صراع الزمن بين الأرض والفضاء، هل نحتاج لإرسال الساعات إلى القمر قريبًا؟
الإثنين، 18 أغسطس 2025 11:35 م

القمر
لعل أعظم غرابة في كوننا وأكثرها حيرةً هى المشكلة المتأصلة في ضبط الوقت، فالثواني تمر أسرع قليلاً على قمم الجبال منها في وديان الأرض، ولأغراض عملية، لا داعي لقلق معظم الناس بشأن هذه الاختلافات.

لكن سباق الفضاء المتجدد دفع الولايات المتحدة وحلفائها، وكذلك الصين، إلى الاندفاع لإنشاء مستوطنات دائمة على القمر، مما أعاد غرابة الزمن إلى الواجهة.
وعلى سطح القمر، سيكون يوم الأرض الواحد أقصر بحوالي 56 ميكروثانية منه على كوكبنا، وهو رقم ضئيل قد يؤدي إلى تناقضات كبيرة مع مرور الوقت.
تكافح ناسا وشركاؤها الدوليون حاليًا هذه المعضلة
لا يتطلع العلماء فقط إلى إنشاء منطقة زمنية جديدة على القمر، بل إن وكالة الفضاء وشركائها يتطلعون إلى إنشاء مقياس زمني جديد كليًا، أو نظام قياس يراعي حقيقة أن الثواني تمر أسرع على القمر.
تهدف الوكالة إلى العمل مع شركاء دوليين لوضع طريقة جديدة لتتبع الوقت، وتحديدًا للقمر، وتوافق الدول الرائدة في مجال الفضاء على مراقبتها.
كما وُجهت مذكرة حديثة من البيت الأبيض إلى ناسا، لوضع خططها لهذا المقياس الزمني الجديد بحلول 31 ديسمبر، ووصفته بأنه أساسي لجهود الولايات المتحدة المتجددة لاستكشاف سطح القمر.
كما تطلب المذكرة من ناسا تطبيق مثل هذا النظام بنهاية 2026، وهو العام نفسه الذي تهدف فيه وكالة الفضاء إلى إعادة رواد الفضاء إلى القمر لأول مرة منذ خمسة عقود.
بالنسبة لمراقبي الوقت حول العالم، قد تكون الأشهر المقبلة حاسمة لمعرفة كيفية ضبط الوقت القمري بدقة، والتوصل إلى اتفاقيات حول كيفية وتوقيت ومكان وضع الساعات على القمر، وهذا الإطار سيكون بالغ الأهمية لزيارة البشر لأقرب جار سماوي، وأن رواد الفضاء على القمر، سيغادرون مواطنهم لاستكشاف السطح وإجراء البحوث العلمية، كما سيتواصلون مع بعضهم البعض أو يقودون عرباتهم القمرية أثناء وجودهم على سطح القمر.

لمحة تاريخية عن وقت الأرض
تشير المزولات الشمسية البسيطة، أو التكوينات الحجرية، التي تتتبع الظلال أثناء مرور الشمس، إلى تقدم اليوم، تمامًا كما تسجل مراحل القمر المتغيرة مرور شهر على الأرض، وقد حافظت هذه الساعات الطبيعية على مواعيد البشر لآلاف السنين.
ولكن ربما منذ أن اكتسبت الساعات الميكانيكية زخمًا في أوائل القرن الرابع عشر، ازداد حرص صانعي الساعات على الدقة.
كما ازدادت دقة قياس الثواني تعقيدًا في أوائل القرن العشرين، بفضل ألبرت أينشتاين، الفيزيائي الألماني المولد الذي هز الأوساط العلمية بنظرياته في النسبية الخاصة والعامة.
لقد ابتكر أينشتاين النسبية العامة، ونتج عنها العديد من الأمور الغريبة، أحدها أن الجاذبية تبطئ الزمن، وبالرغم من أن النسبية العامة معقدة، لكنها، بشكل عام، إطار عمل يفسر كيفية تأثير الجاذبية على المكان والزمان.
اقرأ أيضًا:
السباق النووي إلى القمر.. "طاقة المستقبل" تجذب استثمارات بالمليارات في الفضاء
نظريات أينشتاين بين المثل والواقع
وضع أينشتاين تخيل للنظام الشمسي، متمثل في قطعة قماش معلقة في الهواء، وهذا القماش هو المكان والزمان نفسهما، واللذان يعتبران مرتبطان ارتباطًا وثيقًا.
وكل الجرم السماوي داخل النظام الشمسي، من الشمس إلى الكواكب، يشبه كرة ثقيلة تستقر فوق القماش، وكلما زادت ثقل الكرة، زاد عمق الحفرة التي تحدثها، مما يشوه المكان والزمان.
حتى فكرة الثانية الأرضية هى مفهوم من صنع الإنسان يصعب قياسه، وكانت نظرية النسبية العامة لأينشتاين هى التي أوضحت لماذا يمر الوقت ببطء أكثر قليلاً على ارتفاعات منخفضة، لأن الجاذبية لها تأثير أقوى بالقرب من جسم ضخم مثل كوكبنا.

