الخميس، 21 أغسطس 2025

10:17 م

مبادرة ترامب تربك حسابات أوروبا اقتصاديا وسياسيا، هل اقتربت نهاية حرب روسيا وأوكرانيا؟

الثلاثاء، 19 أغسطس 2025 12:54 ص

اجتماع ترامب بزيلينسكي وقادة أوروبا

اجتماع ترامب بزيلينسكي وقادة أوروبا

في مشهد غير اعتيادي يعكس حجم تعقيد الحرب الأوكرانية وتشابك مصالح اللاعبين الكبار، اجتمع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وقادة أوروبا.

ترامب وزيلينسكي وقادة أوروبا

هذا التحرك المفاجئ يهدف إلى التمهيد لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية التي دخلت عامها الرابع، وسط إشارات إلى مقاربة جديدة قد تشتمل على مسألة تبادل الأراضي وضمانات أمنية طويلة الأمد.

لكن بعيدًا عن الشعارات الدبلوماسية، فإن الرسائل الاقتصادية المبطنة لهذا التحرك قد تكون الأهم، فهي تشير إلى تحولات حادة في مواقف واشنطن.

وتكشف في الوقت ذاته عن ضغوط اقتصادية متزايدة تدفع القارة الأوروبية للبحث عن مخرج، حتى لو كان الثمن هو التفاوض مع الكرملين على شروط قد تكون مؤلمة سياسيًا وأمنيًا.

تكاليف الحرب تتزايد.. هل سئمت أوروبا؟

منذ اندلاع الحرب في فبراير 2022، تكبدت أوروبا فاتورة باهظة على صعيد الطاقة، وسلاسل الإمداد، والتضخم، بالإضافة إلى فاتورة الدعم العسكري والإنساني لأوكرانيا.

تشير بيانات المفوضية الأوروبية إلى أن دول الاتحاد الأوروبي أنفقت ما يزيد عن 92 مليار يورو كمساعدات عسكرية واقتصادية لكييف، فضلاً عن استقبال أكثر من 8 ملايين لاجئ أوكراني. 

ورغم إعلان قادة كأورسولا فون دير لاين عن الالتزام بسلام عادل ودائم، فإنهم لم يخفوا قلقهم من استمرار النزيف المالي الذي يهدد استقرار الميزانيات الوطنية في ظل تباطؤ اقتصادي عالمي.

وهنا تظهر ملامح تغير حقيقي في المزاج الأوروبي، عبر عنه المستشار الألماني فريدريش ميرتس بقوله: "الخطوات القادمة معقدة... لكننا بحاجة إلى وقف لإطلاق النار". 

وهو تصريح لا يخلو من تلميحات إلى أن أولوية برلين قد تحولت من دعم الحرب إلى إنهائها، لا سيما بعد أن أصبحت ألمانيا تعاني من ركود صناعي وتضخم يهدد تنافسيتها.

ترامب مع الرئيس الأوكراني زيلينسكي

ترامب يدخل على الخط.. الحسابات السياسية والاقتصادية للبيت الأبيض

من جانبه، يبدو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يرى في الحرب الأوكرانية فرصة لإعادة تشكيل الدور الأمريكي عالميًا، لا فقط كقائد عسكري، بل كصانع سلام.

لكن خلف الخطاب التصالحي، تكمن اعتبارات اقتصادية داخلية تدفع ترامب للتحرك، فبعد صيف ملتهب من التذبذبات في أسواق الطاقة وتباطؤ في نمو الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي، يبحث ترامب عن نصر خارجي يترجم إلى استقرار اقتصادي داخلي قبل انتخابات 2026.

إشارته إلى أنه لن يستبعد إرسال قوات أمريكية لحفظ السلام في أوكرانيا، رغم تناقضها مع وعوده السابقة بالانسحاب من النزاعات الخارجية، قد تكون محاولة منه لإبقاء روسيا تحت الضغط.

وفي ذات الوقت إعادة ترتيب علاقة واشنطن مع أوروبا عبر تقديم بديل عن الدعم المالي المستمر لكييف، متمثل في دعم أمني بغطاء سياسي.

