الإثنين، 18 أغسطس 2025

09:57 م

دكتور كريم عادل يكتب: الأموال الساخنة.. قراءة هادئة للمشهد

الإثنين، 18 أغسطس 2025 08:54 ص

دكتور كريم عادل، رئيس مركز العدل للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية

دكتور كريم عادل، رئيس مركز العدل للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية

أشادت تقارير دولية صادرة عن مؤسسات مالية خاصة، بالتدفقات الأجنبية في السوق المصري، نتيجة الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة (أذون الخزانة الحكومية وأدوات الدين) للدولة المصرية، وتوقعت تلك التقارير تنامي في حجم هذه التدفقات خلال الفترة القادمة من العام 2025، وهى نتيجة طبيعية لما تعتمد عليه تلك الاستثمارات من معدل فائدة مرتفع وتقلبات سعر الصرف المستمرة في سعر الجنيه مقابل الدولار، وهو ما يبحث عنه تجار الفائدة في الأسواق الناشئة "كما أسمتهم ووصفتهم إحدى التقارير الصادرة".

وقد ساهمت هذه التدفقات كنتيجة وأثر طبيعي في الارتفاع الحالي في قيمة العملة المحلية مقابل الدولار الأمريكي، لكن رغم حالة الاحتفاء بالتوقعات الإيجابية لهذه التقارير إلا أنه يجب الحذر والحيطة، خاصة أن هذا النوع من التدفقات الأجنبية في أدوات الدين قصيرة الأجل لا يمكن أن تكون مصدر ارتكاز واستدامة للاقتصاد المصري، وأحد عوامل ارتفاع العملة المحلية مقابل الدولار الأمريكي، فالاقتصادات لا تُبنى بالأموال الساخنة، لذلك فالعبرة والقياس هو الثبات والاستدامة على ارتفاع قيمة العملة المحلية وليس تغير مؤقت لعدة متغيرات.

ومن أجل دراسة المشهد وتحليله بشكل أعمق علينا أن نتساءل: ما السبب وراء ذلك الارتفاع وهل سيكون دائم أم مؤقت؟ وهل نصل إلى مستويات الثلاثون جنيه؟، وإذا كنا سنصل لها فلماذا قمنا بالتعويم وصولاً لخمسين جنيه؟.

الحقيقة أنه لا تغير ملحوظ في سياسات اقتصادية أو نقدية أو إنتاجية أو تصديرية ليأتي على إثره ذلك الارتفاع، وإن كان أحد أسباب ارتفاع العملة المحلية هو زيادة تدفق الأموال الساخنة فهو أمر طبيعي يرجع لارتفاع معدل الفائدة على أدوات الدين قصيرة الأجل وكذلك التقلبات المستمرة في سعر الصرف والتي تجعل من السوق المصري سوق جاذبة لتجار الفائدة، ولكن الأموال الساخنة هى أموال خادعة تدعو للقلق والحذر منها لا للفرح بها، ما دام لا يوجد غطاء لها من النقد الأجنبي حال خروجها المفاجيء، ولنا في الأعوام السابقة حالات كثيرة تُعد أحد أسباب ما نحن عليه الآن.

لذلك فإن هذه التقارير تصلُح في التسويق الخارجي للاقتصاد المصري لجذب المزيد من الاستثمارات سواء غير مباشرة أو مباشرة، كما أنها تُحسن من نظرة المؤسسات المالية الدولية للاقتصاد المصري، وتعزز من فرص الاقتراض من المؤسسات والجهات المقرضة باعتبار أنها هناك تدفقات من النقد الأجنبي تسمح بالقدرة على السداد حال الاقتراض، ولكن لا يمكن أن تكون أساس في إدارة ونمو الاقتصاد المصري، خاصةً وأن هذه التدفقات تضع مزيد من الضغوط على السياسة النقدية المصرية فيما يتعلق بإدارة سعر الصرف ومعدل الفائدة.

Short Url

search