ناطحات السحاب الصينية، فقاعة عقارية تطفئ بريق ثاني أكبر اقتصاد بالعالم
الخميس، 24 يوليو 2025 04:00 م

العقارات الصينية
لم تعد مشاهد ناطحات السحاب الخاوية في مدن الصين الجديدة مجرد تفاصيل في صورة معمارية مفرطة، بل باتت عنوانًا صارخًا لأزمة اقتصادية تهدد ركيزة أساسية من ركائز ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

فالصين، التي صعدت اقتصاديًا بسرعة مدهشة خلال العقود الماضية، تجد نفسها اليوم في مواجهة مأزق عقاري بحجم 18 تريليون دولار، في أزمة لا تهدد فقط الطبقة الوسطى بل صورة المعجزة الصينية نفسها.
العقار من محرك للنمو إلى عبء ثقيل
في بلد لطالما اعتمد على الاستثمار العقاري كمحرك للنمو، بات القطاع يمثل عبئًا على الاقتصاد، أكثر من 80 مليون وحدة سكنية فارغة، في مشهد يعكس فجوة صارخة بين العرض والطلب، تغذيها عوامل ديمجرافية من أبرزها تراجع معدل المواليد وانكماش عدد السكان لأول مرة منذ عقود.
لكن ما يجعل الأزمة أكثر تعقيدًا هو أن ما يقارب نصف الأسر الصينية في المدن تملك منزلين أو أكثر، ما يعني أن العقار لم يكن مجرد حاجة سكنية بل قناة استثمارية مفضلة.
ومع ذلك، تبددت القيمة سريعًا، إذ فقدت أسعار المساكن نحو 30% من قيمتها منذ عام 2021، وهو ما يُفترض أنها أصول آمنة، وليس عبئًا ماليًا خانقًا.
اقرأ أيضًا:
أسعار العقارات الصينية في حالة سكون، فهل ينفجر السوق قريبًا؟
ديون متعثرة.. وشركات في مهب الإفلاس
في موازاة الأزمة السكنية، تظهر أرقام الديون في القطاع كقنبلة موقوتة، نحو 5 تريليونات دولار هي إجمالي الديون العقارية، منها 160 مليار دولار تُصنف كديون متعثرة، في وقت أعلنت فيه عشرات شركات التطوير العقاري عجزها عن السداد.
ولعل المثال الأبرز هو انهيار عملاق القطاع "إيفرجراند"، الذي تحول من رمز للنهضة الحضرية إلى أكبر إفلاس عقاري في التاريخ.

تجربة اليابان تعيد نفسها
المقارنة مع فقاعة العقارات اليابانية في الثمانينيات باتت مطروحة بقوة، وكما لم تتعاف أسعار العقارات في طوكيو إلى ذروتها حتى بعد مرور أكثر من ثلاثين عامًا، فإن محللين يتوقعون مسارًا مماثلًا للعقارات الصينية.
تقرير جولدمان ساكس يذهب إلى أن القاع لم يتم الوصول إليه بعد، وربما لا يحدث قبل عام 2026 أو حتى 2027، ما يعني أن الأسوأ لم يأتي بعد.
اقرأ أيضًا:
انخفض إلى دون الــ100 دولار للطن.. ما تأثير أزمة عقارات الصين على الحديد؟
من الداخل إلى الخارج.. هل تتخطى الأزمة حدود الصين؟
رغم الحجم الهائل للأزمة، إلا أنه من المستبعد تأثيرها عالميًا على غرار أزمة الرهن العقاري الأمريكية عام 2008، والسبب هو محدودية انكشاف النظام المالي العالمي على الصين مقارنة بالولايات المتحدة.
لكن في المقابل، فإن الانكماش العقاري في الصين له تداعياته على الأسواق العالمية، سواء عبر انخفاض الطلب على المواد الخام، أو تراجع الإنفاق الاستهلاكي داخل ثاني أكبر سوق عالمي.

تراجع الثقة.. وهروب الاستثمار
خارج حدود الأرقام، تكمن أزمة أخرى، ألا وهى ثقة المستثمر، فبعد سنوات من اعتبار الصين الوجهة المفضلة للنمو، بدأت رؤوس الأموال الأجنبية تعيد تموضعها، مفضلة وجهات أكثر استقرارًا وشفافية كالسوق الأمريكية.
وهذا الانحراف في الاتجاهات الاستثمارية يعكس قلقًا حقيقيًا حيال قدرة النموذج الاقتصادي الصيني على الصمود، خاصة في ظل غياب إصلاحات جوهرية.
اقرأ أيضًا:
العقار في الصين، العملاق الجريح على أعتاب عام مصيري
سياسات حكومية غذت الفقاعة.. فهل تنقذها اليوم؟
المفارقة أن السياسات التي رفعت البناء إلى قمم غير مسبوقة، هي نفسها التي غذت الفقاعة، الحكومة الصينية، منذ التسعينيات، سعت لتحقيق نمو سريع عبر ضخ كميات هائلة من الائتمان في السوق العقاري، مستغلة البنوك كأذرع تمويلية لأهداف سياسية واقتصادية، لكن عندما بدأت بوادر الأزمة، لم تكن أدوات السيطرة حاضرة بنفس الكفاءة.

مدن الأشباح مرآة لانعكاس داخلي خطير
ما يحدث اليوم في الصين ليس مجرد تصحيح سوقي في قطاع الإسكان، بل هو تحول هيكلي في معادلة الاقتصاد، من الركون إلى النمو عبر العقارات، إلى ضرورة البحث عن نماذج مستدامة تدعم الابتكار والاستهلاك المحلي.
تبقى الأسئلة الأصعب: هل تتدارك بكين الموقف وتعيد ضبط مسارها الاقتصادي؟ أم أن الفقاعة ستبقى ذكرى مؤلمة في ذاكرة الاقتصاد العالمي، تشبه ما حدث في طوكيو قبل عقود؟ الأيام المقبلة ستكشف، لكن المؤكد أن زمن النمو المدفوع بالإسمنت قد انتهى.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تيليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ“أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية”، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
السعودية تُسرع التحوّل في قطاع الطاقة، مشاريع بـ20 جيجاوات بحلول 2030
24 يوليو 2025 02:29 م
من أمريكا لإفريقيا، صناعة الموسيقى تهيمن على الأسواق بعائدات تفوق 29 مليار دولار في 2024
24 يوليو 2025 12:44 م
1.4 تريليون جنيه و2.7 مليون وظيفة، كيف أعادت السياحة تشكيل الاقتصاد المصري 2024؟
24 يوليو 2025 09:24 ص
أكثر الكلمات انتشاراً