اقرأ أيضًا:

«كل 30 يومًا حرب»، ترامب: استطعت إنهاء 6 حروب خلال 6 أشهر

الاقتصاد الأوكراني.. نهوض مشروط بالسلام

بالنسبة لكييف، تبدو الأرقام صادمة، فقد خسر الاقتصاد الأوكراني ما يزيد عن 45% من ناتجه المحلي خلال عامين، كما دمرت بنيته التحتية جزئيًا، وتوقفت معظم استثماراته الأجنبية، وتحولت المساعدات الغربية إلى شريان الحياة الوحيد الذي يبقي الدولة واقفة.

لكن زيلينسكي كان واضحًا خلال الاجتماع، إذ قال: "الضمانات يجب أن تكون فعالة لسنوات.. نحن نتحدث عن استعادة الأراضي"، في إشارة إلى أن أوكرانيا لا ترغب في سلام بأي ثمن، خاصة إذا شمل تنازلات عن أراضي تعتبرها جزءًا لا يتجزأ من سيادتها.

في المقابل، فإن الوصول إلى اتفاق سلام، حتى وإن لم يشمل كل المطالب الأوكرانية، قد يفتح أبواب التمويل الدولي، ومبادرات إعادة الإعمار التي تقدرها بعض التقارير بأكثر من 400 مليار دولار، ما يعني أن السلام سيطلق عجلة الاقتصاد الأوكراني مجددًا، وإن كان ذلك مشروطًا بتنازلات مؤلمة.

اجتماع ترامب وبوتين

روسيا تراقب وتنتظر.. هل تغير موسكو موقفها؟

رغم غياب فلاديمير بوتين عن الاجتماع بعد حضوره الاجتماع الماضي، إلا أن كل الأحاديث تدور حوله، قبول بوتين بمبدأ الضمانات الأمنية لأوكرانيا كما أشار ترامب، يعد تحولاً تكتيكيًا وليس استراتيجيًا. 

فموسكو تدرك أن استمرار الحرب يرهق اقتصادها رغم تجاوزها نسبيًا العقوبات الغربية، بفضل التحالفات مع الصين والهند.

لكن في المقابل، بدأت مؤشرات التباطؤ الاقتصادي الروسي بالظهور، خصوصًا في القطاعات غير المرتبطة بالطاقة، وهنا، قد ترى موسكو في مقترح تبادل الأراضي فرصة لحفظ ماء الوجه داخليًا، مقابل وقف النزاع والانفتاح على تخفيف تدريجي للعقوبات الغربية، مما قد يعيد إنعاش اقتصادها العالق بين العزلة والتكامل.

اقرأ أيضًا:

دونالد ترامب: بوتين يتوقع مكالمتي بعد انتهاء اجتماعي مع زيلينسكي

نظرة مستقبلية.. هل نحن على أعتاب اتفاق أم مناورة سياسية؟

رغم الأجواء الإيجابية النسبية، فإن المبادرة التي يقودها ترامب لا تزال في مراحلها الأولى، وتشير بعض المؤشرات إلى أنها قد تكون مناورة سياسية مؤقتة في إطار الضغط على الطرفين، أو حتى محاولة لكسب نقاط داخلية أمريكية قبل جولة الانتخابات.

ومع ذلك، فإن توقيت الاجتماع، ومستوى الحضور، وحجم التصريحات الدبلوماسية، كلها تعكس إدراكًا متزايدًا بأن الاستمرار في الحرب لم يعد خيارًا واقعيًا، سواء من الناحية السياسية أو الاقتصادية.

الحرب الأوكرانية

ويبقى السؤال الأهم، هل ستقبل أوكرانيا بمقايضة الأرض بالسلام؟ وهل يملك ترامب فعلاً ما يكفي من النفوذ لإقناع بوتين بالتنازل؟ 

الأجوبة ستحدد ليس فقط مصير الحرب، بل أيضًا ملامح النظام الجيواقتصادي الجديد لأوروبا والعالم بعد الحرب الأوكرانية.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search