-
بضمان 20 عامًا، «إيجي إن» تستكشف أضخم خط مصري لإنتاج الألواح الشمسية (فيديو)
-
أكاذيب أصحاب الدروس الخصوصية، «التعليم» تنفي الشائعات المتداولة حول نظام «البكالوريا»
-
22.4 مليون برميل إنتاج الدول العربية من البترول، ما ترتيب مصر والسعودية؟
-
مصر تبهر العالم من جديد، كشف أثري تحت المياه يعزز مكانتها السياحية عالميًا
اقتصاد الظل الجديد، حين تتحول سرقات الرياضيين إلى صناعة عابرة للقارات
الخميس، 21 أغسطس 2025 06:06 م

اقتصاد الجريمة
كريم قنديل
لم تعد الجريمة مجرد أفعال فردية معزولة، بل غدت في بعض بلدان العالم، صناعةً موازية ذات سلاسل إمداد، تتضمن شبكات تمويل، وطرق تهريب، تصلح لأن توصف بــ"اقتصاد ظل عالمي".
والمثال الأبرز اليوم، هو عصابات اللصوص التشيليين، الذين لجئوا إلى الولايات المتحدة وأوروبا خلال السنوات الأخيرة، ليحولوا سرقة الرياضيين والمشاهير إلى نشاطٍ اقتصادي منظم، يدار بعقلية قريبة من إدارة الشركات الناشئة، لكن بأدوات غير شرعية.

ثنائية الفقر والثراء.. الشرارة الاقتصادية للجريمة
وتظهر قصص هؤلاء اللصوص، التناقض الصارخ بين عالمي أحياء سانتياجو الفقيرة، حيث يعادل دخل لاعب كرة قدم أمريكي في يوم واحد، ما يتطلب من عامل عادي الكدح لثلاثة عقود، وهذا التفاوت الحاد في الثروة، يغذي اقتصادًا غير رسمي، تتداخل فيه ثقافة الفرصة التي تصنع اللص مع عولمة أنماط الاستهلاك.
وفي بيئة يسودها الفقر، تصبح سرقة ساعة رولكس أو كارتييه من منازل النجوم، فرصة لتغيير مصير عائلات بأكملها، ويعد ذلك صورة مكثفة للعولمة، في عالم يعرض فيه الثراء الفاحش على الشاشات ووسائل التواصل، فيما يعيش آخرون على هامش هذا البذخ، ليتولد اقتصاد سرقة عابر للحدود.
الجريمة كقطاع اقتصادي
ما تكشفه تقارير الشرطة الأمريكية، ليس مجرد جرائم فردية، بل سلسلة إنتاج متكاملة:-
- مرحلة التمويل:- وكالات سفر محلية تموّل اللصوص بمبالغ تصل إلى 8 آلاف دولار، مقابل نسبة أرباح لاحقة، أشبه برأسمالية مغامرة لكن في الاقتصاد الأسود.
- مرحلة التنفيذ:- فرق محترفة تستخدم تقنيات متطورة (أجهزة تشويش، مراقبة المباريات، تخطيط مسبق).
- مرحلة التوزيع:- تهريب الغنائم عبر رحلات جوية أو شبكات محلية، وصولًا إلى أسواق إعادة البيع في تشيلي أو أميركا اللاتينية.
- مرحلة التسييل:- بيع المجوهرات والساعات يعيد الأموال إلى الدورة الإجرامية، ما يشكل تدفقات نقدية تضاهي بعض الشركات الصغيرة.
وهذا النمط يوازي نموذج سلاسل القيمة العالمية في الاقتصاد الشرعي، لكنه هنا يطبق على الجريمة المنظمة.
السياحة الإجرامية.. خلل في سياسات الهجرة
وقرار الولايات المتحدة عام 2014 بالسماح للتشيليين بدخول أراضيها ببرنامج الإعفاء من التأشيرة، فتح الباب أمام ما بات يعرف بـ"سياحة السرقة"، وهنا يتقاطع الأمن مع الاقتصاد:-
- من جهة، تحولت برامج التنقل السهل إلى محفز للجريمة العابرة للقارات.
- من جهة أخرى، أصبحت سرقات تقدر بملايين الدولارات، تُستنزف بها ثروات الأفراد، وتنعكس على شركات التأمين، التي تتحمل بدورها تكاليف التعويض.
وفي نهاية المطاف، يدفع الاقتصاد الشرعي ثمن ثغرات السياسات، حيث تترجم خسائر المسروقات إلى ارتفاع في أقساط التأمين، وزيادة تكاليف الأمن الخاص، وانكماش شعور الثقة في الاستثمار بالمناطق المستهدفة.
صناعة الأمن.. الرابح الخفي
وكما في كل أزمة هناك رابح، مثل:- (شركات الأمن الخاصة، مصنّعو كاميرات المراقبة، ومزودو أنظمة الإنذار الذكية) والذين يجدون في هذا التهديد دافعًا لتوسيع أسواقهم، ويعد ارتفاع معدلات سرقة الرياضيين والمشاهير، معززًا للطلب على التكنولوجيا الأمنية المتطورة، كما أنه يخلق سوقًا فرعية بمليارات الدولارات.
ويمكن القول، إن اقتصاد الجريمة يخلق على الضفة الأخرى ما يسمى باقتصاد الحماية، حيث تضخ أموالًا طائلة لحماية منازل وممتلكات أثرياء الرياضة والفن.

