الركود التضخمي في أمريكا، قلق متزايد يطارد الأسواق العالمية
الأربعاء، 20 أغسطس 2025 08:26 ص

الركود التضخمي في أمريكا
في الوقت الذي تترقب فيه الأسواق العالمية كل إشارة من الاقتصاد الأمريكي، عاد مصطلح الركود التضخمي ليطل برأسه كواحد من أكثر السيناريوهات إثارة للقلق.
هذا المصطلح، الذي يجمع بين تباطؤ النمو وارتفاع التضخم في آن واحد، يعد كابوسًا للمستثمرين وصناع السياسات على حد سواء، لأنه يضع الاقتصاد أمام معادلة صعبة، التضخم يقيد السياسة النقدية، بينما الركود يضغط على النشاط الاقتصادي.

وبحسب استطلاع أجراه بنك أوف أمريكا في أغسطس 2025، فإن نحو 70% من المستثمرين العالميين يتوقعون دخول الولايات المتحدة في مرحلة ركود تضخمي خلال الأشهر الـ12 المقبلة.
هذه النسبة المرتفعة تعكس حالة التوجس من مزيج عوامل، أبرزها ضعف سوق العمل الأمريكي، القفزة الحادة في التضخم الأساسي، والزيادة المفاجئة في أسعار المنتجين.
لماذا القلق مبرر؟
التاريخ يثبت أن الركود التضخمي من أصعب المعضلات الاقتصادية، ففي السبعينيات، تسببت أزمة النفط في موجة تضخم خانقة، بالتوازي مع تباطؤ اقتصادي، ما أجبر الاحتياطي الفيدرالي على رفع الفائدة بقوة، وأدخل الأسواق في فترة طويلة من عدم اليقين.
اليوم، تبدو المؤشرات شبيهة في بعض أوجهها، من تضخم جامح نسبيًا، وأسواق عمل تفقد زخمها، وتحديات جيوسياسية تضغط على سلاسل التوريد.
ومع ذلك، المفارقة أن الأسواق المالية لا تزال متماسكة، الأسهم الأمريكية والعالمية قرب مستوياتها القياسية، والسندات مستقرة نسبيًا، وكأن هناك إنكار جماعي لحجم الخطر.
اقرأ أيضًا:
شيكات توزيع أرباح الرسوم الجمركية، مكافأة مالية أم قنبلة تضخمية؟
التأثير على السندات العالمية
في سوق السندات، الصورة أكثر تعقيدًا، واستمرار التضخم يعني أن العوائد الحقيقية للسندات طويلة الأجل تتآكل، ما يضع ضغطًا على صناديق التقاعد وشركات التأمين التي تعتمد على هذه الأدوات، وإذا زادت مؤشرات ضعف الوظائف الأمريكية، فسيزداد الخوف من أن السندات لن توفر الحماية المرجوة.
هذا الترابط بين أسواق الدين في اقتصادات مجموعة السبع يخلق ما يشبه عدوى مالية، أي هبوط كبير في السندات الأمريكية طويلة الأجل سرعان ما يمتد إلى أوروبا وبريطانيا واليابان. وهو ما بدأ يظهر بالفعل في موجات بيع محدودة عبر أسواق السندات الرئيسية.

وول ستريت بين الإنكار والتحوط
رغم الحديث المتزايد عن الركود التضخمي، لا تزال بورصة نيويورك تسجل مستويات مرتفعة، مدفوعة بأسهم التكنولوجيا الكبرى.
هذه الشركات ينظر إليها على أنها الملاذ الأكثر أمانًا وسط اضطراب اقتصادي محتمل، لكن في المقابل، بدأ بعض المستثمرين الكبار في شراء مشتقات وقائية مثل عقود البيع Put Options تحسبًا لانخفاض أسهم الشركات الصغيرة والدورية.
منذ عام 1990، وكلما تزامن تباطؤ النشاط الصناعي الأمريكي مع تضخم أعلى من المتوسط، تراجعت الأسهم العالمية بمعدل 15% تقريبًا، ورغم أن هذا السيناريو لم يتجسد بعد، إلا أن التاريخ يفرض نفسه على توقعات المستثمرين.
اقرأ أيضًا:
قوة شرائية ضعيفة وارتفاع أسعار جنوني، المستهلك الأمريكي تحت وطأة الرسوم الجمركية
العملات تحت الضغط.. والدولار في مأزق مزدوج
إذا كان الدولار الأمريكي تاريخيًا ملاذًا آمنًا في الأزمات، فإن الركود التضخمي يضعه أمام تحدي مختلف، فالاقتصاد الضعيف يقلل من قيمة العملة، بينما التضخم المستمر يضعف قوتها الشرائية.
ولهذا، حقق اليورو مكاسب بأكثر من 12% أمام الدولار هذا العام، كما استفادت عملات أخرى مثل الين والجنيه الإسترليني، بمعنى آخر، الركود التضخمي قد يقوض أحد أعمدة الهيمنة الاقتصادية الأمريكية، وهو قوة الدولار.

أين يتجه المستثمرون؟ الذهب يعود للواجهة
وسط هذا المشهد، يبقى الذهب هو الرابح الأكبر، ولطالما كان المعدن الأصفر الملاذ الآمن في الأوقات المضطربة، والركود التضخمي يعطي سببًا إضافيًا لتعزيز الطلب عليه.
كذلك، تبرز أدوات مالية أخرى مثل السندات القصيرة المرتبطة بالتضخم أو المشتقات المعقدة مثل مقايضات التضخم، التي تتيح للمستثمرين حماية محافظهم إذا قفزت الأسعار فوق مستويات محددة.
الركود التضخمي ليس مجرد شبح اقتصادي يطارد أمريكا وحدها، بل خطر عابر للحدود يهدد أسواق المال العالمية، من السندات إلى الأسهم وصولاً إلى العملات.
الفارق الوحيد بين اليوم وأزمات الماضي أن الأسواق تبدو في حالة إنكار مؤقت، ربما بدافع الثقة في التكنولوجيا الكبرى، أو إيمانًا بأن الاحتياطي الفيدرالي سيتدخل في الوقت المناسب.
لكن التاريخ يقول شيئًا آخر، وحين يلتقي التضخم المرتفع مع النمو الضعيف، لا توجد حلول سهلة، والأسواق التي تضحك اليوم قد تستيقظ غدًا على واقع أكثر قسوة.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
ثروات الخليج تتحدى الأزمات، من صواريخ إيران إلى قلب النظام المالي العالمي
19 أغسطس 2025 07:48 م
في ظل مفاوضات الحرب، واشنطن تلوح بالعقوبات والهند تعيد رسم خريطة النفط
19 أغسطس 2025 04:24 م
الفائدة الآسيوية تغير المعادلة، هل بدأ الاقتصاد العربي يتأثر أكثر بالصين والهند؟
19 أغسطس 2025 01:02 م
أكثر الكلمات انتشاراً