السبت، 12 يوليو 2025

11:13 م

"أزمة المعادن النادرة"، البنتاجون يستثمر 400 مليون دولار ويبدأ سباق الاستقلال الصناعي

السبت، 12 يوليو 2025 01:32 م

المعادن النادرة

المعادن النادرة

تحليل/ ميرنا البكري

وسط الصراع العالمي على المعادن الأرضية النادرة التي تعتبر العمود الفقري لصناعات المستقبل، من سيارات كهربائية لمقاتلات الشبح (طائرات حربية)، دخلت البنتاجون (وزارة الدفاع الأمريكية) بقوة على خط المواجهة.

وعقد الوزارة صفقة جديدة مع شركة "إم بي ماتيريالز" ليس استثمارًا ماليًا، بل إعادة رسم لخريطة الهيمنة الصناعية التي كانت الصين تسيطر عليها بقبضة من حديد، حيث تعد هذه الصفقة ليست مجرد شراكة، بل رسالة صريحة من أمريكا: "لن نظل تحت رحمة بكين".

المعادن النادرة: مجال آخر للتنافس الصيني الأمريكي!! – الوفاق
أزمة المعادن النادرة بين الصين وأمريكا

 

الصين vs أميركا، معركة المعادن النادرة التي أشعلت السوق

ومنذ سنوات، وأمريكا معتمدة على الصين في استيراد مغناطيسات نادرة مثل النيوديميوم والديسبروسيوم، وتدخل هذه العناصر في إنتاج بطاريات السيارات الكهربائية، وصناعة الطائرات والصواريخ، وتكنولوجيا الدفاع والأقمار الصناعية.

لكن في إبريل 2025، ضربت الصين تحت الحزام، فارضة قيودًا على تصدير المغناطيسات النادرة، ردًا على الرسوم الأمريكية، والنتيجة توترت سلاسل الإمداد الغربية، كما أوقفت مصانع السيارات عجلة الإنتاج، فالصين استخدمت  "المعادن النادرة"، كسلاحٍ اقتصاديٍ وسياسيٍ، الأمر الذي حفز إفاقة أمريكا ودفعها بأن تقرر التحرك.

مناورة البنتاجون، 400 مليون دولار لإنقاذ الأمن الصناعي

وأعلن البنتاجون أنه سيضخ 400 مليون دولار في شركة “إم بي ماتيريالز”، وهي الشركة الوحيدة في أمريكا التي تعمل في تعدين وتصنيع المعادن النادرة، وليس ذلك فقط، بل هناك قرض إضافي بـ150 مليون دولار، لتطوير قدرات المعالجة، واستثمارات خاصة بقيمة مليار دولار، لبناء مصنع جديد لإنتاج المغناطيسات، وسيبدأ الإنتاج في 2028.

وبذلك، يصبح البنتاجون أكبر مساهم في الشركة، ما يجعل "إم بي ماتيريالز"، ذراعًا شبه رسمي للحكومة الأمريكية في المعركة ضد الهيمنة الصينية.

المصنع الجديد، خطوة هامة ولكنها غير كافية

ورغم الحماس، لا بد أن نعترف أن مصنع المغناطيس الجديد، لن يبدأ العمل قبل عام 2028، وهذا يعني، استمرار أمريكا في الاعتماد على الصين في المدى القريب، وقد تواجه المصانع الأمريكية، نقصًا في التوريد وتأخيرًا في الإنتاج، كما تستمر المنافسة الصينية في الضغط على السوق من خلال الأسعار المنخفضة.

لكن على المدى الطويل، يستطيع المصنع إنتاج أكثر من 10 آلاف طن سنويًا من المغناطيسات، كافية لتغطية احتياجات البنتاجون بالكامل (5 آلاف طن)، والباقي يتصدر أو يدخل صناعات تجارية.

سياسة “السعر المضمون”، درع ضد إغراق الصين

وحدد البنتاجون 1,10 دولارات للكيلو كسعر ثابت للمغناطيسات النادرة لمدة 10 سنوات؛ ليمنع الصين من تكرار نفس اللعبة، وهي إغراق السوق بأسعار منخفضة، فتفلس المنافسين كما حدث مع شركة “موليكورب” في الماضي، وتحمي هذه السياسة "إم بي ماتيريالز" من تقلبات السوق، وتعطيها استقرارًا ماليًا طويل الأجل.

مفارقة مضحكة، إم بي ماتيريالز كانت تعمل مع الصين

والمضحك في الأمر، أن "إم بي ماتيريالز" تأسست عام 2017م، بمساعدة شركة صينية شبه حكومية، تسمى "شينجه"، والتي قامت بشراء كل إنتاج الشركة حتى 2025، وتنقل التكنولوجيا للشركة في المعالجة والتكرير، لكن بعد فرض أمريكا للرسوم، انسحبت “شينجه”، وسهم الشركة تراجع  10%، ما شكل خطرًا كبيرًا على استمراريتها، حتى دخول البنتاجون كـ"منقذ رسمي".

اقرأ أيضًا:-

المعادن النادرة، سلاح الصين السري يشعل صراع العمالقة

من بكين لتكساس، تفاصيل حرب المعادن النادرة من تحت الطاولة

البنتاغون
وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)

 

توقعات اقتصادية

وعلى المستوى الأمريكي، تبني الآن سلسلة توريد محلية بالكامل للمعادن النادرة، وقد تقلل هذه التحركات التبعية للصين على المدى الطويل، لكن في المدى القصير، مازالت أمريكا معرضة لهزات بسبب فجوة الإنتاج.

وعلى المستوى العالمي، ستظهر تحالفات جديدة بين أمريكا ودول أخرى منتجة للمعادن (مثل أستراليا وكندا)، وقد ترد الصين بإجراءات مضادة (مثل خفض الأسعار أو احتكار مواد نادرة أخرى)، وسيشهد السوق توترًا دائمًا ما بين التصنيع المحلي، والهيمنة الصينية.

ختامًا، تعتبر صفقة "إم بي ماتيريالز" نقطة تحول في السياسة الصناعية الأمريكية، لكن التحدي الحقيقي، ليس في ضخ المال، إنما في السرعة، والكفاءة، والاستدامة، وإذا استطاعت أمريكا بناء سلسلة إنتاج مستقلة، وأن تنافس الصين فعليًا، فسيصبح لدينا تحول اقتصادي تاريخي.

لكن إذا استمر البطء في  التحركات، فستظل بكين متحكمة في مفاتيح معادن المستقبل، وأي توتر سياسي قد يعطل اقتصادًا بأكمله، وسيكون القادم سباق بين "من يسبق ويبني أسرع"، و"من يستطيع الاستغناء عن الآخر أولًا".

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
 

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، وبالاضافة لتغطية ومتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search