مصر تنهض، خطوات عملاقة في الصناعة والنقل واللوجستيات نحو آفاق عالمية
الخميس، 17 يوليو 2025 02:25 م

بهجت العبيدي - كاتب ومفكر مصري مقيم بالنمسا
بقلم: بهجت العبيدي
في خضم عالم يتسارع، حيث تتشابك خيوط الاقتصاد العالمي وتتغير موازين القوى بوتيرة غير مسبوقة، تبرز دول تتخذ من التحديات فرصًا، ومن الرؤى المستقبلية محفزًا للعمل الدؤوب. ومصر، بحضارتها العريقة وطموحها المتجدد، تضع اليوم أقدامها بثبات على طريق التنمية الشاملة، بخطوات مهمة في قطاعات حيوية تمثل عصب أي نهضة اقتصادية حقيقية: الصناعة، النقل، واللوجستيات. إنها محاور أساسية لا غنى عنها لبناء اقتصاد قوي قادر على المنافسة، وتوفير فرص عمل مستدامة، وتحسين جودة حياة المواطن.
لقد طالما حلمنا بمصر تتبوأ مكانتها اللائقة بها، لا كمركز ثقافي وتاريخي فحسب، بل كقوة اقتصادية إقليمية ودولية. واليوم، لا يمكن إنكار أن هناك تحولات ملموسة، وجهودًا جبارة تُبذل على كافة الأصعدة، تدفع بعجلة التقدم قدمًا.

لطالما كانت الصناعة هي القلب النابض لأي اقتصاد يسعى للاكتفاء الذاتي والقدرة التنافسية. وفي مصر، نشهد اليوم توجهاً واضحاً نحو تعزيز القاعدة الصناعية وتنويعها. لم تعد النظرة قاصرة على الصناعات التقليدية، بل امتدت لتشمل قطاعات ذات قيمة مضافة عالية، مثل الصناعات الهندسية، الكيماوية، والدوائية، وحتى التكنولوجيا المتقدمة. الاستثمارات الضخمة التي يتم توجيهها لتطوير البنية التحتية الصناعية، وإنشاء المدن والمناطق الصناعية المتخصصة، هي دليل لا يقبل الجدل على هذه الرؤية. الهدف ليس فقط تلبية احتياجات السوق المحلي، بل فتح آفاق التصدير وتعزيز مكانة المنتج المصري في الأسواق العالمية. إنها خطوات حثيثة نحو تقليل الاعتماد على الاستيراد، وخلق صناعات وطنية قادرة على المنافسة بجودة وكفاءة عالميتين.

ولا يمكن لأي صناعة أن تزدهر دون شبكة نقل قوية وفعالة، ولا يمكن لأي اقتصاد أن يتطور دون بنية تحتية حديثة تربط أجزاء الوطن وتصله بالعالم. في هذا السياق، شهدت مصر طفرة غير مسبوقة في تطوير شبكة الطرق والكباري، التي أصبحت شريانًا حيويًا يسهل حركة التجارة والأفراد. لم تعد الطرق مجرد مسارات، بل هي شرايين اقتصادية تربط المناطق الصناعية بالموانئ، والمراكز اللوجستية بالأسواق.
إلى جانب ذلك، نشهد تطورًا ملحوظًا في قطاع الموانئ البحرية. فالتوسع في الموانئ مثل ميناء العين السخنة، وتطوير ميناء الإسكندرية، وإنشاء موانئ جديدة، يهدف إلى تعزيز قدرة مصر على استقبال السفن العملاقة وتحويلها إلى مركز إقليمي وعالمي للتجارة والترانزيت. كذلك، لا يمكن إغفال التطور في قطاع المطارات والطيران، مما يعزز الربط الجوي ويفتح آفاقًا جديدة للسياحة والأعمال.
هذه الاستثمارات الضخمة لا تهدف فقط إلى تسهيل الحركة، بل إلى وضع مصر كحلقة وصل رئيسية في حركة التجارة العالمية.
تعد اللوجستيات الضلع الثالث والأكثر أهمية في مثلث التنمية الاقتصادية الحديثة. إن موقع مصر الاستراتيجي، عند ملتقى القارات الثلاث، يجعلها مركزًا لوجستيًا عالميًا بامتياز. والجهود المبذولة اليوم لتعزيز هذا الدور واضحة للعيان. إن إنشاء المناطق اللوجستية المتكاملة بالقرب من الموانئ والمطارات والمحاور الرئيسية، وتطوير سلاسل الإمداد، وتطبيق أحدث التقنيات في إدارة المخزون والشحن، كلها خطوات تهدف إلى استغلال هذا الموقع الجغرافي الفريد.

وكذلك فإن الربط بين الموانئ والطرق الجديدة والمناطق الصناعية، يفتح آفاقًا واسعة لمصر لتصبح مركزًا لإعادة التصدير وتصنيع القيمة المضافة. هذا لا يقتصر على استقطاب الاستثمارات فحسب، بل يخلق آلاف الفرص الوظيفية في قطاعات واعدة تتطلب مهارات عالية، ويدعم نمو الشركات المحلية والدولية العاملة في هذا المجال.
لقد خطت مصر بالفعل خطوات هامة وملموسة في هذه المجالات الحيوية، وهو إنجاز يستحق التقدير. لكن، والطموح لا يتوقف أبدًا، والسباق نحو التقدم لا يعرف السكون، فإن الوصول إلى مصاف الدول المتقدمة يتطلب المزيد من الخطوات الجريئة والإصلاحات العميقة.

لا بد من الاستمرار في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة في هذه القطاعات، عبر تبسيط الإجراءات وتقديم حوافز تنافسية حقيقية. يجب أن نركز على توطين التكنولوجيا الحديثة في الصناعة والنقل واللوجستيات، وأن نستفيد من أحدث الابتكارات العالمية لرفع كفاءة عملياتنا. كما أن تطوير رأس المال البشري وتأهيله بالمهارات اللازمة لسوق العمل المتطور، عبر برامج تدريب متخصصة ومواكبة للتحديات العصرية، يعد حجر الزاوية في استدامة هذا التقدم.
وأخيرًا، فإن تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتذليل أي عقبات بيروقراطية، سيضمن تسريع وتيرة الإنجاز وتحقيق الأهداف المرجوة.
إن تحويل مصر إلى قوة صناعية ولوجستية إقليمية وعالمية ليس مجرد حلم، بل هو هدف قابل للتحقيق بفضل الإرادة السياسية، والجهود المخلصة، والعزيمة التي لا تلين. إن ما نشهده اليوم هو أساس نبني عليه، ولكن الطريق لا يزال يتطلب منا جميعًا، حكومة وشعبًا، أن نضاعف الجهود، وأن نتبنى رؤى أكثر جرأة، لكي تتبوأ مصر مكانتها التي تستحقها بين الأمم المتقدمة، وتشرق شمسها على مستقبل مزدهر لأجيالها القادمة.
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ 24 ساعة، لـ أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
«السوشيال ميديا» فيها سُم قاتل
17 يوليو 2025 11:15 م
الرُخص الذهبية ودورها في تعزيز تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة
16 يوليو 2025 06:43 م
الدكتورة إيمان سيد عثمان تكتب: معلومات أساسية لبدء مشروع تربية النعام
15 يوليو 2025 05:54 م
أكثر الكلمات انتشاراً