلبات السوق في أوقات الأزمات، ووجود الشركة كمشتري دائم لسهمها يخلق نوعًا من الاستقرار الاصطناعي، لكنه يظل مطمئنًا لكثير من المستثمرين.

اقرأ أيضًا:

وول ستريت تتذبذب مع بدء العد التنازلي لقرب قرار الفيدرالي الأمريكي

وجهة نظر المنتقدين.. مكافأة غير مباشرة للإدارة

لكن القصة لا تخلو من الجدل، فالنظام التحفيزي في العديد من الشركات، خصوصًا في الولايات المتحدة، يربط المكافآت والحوافز بربحية السهم أو سعر السهم في السوق.

وهنا تكمن الإشكالية، عبر تقليص عدد الأسهم، ترتفع ربحية السهم حتى لو لم تتم الأرباح فعليًا، وبالتالي، يمكن للإدارة تحقيق أهدافها التحفيزية على الورق، دون إحداث أي تحسن حقيقي في أداء الشركة.

ليس هذا فحسب، بل يرى بعض المحللين أن الأموال التي تخصص لإعادة الشراء قد تهدر على حساب استثمارات طويلة الأمد، مثل البحث والتطوير، أو الدخول إلى أسواق جديدة، أو حتى تحسين بيئة العمل.

مؤشر S&P 500

أرقام وحقائق من أرض الواقع

أعلنت جنرال موتورز في فبراير 2025 عن إعادة شراء بقيمة 6 مليارات دولار، إلى جانب رفع توزيعات الأرباح بنسبة 25%.

  • تي-موبايل خصصت 14 مليار دولار لبرنامج إعادة شراء يمتد حتى نهاية 2025.
  • يورونكس أكملت إعادة شراء بـ300 مليون يورو خلال أقل من خمسة أشهر.
  • مرسيدس-بنز أعادت شراء ما قيمته 6.8 مليار يورو، وألغت جزءًا منها في خطوة لخفض عدد الأسهم المتداولة.

وتشير البيانات إلى أن ما كان في الماضي مجرد أداة تمويلية جانبية، أصبح اليوم جزءًا أساسيًا من استراتيجية الشركات الكبرى لإدارة رأسمالها.

اقرأ أيضًا:

عمالقة التقنية وسوق السندات، الذكاء الاصطناعي يشعل سباق التمويل

بين الفاعلية وسوء الاستخدام

التحليل العقلاني يقود إلى نتيجة واحدة، إعادة شراء الأسهم ليست ممارسة سيئة بحد ذاتها، لكنها سلاح ذو حدين.

فإذا نفذت بشفافية، وتحت رقابة فعالة، وفي ظل إدارة توازن بين أهداف المدى القصير والمستقبل البعيد، فإنها قد تكون من أفضل وسائل حماية المستثمرين وتعزيز قيمة السهم.

لكن إذا تحولت إلى وسيلة لتحقيق مكاسب شخصية مؤقتة، أو وسيلة لتحسين مؤشرات مالية "ورقية"، فإنها تفقد معناها، وتتحول إلى خطر خفي على مصالح المساهمين.

سوق الأسهم

من يراقب؟

يبقى السؤال الأهم، من يراقب؟ في بيئة من الحوكمة الرشيدة، تكون إعادة الشراء أداة فعالة من أدوات إدارة القيمة، أما في غياب الشفافية والمساءلة، فإنها تصبح وسيلة لتجميل الأداء وتحقيق مكاسب خاصة على حساب النمو المستدام.

الكرة إذًا في ملعب المشرعين، والمستثمرين، ومجالس الإدارات، لضمان أن تبقى هذه الأداة المالية في إطارها الصحيح، وألا تتحول من وسيلة للحماية إلى وسيلة للتحايل.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ“أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية”، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search