كراكر باريل.. جدل الشعار يكشف أزمة أعمق في سلاسل المطاعم الأمريكية
الثلاثاء، 16 سبتمبر 2025 08:14 ص

كراكر باريل
في خطوة كان يفترض أن تعكس تحولاً عصريًا لمواكبة أذواق الجيل الجديد، وجدت سلسلة المطاعم الأمريكية كراكر باريل Cracker Barrel نفسها وسط عاصفة انتقادات، تخطت حدود النوستالجيا إلى حملة سياسية مستعرة على وسائل التواصل الاجتماعي، بل وبلغ صداها أروقة البيت الأبيض.

فما بدأ كمجرد إعادة تصميم شعار وتجديد في ديكور بعض الفروع، تحول إلى رمز لصراع ثقافي أمريكي بين المحافظة والتجديد، وبين الهوية التجارية والواقع الاقتصادي، وبين إدارة تبحث عن البقاء ومجتمع لا يريد التغيير.
هوية كراكر باريل.. في عين العاصفة
الخطأ الأساسي الذي وقعت فيه الشركة لم يكن في الشعار الجديد بحد ذاته، بل في السرعة التي حاولت بها التخلي عن عناصر هويتها البصرية والثقافية، دون تمهيد أو إشراك فعلي لعملائها التقليديين.
هذه العناصر من التحف المعلقة على الجدران إلى التصميم الريفي الكلاسيكي ليست مجرد تفاصيل تجميلية، بل جوهر التجربة التي بنت عليها كراكر باريل صورتها لأكثر من خمسة عقود.
عندما قامت الشركة بتبني شعار نصي بسيط واستبدال الديكور الكلاسيكي بآخر عصري، قرأ كثيرون ذلك على أنه تخلي عن القيم التقليدية.
وسرعان ما استغل التيار اليميني هذه الخطوة لتوجيه اتهامات بأن الشركة ترضخ لأجندات يسارية وتخون تراثها الأمريكي، مما أدى إلى مقاطعات وهجمات على الإنترنت.

أخطاء إستراتيجية.. وتوقيت سيئ
جاءت خطة التجديد ضمن رؤية تحول شاملة بقيمة 700 مليون دولار تهدف لإنقاذ الشركة من التراجع الحاد في المبيعات بعد الجائحة، ومحاولة جذب الجيل الجديد من الزبائن، وسط منافسة محتدمة في سوق سلاسل المطاعم العائلية.
لكن الأزمة كشفت انفصالاً واضحًا بين الإدارة والقاعدة الجماهيرية التقليدية، فالرئيسة التنفيذية جولي ماسينو، التي تولت المنصب في 2023 بعد خبرة في ستاربكس وتاكو بيل، أخفقت حتى الآن في ترجمة رؤيتها بطريقة لا تنفر العملاء الحاليين.
وقد وصف الأستاذ تشيكيتان ديف من جامعة كورنيل الأمر بوضوح: "بدلاً من الانتقال فجأة من صفر إلى مئة، يمكن التحرك تدريجيًا من صفر إلى 25 ثم 50"، مشيرًا إلى أهمية التحول التدريجي الذي يحترم الهوية التاريخية للعلامة التجارية.
اقرأ أيضًا:
الفقر يقرع أبواب أمريكا، ورسوم ترامب في قفص الاتهام
هل تتكرر مأساة Tropicana وGap؟
التاريخ التجاري يعج بأمثلة مماثلة، Tropicana، Gap، Pizza Hut، وكلها حاولت إعادة تصميم علاماتها التجارية وفشلت بسبب ردود الفعل السلبية، واضطرت للتراجع سريعًا.
خسرت Tropicana %20 من مبيعاتها في ستة أسابيع فقط بعد تغيير عبوة العصير الشهيرة، وهو درس باهظ في أهمية العلامة البصرية.
كراكر باريل سارعت بالاستجابة وأوقفت التغييرات، لكنها لم تعد فقط إلى الشعار القديم، بل ألغت خطة التجديد البصري بالكامل، في تنازل واضح أمام ضغوط سياسية وشعبية.

ما وراء الجدل.. تحديات أعمق تهدد النمو
بعيدًا عن الشعار، تكمن المشكلة الحقيقية في الأداء المالي المتراجع، خسرت السلسلة 16% من الزوار مقارنة بما قبل الجائحة، وسجل سهمها تراجعًا بنسبة 10% خلال شهر واحد فقط، كما أن تآكل الهوامش الربحية منذ 2019 يشير إلى خلل في البنية التشغيلية وليس فقط في الشكل الخارجي.
التحول الذي أعلنته ماسينو يشمل تحسين التكنولوجيا، قوائم الطعام، والمرافق الأساسية، وهي خطوات ضرورية، لكنها لن تكفي دون رؤية موحدة توائم بين الجذب الجيلي والحفاظ على الهوية.
كما أن افتقار ماسينو إلى خبرة في قطاع المطاعم العائلية يثير أسئلة حول قدرتها على قيادة هذا النوع من المؤسسات، خصوصًا في ظل تزايد الضغوط من المستثمرين قبل إعلان الأرباح المرتقب.
اقرأ أيضًا:
أكثر أعوام حياته ربحًا، كيف ضاعف ترامب ثروته بعد عودته إلى البيت الأبيض؟
الدرس الاقتصادي.. لا تهمل العاطفة في معادلة السوق
في عالم تتسارع فيه التغيرات الاقتصادية والتكنولوجية، يبقى الشعور بالانتماء والحنين للماضي من أقوى العوامل في قرارات المستهلكين، وهذا ما لم تفهمه كراكر باريل جيدًا عند إطلاق تصميمها الجديد.
العلامات التجارية لا تبيع فقط منتجات أو خدمات، بل تجارب وهوية وثقة، وعندما تتغير هذه العناصر بشكل مفاجئ، فإن الجمهور يشعر بالخيانة، ويتحول من زبون مخلص إلى خصم غاضب.

التحول مطلوب لكنه يجب أن يكون تدريجيًا
التحول مطلوب، لكنه يجب أن يكون تدريجيًا ويأخذ في الاعتبار مشاعر العملاء الأساسيين، والفشل في التواصل مع الجمهور التقليدي قد يكون مكلفًا أكثر من فشل جذب جمهور جديد.
كراكر باريل لم تخسر كل شيء بعد، لكن ما سيُعلن الأسبوع المقبل حول الأرباح والخطط القادمة سيكون مفصليًا، والأزمة تكشف عن تحدي أوسع يواجه سلاسل المطاعم العائلية الأمريكية، وهو كيف تبقى ذات صلة دون أن تفقد روحها.
في نهاية المطاف، قد لا يكون الشعار هو ما يحتاج إلى التغيير، بل طريقة التفكير في النموذج التجاري بالكامل.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ“أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية”، في مصر والوطن العربي وحول العالم
Short Url
من الحسابات البنكية للتمكين المالي، لماذا أصبح الشمول المالي مجرد وهم في العالم العربي؟
15 سبتمبر 2025 04:53 م
بين القمامة والكهرباء، كيف تستفيد مصر من سوق عالمي قيمته 73 مليار دولار؟
15 سبتمبر 2025 04:30 م
أكثر أعوام حياته ربحًا، كيف ضاعف ترامب ثروته بعد عودته إلى البيت الأبيض؟
14 سبتمبر 2025 04:29 م
أكثر الكلمات انتشاراً