خبراء لـ"إيجي إن": قطاع الاتصالات يشكل ملامح الاقتصاد الرقمي

الأربعاء، 24 سبتمبر 2025 03:52 م

صناعة التعهيد

محمد السيد

يشهد قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، طفرة نوعية جعلته محورًا رئيسيًا في تشكيل ملامح الاقتصاد الرقمي عالميًا، حيث تتقاطع ابتكارات التأمين الرقمي (InsurTech) المعتمدة على البيانات والذكاء الاصطناعي، مع توسع الإعلانات الرقمية الموجهة المبنية على تحليل سلوك المستخدمين، بالتوازي مع نمو صناعة التعهيد التي تعتمد على البنية التحتية للاتصالات والإنترنت الدولي.

ويعكس هذا التداخل بين الخدمات، كيف أصبحت البيانات قلب الاقتصاد الجديد، وأداة فعَّالة لتقديم منتجات فورية ومخصصة، وزيادة كفاءة التسويق، فضلًا عن خلق فرص عمل واستثمارات ضخمة، تعزز من تنافسية الدول في سوق عالمي سريع التحول.

خبير تكنولوجيا: مصر مركز عالمي لصناعة التعهيد بموقعها الجغرافي والبنية التحتية القوية

قال المهندس إسلام غانم، خبير التكنولوجيا والتحول الرقمي، إن مصر تتجه بخطوات متسارعة نحو ترسيخ مكانتها كإحدى أبرز الوجهات العالمية في مجال خدمات التعهيد، مستفيدة من موقعها الجغرافي الفريد الذي يضعها في قلب العالم.

وتمر حول مصر أغلب الكابلات البحرية الدولية عبر البحر الأحمر والبحر المتوسط، كما يمنحها موقعها ميزة إستراتيجية، تتمثل في توافر كثافة إنترنت عالية، وبنية تحتية قوية للاتصالات، الأمر الذي يفتح الباب أمام جذب المزيد من الشركات العالمية، الراغبة في الاعتماد على مراكز خدمة العملاء والدعم الفني من داخل مصر.

تعزيز صناعة التعهيد

وأشار “خبير التكنولوجيا والتحول الرقمي”، في تصريحات خاصة لـ"إيجي إن"، إلى أنه إلى جانب الميزة الجغرافية، لعبت المبادرات الحكومية دورًا محوريًا في تعزيز صناعة التعهيد، إذ أطلقت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات عدة برامج لتأهيل الشباب، فضلًا عن تزويدهم بالمهارات المطلوبة في هذا القطاع.

وشملت هذه المبادرات تدريبات متخصصة في خدمات التعهيد، سواءً باللغة العربية أو الإنجليزية، وهو ما أسفر عن تخريج كوادر بشرية قادرة على التعامل مع الأسواق العالمية، وتلبية متطلبات الشركات الأجنبية، الباحثة عن خدمات احترافية بتكلفة تنافسية.

تدفق العملات الأجنبية إلى السوق المصري

وأكد “غانم”، أن أحد أبرز مكاسب هذه الصناعة، يكمن في تدفق العملات الأجنبية إلى السوق المصري، حيث إن الشركات العالمية التي تختار مصر كمركز لعملياتها تضخ استثمارات مباشرة، وتولد عوائد بالعملات الصعبة، وهذا الأمر لا يقتصر على دعم الاقتصاد فحسب، بل يسهم أيضًا في خلق فرص عمل متنوعة أمام الشباب، بدءًا من الخريجين الجدد، وحتى طلاب المدارس الدولية الذين يجدون فرصًا للعمل بدوام جزئي، تساعدهم على تغطية نفقاتهم.

دعم قطاع تكنولوجيا المعلومات

وأضاف “غانم”، أن ثقة المستثمرين الأجانب في السوق المصري، تعززت بفضل اهتمام الدولة الواضح بالاقتصاد الرقمي، ودعم قطاع تكنولوجيا المعلومات، وهذا المناخ الاستثماري المستقر، يجعل مصر خيارًا آمنًا للشركات العالمية، كما يقلل من مخاوف انتقال هذه الشركات إلى أسواق بديلة، ويضمن كذلك استمرارية تدفق الاستثمارات وتوسع النشاط في مجال التعهيد.

شركات عالمية كبرى تعمل في مصر

وأوضح “غانم”، أن التقديرات الرقمية الدقيقة لحجم الاستثمارات المستقبلية في هذا القطاع لم تُعلن بعد، كما تؤكد المؤشرات وجود شركات عالمية كبرى بالفعل، تعمل في مصر وتوسع أنشطتها باستمرار، ومع اتساع نطاق الطلب العالمي على خدمات التعهيد، وتبدو الفرص واعدة أمام مصر، لتعظيم استفادتها من هذا السوق، فضلًا عن تحويله إلى أحد أعمدة دعم الاقتصاد الرقمي، وتوفير فرص العمل للشباب.

استخدام بيانات الاتصالات في الإعلانات الرقمية

وقال “استشاري التكنولوجيا والتحول الرقمي”، إن استغلال بيانات استخدام الاتصالات، يمكن أن يحدث نقلة نوعية في شكل الإعلانات الرقمية، حيث يتيح للمعلنين الوصول بشكل مباشر إلى الفئات الأكثر اهتمامًا بالمنتج أو الخدمة، كما أن المنصات العالمية مثل "ميتا" و"إنستجرام"، تستثمر بشكل دائمًا في تطوير أدوات تحليل البيانات، لتمنح الشركات ميزة استهداف الجمهور بدقة أعلى وبأقل تكلفة، الأمر الذي يجعل الإعلان أكثر تأثيرًا، ويقلل من الهدر الناتج عن عرض محتوى لمستخدمين غير مهتمين.

