الأربعاء، 23 يوليو 2025

09:04 م

الدولار في مرمى النيران، هل يقترب العالم من عصر ما بعد العملة الخضراء؟

الأربعاء، 23 يوليو 2025 01:12 ص

الدولار الأمريكي

الدولار الأمريكي

في لحظة قد توصف بالمفصلية في تاريخ الاقتصاد العالمي، يبدو أن الدولار الأمريكي، الرمز الأبرز للهيمنة المالية الأمريكية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، يدخل مرحلة جديدة من التحديات البنيوية، وسط تراجع غير مسبوق، وتحولات جيوسياسية تعيد ترتيب موازين القوة والنفوذ.

الدولار

في النصف الأول من عام 2025، فقد الدولار نحو 11 بالمئة من قيمته وفق مؤشره القياسي، في أسوأ أداء منذ أكثر من خمسين عامًا. 

تراجع لم يكن صاعقة في سماء صافية، بل نتيجة تراكمات طويلة من السياسات الاقتصادية المثيرة للجدل، والضغوط السياسية، والقرارات النقدية المتضاربة، أبرزها صدام متصاعد بين الرئيس دونالد ترامب ورئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول.

أزمة عميقة.. أم بداية نهوض؟

يختلف المحللون في توصيف المشهد، هل ما يعيشه الدولار مجرد أزمة ثقة عابرة؟ أم أننا أمام بداية انطلاق حقيقي لعملة طالما وُصفت بـ"سلاح أمريكا الناعم"؟

إن الانخفاض المتسارع في قيمة الدولار لا يمكن اعتباره مجرد تصحيح تقني أو تراجع موسمي، بل يمثل تحولًا هيكليًا في موقع العملة الأمريكية على خارطة الاقتصاد الدولي.

ما نشهده اليوم هو بداية تآكل تدريجي للثقة العالمية بالدولار، نتيجة تراكم ديون ضخمة، وسياسات داخلية متناقضة، واستخدام مفرط للعملة كأداة عقوبات سياسية.

اقرأ أيضًا:

"معركة الفائدة"، «ترامب» يطالب بالتخفيض و«باول» يراقب الأسواق

ترامب vs باول.. صراع الإرادة

جزء كبير من الضغوط على الدولار نابع من الصدام المتجدد بين الإدارة الأمريكية والبنك المركزي، فترامب يسعى لدولار أضعف لكن مستقر، في محاولة لتحفيز الصادرات وتقليص العجز التجاري، بينما يتمسك الفيدرالي باستقرار العملة كخط دفاع ضد التضخم.

يرى مراقبون أن هذا الانقسام يزيد من تقلبات الأسواق، ويضعف صورة المؤسسات الأمريكية، ما يفقد الدولار كثيرًا من جاذبيته كملاذ آمن للمستثمرين.

الدين العام

الدين العام.. القنبلة التي تنفجر ببطء

الدين العام الأمريكي تجاوز عتبة 37 تريليون دولار في منتصف 2025، مقارنة بـ23 تريليونًا فقط قبل خمس سنوات، ومع بلوغ نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي حوالي 100%، تبدو الصورة أقرب إلى اقتصاد ناشئ منه إلى قوة عظمى.

الارتفاع الصاروخي في الدين العام، المدفوع ببرامج تحفيز ضخمة وتخفيضات ضريبية، يهدد الثقة بالقدرة الأمريكية على الإيفاء بالتزاماتها المالية، ويدفع المستثمرين للبحث عن بدائل.

اقرأ أيضًا:

سر رغبة ترامب الشديدة في التخلص من «رئيس الاحتياطي الفيدرالي»

الهروب الكبير من الدولار

في السنوات الأخيرة، بدأت البنوك المركزية حول العالم بتقليص حيازاتها من الدولار، نسبة الاحتياطيات الدولارية تراجعت بنحو 20% خلال العقدين الأخيرين، في مقابل زيادة في الأصول المقومة بالذهب، واليوان الصيني، واليورو.

التحول ليس فوريًا، لكنه متدرج ومنهجي، تقوده دول مثل الصين والهند والبرازيل، مدفوعة بالرغبة في تقليل التبعية للنظام المالي الأمريكي، خصوصًا في ظل العقوبات الاقتصادية التي تستخدم كسلاح سياسي.

الدولار لم يعد ينظر إليه فقط كعملة، بل كأداة ضغط، وأن هذه الصورة السلبية بدأت تدفع حتى الحلفاء لإعادة النظر في ارتباطاتهم النقدية.

الدولار الأمريكي

سلاح ذو حدين

استخدام الدولار كسلاح في السياسة الدولية، من تجميد الأصول الروسية إلى العقوبات على إيران والصين خلق ردود فعل عكسية. 

وبدلاً من تعزيز الهيمنة الأمريكية، شجع هذا التوجه على تطوير أنظمة بديلة، بما فيها أنظمة دفع خارج نظام سويفت، وزيادة التجارة بالعملات المحلية داخل تكتلات مثل بريكس.

اقرأ أيضًا:

في ظل الصراعات الحالية، من يُزيح الدولار الأمريكي عن عرشه؟

هل يتراجع الدولار.. أم يعاد تشكيل النظام المالي؟

رغم المؤشرات السلبية، لا يرى الخبراء أن الدولار على وشك السقوط، وما زالت الولايات المتحدة تملك أكبر اقتصاد عالمي، وسوقًا ماليًا يتمتع بعمق وسيولة unmatched، وتكنولوجيا مالية متقدمة.

لكن هناك إجماع متزايد بأن العملة الأمريكية لم تعد المركز الوحيد للجاذبية، وأن الأفق المالي العالمي يتجه نحو تعددية أكبر في أدوات الاحتياط والتسعير، مع تصاعد أهمية الذهب، وتعزيز اليوان الصيني لمكانته رغم حصته الضئيلة التي لا تزال عند 2.3% فقط.

العملات العربية

كيف تستعد الدول العربية؟

بالنسبة للدول العربية، خصوصًا الخليجية التي ترتبط عملاتها بالدولار، فإن المرحلة المقبلة تتطلب إعادة تقييم استراتيجيات الاحتياطي والتسعير. 

تنويع الأصول، وربما تسعير بعض الصادرات كالنفط بعملات بديلة أو بسلة عملات، قد يصبح خيارًا مطروحًا للحماية من تقلبات العملة الأمريكية.

خلاصة المشهد

  • الدولار يضعف، لكنه لم ينهار
  • الثقة العالمية تتآكل بسبب الدين والانقسام السياسي
  • الملاذات الآمنة تتعدد بين ذهب، يوان، يورو
  • أمريكا بين استراتيجية الضعف المفيد والتهديد بفقدان السيطرة
  • العالم يعيد التفكير في النظام المالي القائم منذ 1945

فهل نشهد ميلاد نظام نقدي عالمي جديد؟ أم أن الإمبراطورية الخضراء ستعود، ولو بجراح؟.. الإجابة ستتضح في السنوات القليلة المقبلة، لكن المؤكد أن عصر الدولار الأوحد لم يعد كما كان.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تيليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ“أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية”، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search