من النشل إلى السطو.. تحول في نماذج العمل
اقتصاد الجريمة التشيلي نفسه يشهد تحولًا داخليًا:-
- الماضي:- النشل اليدوي في المترو والأسواق، محدود العائد وخطير بسبب المواجهة المباشرة.
- الحاضر:- السطو على منازل النجوم خلال المباريات، عوائد ضخمة ومخاطر أقل نسبيًا.
وهذا التحول يعكس منطق السوق، حيث اتجه تركيز الموارد نحو أرباح أعلى ومخاطر أقل، تمامًا كما تفعل الشركات الكبرى حين تعيد هيكلة أنشطتها.
خسائر غير مالية.. وأثر اقتصادي اجتماعي
الخسارة لا تقتصر على الأموال أو الساعات المسروقة، فهناك كلفة اجتماعية:-
- وعن فقدان الشعور بالأمان، فإنه يترجم اقتصاديًا في انخفاض قيمة العقارات في المناطق المستهدفة.
- أما الرياضيون والمشاهير، يضطرون إلى استثمار مبالغ إضافية في الحماية الشخصية، بدلًا من الاستثمار المنتج.
- سمعة مدن بأكملها قد تتضرر إذا ارتبطت بظاهرة الجريمة العابرة للحدود.
قراءة ختامية.. الجريمة كمرآة للعولمة
إن ما نراه ليست مجرد قصص مثيرة عن لصوص يتنقلون بين الملاعب والقصور، بل انعكاس لاقتصاد عالمي غير متكافئ، الفقر في "لا ليغوا" يقابله بذخ في "بيفرلي هيلز"، وبين الضفتين تنشأ صناعة إجرامية، تستغل ثغرات العولمة، تمامًا كما تفعل الشركات متعددة الجنسيات، ولكن في اتجاه مضاد للقانون.
الجريمة هنا ليست انحرافًا فرديًا، بل نشاطًا اقتصاديًا له دوافع بنيوية، من تفاوت الدخل، وضعف التنمية المحلية، وسياسات هجرة غير مدروسة، وفي النهاية، يثبت هذا النموذج، أن العولمة لا تُنتج فقط أسواقًا للسلع والتكنولوجيا، بل أيضًا أسواقًا للجريمة.
اقرأ أيضًا:-
اتجار بالبشر وتهريب وسنافر وتزوير، خريطة جرائم «غسل الأموال» من الإيداع للدمج
حجم اقتصاد الجرائم الإلكترونية يرتفع لـ 10 تريليون دولار، خبير يكشف التفاصيل
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة لتغطية ومتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
الذكاء الاصطناعي والفيزياء، من التنبؤات الإحصائية إلى إنقاذ الاقتصاد الحقيقي
21 أغسطس 2025 05:02 م
سوق الأقمشة الذكية ينفجر، بين تكنولوجيا النانو ومستقبل الرعاية الصحية
21 أغسطس 2025 03:18 م
ابتكار أم استغلال، هل تحول التكنولوجيا العلاقات الإنسانية إلى سلعة؟
21 أغسطس 2025 02:38 م
أكثر الكلمات انتشاراً