الجمعة، 15 أغسطس 2025

07:36 م

"الأمن السيبراني".. درع تقني وأداة محفزة للنمو المستدام

الجمعة، 15 أغسطس 2025 05:40 م

الأمن السيبراني

الأمن السيبراني

في عالم باتت فيه البيانات تشكل نفط العصر، لم يعد الأمن السيبراني مجرد خط دفاع أمامي ضد هجمات القراصنة، بل تحول إلى ركيزة إستراتيجية للاستدامة الاقتصادية والبيئية والاجتماعية، فالتقاطع المتزايد بين الأمن الرقمي والحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية ESG، يعيد رسم ملامح الدور الذي تلعبه تقنيات الحماية في بناء مستقبل أكثر مرونة وعدالة واستدامة.

الهجوم السيبراني

 

من الحماية إلى التأثير الشامل

ويشهد الأمن السيبراني اليوم، نقلة نوعية من كونه أداة وقائية إلى مسرع للتنمية المستدامة، ومع تسارع التحول الرقمي، لا يقتصر تأثير الأمن السيبراني على تحصين الأنظمة، بل يشمل تقليل الهدر في الطاقة، وتعزيز الشفافية، وتنمية رأس المال البشري.

وأحد أبرز الأمثلة يأتي من شركة Group-IB، التي ساهمت عام 2024 في تفكيك شبكة ضخمة من الأجهزة المصابة (بوت نت)، وهو ما أدى إلى حماية 65 مليون مستخدم وتجنب خسائر مالية تفوق 2.7 مليار دولار، لكنَّ الأثر لم يكن ماليًا فقط بل بيئي أيضًا، إذ أسفر تعطيل الشبكة عن توفير 22.4 مليون كيلووات/ساعة من الكهرباء، ومنع انبعاث 10 آلاف طن متري من ثاني أكسيد الكربون.

 

التهديدات الرقمية بوصفها ملوثًا خفيًا

وفي الوقت الذي ينظر فيه إلى التحديات البيئية من زاوية الانبعاثات الصناعية والنقل والطاقة، تغيب كثيرًا الانبعاثات الرقمية عن المشهد، فشبكات البوت نت، وأنشطة تعدين العملات الرقمية، وهجمات الفدية، جميعها تستهلك طاقة هائلة دون جدوى إنتاجية حقيقية.

كما تؤدي هذه التهديدات، إلى هدر موارد الطاقة وتضخيم البصمة الكربونية، بسبب الحاجة لنسخ احتياطية وتكرار العمليات، وبالتالي فإن محاربة الجريمة الإلكترونية، تسهم فعليًا في تحسين الأداء البيئي للمؤسسات.

اقرأ أيضًا:-

الأمن السيبراني يكلف شركات التجارة الإلكترونية 48 مليار دولار سنويًا

الأمن الرقمي في قلب الحوكمة المستدامة

ولم يعد الارتباط بين الأمن السيبراني والاستدامة مجرد ترف فكري، بل أصبح واقعًا تقر به كبرى الشركات ومؤسسات الحوكمة، كما أن الأمن السيبراني اليوم متداخل بعمق مع استمرارية الأعمال، وسلامة البنية التحتية الحيوية، وحتى مصداقية تقارير الكربون.

وإخفاق واحد في الأمن الرقمي قد يهدد سلاسل التوريد، ويعطل الخدمات العامة، ويقوّض الثقة المجتمعية، وهذا يفرض على الشركات دمج مؤشرات الأمن السيبراني، ضمن تقارير الاستدامة، وليس فقط ضمن تقارير تقنية المعلومات.

الأمن الرقمي

 

فجوات مقلقة وفرص واعدة

ورغم هذه التطورات، تظهر التحديات جلية خاصة لدى المؤسسات الصغيرة والقطاع العام، حيث أفادت تقارير بأن 35% من الشركات الصغيرة، تعتبر مرونتها السيبرانية غير كافية، في حين يعاني القطاع العام من نقص كبير في الكفاءات المؤهلة، والذي وصل إلى 49% في عام 2025.

كما أن سلاسل التوريد، تظل نقطة ضعف رئيسية، حيث تعاني 54% من الشركات الكبرى من ضعف الرؤية على شركائها من الأطراف الثالثة، ما يزيد خطر انتقال الهجمات إلكترونيًا.

اقرأ أيضًا:-

شركات الأمن السيبراني في إفريقيا، محاولات لبناء درع رقمي

نحو مؤشرات قياس مستدامة

وفي ظل هذا التعقيد، برزت دعوات لوضع مؤشرات أداء رئيسية (KPIs)، تقيس ليس فقط عدد الهجمات أو مدى الحماية، بل الأثر البيئي والاجتماعي لها، ومن بين هذه المؤشرات:-

  • كمية الطاقة الموفرة بعد تعطيل التهديدات.
  • انخفاض انبعاثات الكربون نتيجة تقليل الأعطال الرقمية.
  • عدد النساء والمواهب المتنوعة، التي تم تأهيلها وتوظيفها في الأمن السيبراني.
  • معدلات الامتثال لقوانين حماية البيانات والخصوصية.

وتقرير الاستدامة الأخير لشركة Group-IB يقدم نموذجًا عمليًا، حيث تم قياس الأثر السيبراني عبر مؤشرات بيئية، واجتماعية، وحوكمية قابلة للتتبع.

حماية البيانات

 

أمن المستقبل هو أمن شامل

والرسالة التي باتت تتردد على لسان الخبراء، هي أن الأمن السيبراني لم يعد قضية تقنية فحسب، بل بات قضية تنموية بامتياز، حيث إنه العمود الفقري للاقتصاد الرقمي المستدام، والمحرك الصامت للثقة بين الأفراد، والمؤسسات والدول.

وفي عصر تتداخل فيه الأنظمة والبيانات والمصالح، فإن من يتجاهل الاستثمار في الأمن الرقمي، لا يهدد فقط سلامته المعلوماتية، بل يضعف قدرته على الاستدامة والتنافسية والابتكار، وبتعبير بسيط، الأمن السيبراني لم يعد مجرد خيارٍ يقبل النقاش، بل ضرورة إستراتيجية ليس فقط لحماية الأنظمة بل لحماية الكوكب.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search