الثلاثاء، 26 أغسطس 2025

10:24 ص

انهيار «إيفرجراند»، «الفقاعة» تقترب بعد سقوط إمبراطورية العقارات الصينية

الثلاثاء، 26 أغسطس 2025 07:40 ص

نهاية إيفرجراند

نهاية إيفرجراند

في مشهد يعكس انهيار واحدة من أعظم أساطير الطفرة العقارية الصينية، طويت صفحة إيفرجراند رسميًا، بعدما شطبت من بورصة هونج كونج، أمس الاثنين، لينتهي بذلك فصل درامي من قصة صعود مذهل وهبوط مدوي لواحدة من أكثر الشركات المثقلة بالديون في العالم.

إيفرجراند

إيفرجراند، التي كانت يومًا مرادفًا للثقة والنمو في السوق العقاري الصيني، تحولت اليوم إلى مثال صارخ على مخاطر التوسع المفرط والاعتماد على التمويل بالدين، إنها ليست مجرد شركة سقطت، بل هي مرآة تعكس أزمة عميقة في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

 

من المجد إلى الحضيض.. ما الذي حدث؟

عندما طرحت إيفرجراند أسهمها في بورصة هونج كونج عام 2009، كانت الشركة قد دخلت المشهد العقاري بقوة، وبلغت قيمتها آنذاك نحو 9 مليارات دولار. 

وبحلول عام 2017، ارتفعت هذه القيمة إلى 51 مليار دولار، مدفوعة بتوسع غير مسبوق ومبيعات ضخمة من الوحدات السكنية في كافة أنحاء الصين، قبل أن تنهار وتسقط سقوطًا مدويًا في أخر أيامها لتصل قيمتها إلى 282 مليون دولار.

لكن هذه الطفرة كانت تستند إلى أساس هش، ديون متضخمة فاقت 300 مليار دولار، معظمها قروض قصيرة الأجل موجهة نحو مشروعات طويلة الأمد، في بيئة تمويلية بدأت تضيق تدريجيًا مع سعي السلطات الصينية إلى كبح جماح فقاعة العقارات.

بدأت العلامات الأولى للانهيار في أغسطس 2021، حين توقفت أعمال البناء في عشرات المشاريع بسبب تأخر المدفوعات. 

توالت بعدها الإشارات التحذيرية، من تخلف عن سداد سندات، وبيع أسهم مؤسس الشركة "هوي كا يان"، وانهيار في قيمة السهم من 31 دولارًا هونج كونج إلى أقل من 0.2 دولار.

إيفرجراند 

تصفية تاريخية ومصير غامض

في 29 يناير 2024، أصدرت محكمة هونج كونج أمرًا بتصفية الشركة بعد فشلها في إعادة هيكلة ديونها الخارجية، ومنذ ذلك الحين، توقفت الأسهم عن التداول، وانطلقت عمليات التصفية التي يتوقع أن تمتد لعشر سنوات على الأقل.

لكن الأرقام وحدها تروي حجم الكارثة، 255 مليون دولار فقط من الأصول تمكن المصفّون من بيعها خلال 18 شهرًا، مقابل مطالبات ديون تبلغ 45 مليار دولار، بينما توقعت تقارير أن معدل استرداد الدائنين سيكون في حدود العدم تقريبًا.

الأكثر مأساوية هو وضع عشرات الآلاف من المشترين الصينيين الذين لم يتسلموا وحداتهم السكنية، حلمهم بامتلاك منزل تحول إلى كابوس، وبدأ البعض بمشاركة قصصهم على وسائل التواصل الاجتماعي: "اخترت إيفرجراند لأنني ظننت أن شركة بهذا الحجم لا يمكن أن تنهار.. كنت مخطئًا."

اقرأ أيضًا:

ناطحات السحاب الصينية، فقاعة عقارية تطفئ بريق ثاني أكبر اقتصاد بالعالم

مؤسس إيفرجراند.. من حفل الشمبانيا إلى القائمة السوداء

لا تكتمل قصة إيفرجراند من دون الإشارة إلى مؤسسها هوي كا يان، الذي نشأ في قرية فقيرة، وبدأ كعامل في مصنع للحديد، قبل أن يصبح واحدًا من أغنى رجال الصين.

في إدراج الشركة ببورصة هونج كونج عام 2009، كان هوي محاطًا بكبار أثرياء هونج كونج، يتلقى التهاني ويرفع كؤوس الشمبانيا. 

لكنه اليوم محظور من التعامل في الأسواق المالية مدى الحياة، وغُرم 47 مليون يوان بعد اتهامه بتضخيم نتائج الشركة والاحتيال في إصدارات السندات.

مصادر قريبة من الملف تؤكد أن المصفّين يسعون لاسترداد نحو 6 مليارات دولار دفعها هوي لنفسه ولعدد من التنفيذيين على شكل مكافآت وأرباح، في وقت كانت الشركة تتهاوى.

السوق العقاري الصيني

الرسالة الأكبر.. نهاية عصر العقارات في الصين

ما حدث مع إيفرجراند لا يخصها وحدها، بل هو عرض مسرحي متقدم لأزمة أوسع ضربت قطاع العقارات الصيني الذي كان يشكل نحو ربع الناتج المحلي الإجمالي. 

ومنذ عام 2021، تكافح عشرات الشركات المطورة وسط ضعف الطلب وشح التمويل، حتى أن مطورين مدعومين من الدولة مثل تشاينا ساوث سيتي بدأوا يواجهون التصفية.

تسعى الحكومة الصينية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، سواء عبر ضخ السيولة أو استحداث أدوات تمويل جديدة، لكن الثقة مفقودة، والمعنويات منخفضة، بل ومن الصعب تحفيز الاستهلاك عندما يشعر الناس أن جيوبهم فارغة ومنازلهم غير مكتملة.

اقرأ أيضًا:

أسعار العقارات الصينية في حالة سكون، فهل ينفجر السوق قريبًا؟

دروس من سقوط عملاق

قصة إيفرجراند تحمل دروسًا تتجاوز الاقتصاد الصيني، إنها تحذير من خطورة التوسع غير المدروس، ومن الاعتماد المفرط على القروض، خاصة في بيئة متقلبة تتطلب مرونة وشمولية في التفكير.

في عالم التمويل، يبدو أن كل صعود مبهر يخفي تحته احتمالات سقوط مأساوي، لكن قلما يكون السقوط بهذا الحجم، وبهذه الرمزية.

فمن 50 مليار دولار إلى 282 مليونًا فقط.. ومن ناطحة عقارية شامخة إلى سطور حزينة في دفتر التاريخ الاقتصادي الحديث.

هل تكون إيفرجراند آخر العملاقة الساقطة؟ أم أن قطاع العقارات الصيني لا يزال يخفي مزيدًا من المفاجآت؟ الأيام وحدها كفيلة بالإجابة.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة لتغطية ومتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search