بين الغاز والنمو، كيف تحولت سياسة الطاقة الأوروبية إلى عبء مناخي؟
السبت، 16 أغسطس 2025 02:53 م

الاحتباس الحراري في أوروبا
ميرنا البكري
تكشف أرقام يوروستات الأخيرة عن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في الاتحاد الأوروبي بالربع الأول من 2025، معضلة اقتصادية بيئية معقدة، وهي كيف توازن الدول بين النمو الاقتصادي من جانب؟، وتسعى لتقليل الانبعاثات وحماية المناخ من جانب آخر؟ تعكس الأرقام أن الانبعاثات زادت بـ 3.4% مقارنةً بالربع نفسه من 2024، ووصلت لحوالي 900 مليون طن مكافئ ثاني أكسيد الكربون، وهذه ليست مجرد إحصائية بيئية، لكنها مؤشر اقتصادي خطير يؤثر على سياسات الطاقة والصناعة وحتى مستويات المعيشة في أوروبا.

قطاع الطاقة والمنازل، المحرك الأكبر للانبعاثات
جاءت الزيادة الأكبر من قطاع الكهرباء والغاز والبخار والتكييف بنسبة 13.6%، وهذا منطقي للغاية لأن أوروبا على أعتاب فترة برد طويلة نسبيًا واعتمادها على الغاز (خاصةً بعد أزمة روسيا وأوكرانيا) لايزال مرتفع، كما أن المنازل زودت انبعاثاتها بنسبة 5.6%، مما يعني أن استهلاك الأفراد للطاقة سواء في التدفئة أو الأجهزة أصبح أكبر.
ما يتضح أن الطلب المحلي على الطاقة هو الذي يزود الضغط البيئي، مما يطرح سؤال هام، هل الاتحاد الأوروبي يستطيع بالفعل تقليل الانبعاثات دون أن يضر براحة المواطنين وجودة حياتهم؟.
الصناعات والنقل، مفاجأة الانخفاض
على عكس المتوقع، هناك ثلاث قطاعات قللت انبعاثاتها:-
التصنيع: خفض انبعاثه بـ 0.2%
النقل والتخزين: خفض قطاع النقل والتصنيع انبعاثاته بـ 2.9%
الزراعة والغابات وصيد الأسماك: خفضت انبعاثتها بنسبة 1.4%
وهذا مؤشر على أن التحول الصناعي موجود بالفعل، مما قد يسبب كفاءة أعلى في المصانع أو اعتماد أكبر على الطاقة المتجددة، كما أن تراجع النقل قد يعكس تباطؤ اقتصادي في بعض الدول أو تحول في طرق الشحن.
خريطة الدول، من المسئول عن زيادة الانبعاثات؟
سجلت 20 دولة من الاتحاد الأوروبي زيادات في الانبعاثات، و7 دول استطاعت تقليل الانبعاثات، منهم:-
1.مالطا (-6.2%)
2.فنلندا (-4.4%)
3.الدنمارك (-4.3%)
واللافت أن هناك 3 دول (إستونيا، لاتفيا، لوكسمبورج) قللت الانبعاثات مع انكماش اقتصادي. مما يوضح أن انخفاض التلوث أحيانًا يأتي نتيجة تباطؤ اقتصادي وليس بسبب سياسات خضراء.
في المقابل، نجحت 4 دول (مالطا، فنلندا، الدنمارك، السويد) في المعادلة الصعبة، خفض الانبعاثات مع تحقيق نمو اقتصادي. وهذا يعتبر “الحلم الأوروبي” الذي يسعى الاتحاد إلى تعميمه.
التوقعات الاقتصادية والبيئية
1. تكلفة الكربون:- قد يجعل استمرار زيادة الانبعاثا، الاتحاد يضغط أكثر على الشركات من خلال رفع أسعار "شهادات الكربون"، مما يعني ارتفاع تكاليف الإنتاج.
2. التحول للطاقة المتجددة:- الدول التي استطاعت تقليل انبعاثاتها مع نمو اقتصادي ستكون نموذج يحتذى، وسيتوسع الاستثمار في الطاقة النظيفة بشكل أسرع.
3. تفاوت اقتصادي:- قد تتوسع الفجوة بين دول تعتمد على الغاز والفحم (مثل بولندا والمجر) ودول لديها مرونة للطاقة الخضراء (مثل دول الشمال).
4. ضغط على المنازل:- إذا قرر الاتحاد تقليل استهلاك الطاقة المنزلية، هذا قد يؤدي لارتفاع أسعار الكهرباء والغاز أو فرض قيود على الاستخدام.
اقرأ أيضًا:
انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في بريطانيا انخفضت بنسبة 4%
فيضانات عارمة واحتباس حراري، العالم يفكر في «الانسحاب المنظم»

ختامًا، ما يحدث في أوروبا يؤكد أن المعادلة بين النمو الاقتصادي وحماية البيئة ليست بسيطة، والزيادة في الانبعاثات تعني أن أزمة الطاقة لازالت ضاغطة، وأن التحول الأخضر ليس بالسرعة الكافية، لكن في نفس الوقت، نجاح دول مثل فنلندا والدنمارك في خفض الانبعاثات مع تحقيق نمو يعطي أمل أن "النمو المستدام" قد يحدث إذا هناك استثمار صحيح في الطاقة النظيفة وسياسات ذكية.
حاليًا، أوروبا أمام خيارين، إما الاستمرار بنفس السياسات ومواجهة زيادة في الانبعاثات وتكاليف اقتصادية عالية، إما تسرع التحول الأخضر والاستثمار أكتر في التكنولوجيا المستدامة.
والذي يتضح من الأرقام أن المستقبل لن يكون منافسة اقتصادية بين الدول فقط، لكنه أيضًا سباق على من يستطيع يحقق النمو دون تدمير الكوكب.
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، وبالاضافة لتغطية ومتابعة على مدار الـ 24 ساعة، لـ أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
أربع سنوات من النزيف.. الحرب الروسية الأوكرانية تحت المجهر الاقتصادي
16 أغسطس 2025 04:46 م
من التأخير إلى الخسائر، إضراب موظفي "إير كندا" يضع صناعة السياحة على المحك (تفاصيل)
16 أغسطس 2025 03:38 م
قمة ألاسكا بين ترامب وبوتين.. مصالح تحت الرماد، هل تضع الحرب أوزارها؟
16 أغسطس 2025 02:54 م
أكثر الكلمات انتشاراً