حل عصري لجميع تعقيدات النسبية
وجد العلماء حلاً عصريًا لجميع تعقيدات النسبية فيما يتعلق بضبط الوقت على الأرض، ولمراعاة الاختلافات غير الملحوظة، ركبوا بضع مئات من الساعات الذرية في مواقع مختلفة حول العالم.
الساعات الذرية هى أدوات فائقة الدقة تستخدم اهتزاز الذرات لقياس مرور الوقت، وهذه الساعات تماشيًا مع نظريات أينشتاين، تدق أبطأ كلما اقتربت من سطح الأرض.
يمكن حساب متوسط قراءات الساعات الذرية حول العالم للحصول على فهم شامل ودقيق قدر الإمكان للوقت على مستوى كوكب الأرض ككل، مما يعطينا التوقيت العالمي المنسق.
مع ذلك، تضاف أحيانًا الثواني الكبيسة للحفاظ على التوقيت العالمي المنسق متماشيًا مع التغيرات الطفيفة في سرعة دوران الأرض.
وإذا بحثت عن الوقت على الأرض، ستدرك أنه العامل الحاسم في كل شيء، الاقتصاد، والأمن الغذائي، والتجارة، والمجتمع المالي، وحتى التنقيب عن النفط.

الفضاء، الزمان.. السؤال المستمر
إذا كان الزمن يتحرك على قمم الجبال بشكل مختلف عن شواطئ المحيط، يمكنك تخيل أن الأمور تزداد غرابةً كلما ابتعدت عن الأرض، ومما يزيد الأمر تعقيدًا، يمر الزمن أبطأ، أيضًا كلما زادت سرعة حركة الشخص أو المركبة الفضائية، وفقًا لنظرية النسبية الخاصة لأينشتاين.
إن رواد الفضاء على متن محطة الفضاء الدولية محظوظون، فرغم أن محطة الفضاء تدور على ارتفاع حوالي 200 ميل (322 كيلومترًا) فوق سطح الأرض، إلا أنها تدور أيضًا بسرعات عالية، حيث تدور حول الكوكب 16 مرة يوميًا، لذا فإن تأثيرات النسبية تلغي بعضها بعضًا إلى حد ما، ولهذا السبب، يمكن لرواد الفضاء في المختبر المداري استخدام وقت الأرض بسهولة للالتزام بالجدول الزمني.
بالنسبة للمهام الأخرى، الأمر ليس بهذه البساطة، ولحسن الحظ، يمتلك العلماء بالفعل عقودًا من الخبرة في التعامل مع هذه التعقيدات، على سبيل المثال، تجهز المركبات الفضائية بساعاتها الخاصة التي تسمى المذبذبات.
اقرأ أيضًا:
60 يومًا على خسوف القمر وفرصة للمشاهدة الممتعة من أرض العرب
آلية الساعة القمرية
ما يعرفه العلماء يقينًا هو حاجتهم إلى إرسال أجهزة دقيقة لقياس الوقت إلى القمر، وأن من سيدفع ثمن الساعات القمرية، وأي نوع من الساعات ستستخدم، وأين ستوضع، كلها أسئلة لا تزال عالقة.
على العلماء اكتشاف كل هذا، ولا أعتقد أن أحد يعرف بعد، وأنه سيكون مزيجًا من عدة عوامل مختلفة، الساعات الذرية ممتازة للاستقرار طويل الأمد، وأن مذبذبات البلورات تتميز بالاستقرار قصير الأمد.
عقلية مختلفة تمامًا
دقة الساعة مسألة مهمة، لكن كيف سيختبر رواد الفضاء المستقبليون الذين يعيشون ويعملون على سطح القمر، الوقت مسألة مختلفة تمامًا.
على الأرض، يحكم إحساسنا باليوم الواحد أن الكوكب يكمل دورةً واحدةً كل 24 ساعة، مما يمنح معظم المواقع دورةً ثابتةً من ضوء النهار والليل المظلم، أما على القمر، فيستقبل خط الاستواء ما يقارب 14 يومًا من ضوء الشمس، تليها 14 يومًا من الظلام.

ضبط الوقت بدقة أمر بالغ الأهمية
ومع ذلك، فإن ضبط الوقت بدقة أمر بالغ الأهمية، ليس فقط من أجل الفهم العلمي لمرور الوقت على القمر، ولكن أيضًا لإنشاء جميع البنى التحتية اللازمة لتنفيذ المهام.
وأن إنشاء مقياس زمني من الصفر تكمن في أن العلماء يمكنهم تطبيق كل ما تعلموه عن ضبط الوقت على الأرض على نظام جديد على القمر.
وإذا تمكن العلماء من تطبيقه بشكل صحيح على القمر، فيمكنهم تطبيقه لاحقًا إذا حققت ناسا هدفها المتمثل في إرسال رواد فضاء إلى أعماق النظام الشمسي.
وإذا تم تطبيق ذلك على القمر، والتعلم من ما تم إنجازه، سيكون العالم مستعد لفعل الشيء نفسه على المريخ أو أي أجسام مستقبلية أخرى.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
قوة حاسوبية تاريخية، الصين تقترب من قيادة الاقتصاد الرقمي العالمي
18 أغسطس 2025 02:50 م
أوروبا تستحوذ على 57.3% من صادرات الخشب المنشور بـ 21.6 مليار دولار
18 أغسطس 2025 01:24 م
أكثر الكلمات انتشاراً