تصميم حملات دقيقة

وأشار “غانم”، إلى أن هذه التكنولوجيا، تمكن المعلن من تصميم حملات دقيقة للغاية، حتى أن بعض الشركات أصبحت تعتمد على قوائم أرقام الهواتف لربطها بحسابات التواصل الاجتماعي، وبالتالي عرض الإعلانات مباشرة على المستخدمين المستهدفين، كما أن هذا الأسلوب أفضل بكثير من الطرق التقليدية، التي كانت تعتمد على الإعلان على نطاق جغرافي واسع، مثل:- (حي أو مدينة)، مما كان يؤدي إلى وصول الإعلانات لشرائح لا علاقة لها بالمنتج أو الخدمة.

الإعلانات الرقمية العمود الفقري لاقتصاد المنصات

وأوضح “غانم”، أن المقارنة بين الإعلانات الموجهة والإعلانات التقليدية، أصبحت أقل جدوى في العصر الحالي، حيث إن الشركات لم تعد قادرة على إنفاق ميزانيات ضخمة للوصول إلى جمهور غير محدد، كما أن الإعلانات الرقمية الموجهة باتت العمود الفقري لاقتصاد المنصات، حيث توفر عوائد أكبر بكثير، وهو ما يفسر حرص شركات التكنولوجيا الكبرى على ضخ استثمارات هائلة، في تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات.

الإعلانات الرقمية مصدر الدخل الأساسي للمنصات العالمية

وأكد “غانم”، أن الإعلانات الرقمية الموجهة، ليست مجرد وسيلة ترويجية، بل أصبحت مصدر الدخل الأساسي للمنصات العالمية، والتي تتحمل تكاليف تشغيل هائلة، تشمل الاستضافة والسيرفرات وخدمات الدعم الفني لمليارات المستخدمين حول العالم، كما أن تطوير الإعلانات المستهدفة لم يعد خيارًا، بل ضرورة إستراتيجية لبقاء واستمرار المنصات الرقمية في المنافسة.

خبير تكنولوجيا: الإعلانات الرقمية نقلة كبيرة غيّرت معادلة التسويق عبر الإنترنت

من جانبه قال المهندس تامر محمد، خبير التكنولوجيا وأمن المعلومات، إن استغلال بيانات استخدام الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي، أحدث نقلة كبيرة في صناعة الإعلانات الرقمية، حيث باتت أكثر التصاقًا باهتمامات المستهلكين وسلوكهم اليومي.

وتابع: “إن تطبيقات الـSocial Media، تعتمد على خوارزميات متقدمة لتحليل تفضيلات المستخدمين، بدءًا من نوع الجهاز الذي يستخدمونه، وصولًا إلى مواقعهم الجغرافية والموضوعات التي يبحثون عنها، وهو ما يتيح للمعلنين توجيه رسائلهم بدقة غير مسبوقة”.

استهداف شرائح دقيقة للغاية

وأشار "خبير التكنولوجيا وأمن المعلومات"، في تصريحات خاصة لـ"إيجي إن"، إلى أن منصات التواصل تمنح المعلنين القدرة على استهداف شرائح دقيقة للغاية من الجمهور والشركات، فمثلًا تستطيع أن تحدد إعلانها لمستخدمين في محافظة بعينها مثل القاهرة، أو لفئة معينة ممن يستخدمون هواتف آيفون ابتداءً من إصدار محدد.

ويخلق ذلك ميزة تنافسية عالية، كما يجعل الإعلانات أكثر تأثيرًا، وتتم هذه الممارسات داخل منظومة الـSocial Media نفسها، ولا علاقة مباشرة لها بشركات الاتصالات، إذ إن الخوارزميات هي المسؤولة عن إدارة هذا الكم الهائل من البيانات.

الإعلانات المستهدفة وحماية خصوصية المستخدمين

أوضح “محمد”، أن تحقيق التوازن بين دقة الإعلانات المستهدفة وحماية خصوصية المستخدمين، معادلة صعبة التحقيق، لأن المستخدم بمجرد أن يمنح التطبيق صلاحيات الوصول إلى بياناته أو موقعه الجغرافي، فإنه عمليًا يتنازل عن جزء كبير من خصوصيته.

كما أن زيادة دقة الإعلانات مرهونة بمدى السماح للتطبيقات بالاطلاع على أنشطة المستخدم، بدءًا من عمليات البحث على جوجل، مرورًا بالفيديوهات التي يشاهدها، وصولًا إلى المنتجات التي يتصفحها، سواءً للعمل أو للاستخدام الشخصي.

التمييز بين الاهتمامات الشخصية والمهنية

وأضاف “محمد”، أن الخوارزميات أصبحت قادرة على التمييز بين الاهتمامات الشخصية للمستخدم، مثل البحث عن ساعة أو هاتف جديد، وبين الاهتمامات المهنية المتعلقة بعمله، وهو ما يعزز قدرة الشركات على صياغة حملات إعلانية متخصصة، تحقق معدلات استجابة أعلى.

الإعلان الرقمي عبر شبكات التواصل الاجتماعي

وأكد تامر محمد، أن أغلب الشركات حول العالم، باتت تركز ميزانياتها على الإعلان الرقمي عبر شبكات التواصل الاجتماعي، فالإعلانات في الصحف المطبوعة تراجعت بشكل ملحوظ، فيما أصبحت الإعلانات الخارجية مكلفة للغاية، وهو ما دفع أغلب العلامات التجارية، إلى الاستثمار في الحملات الموجهة عبر الـSocial Media، والتي تحقق عائدًا ملموسًا بأقل تكلفة، وأسرع وسيلة للوصول إلى العملاء المستهدفين.