الجمعة، 11 يوليو 2025

05:53 ص

سباق أوروبا الفضائي بين الحاجة للاستقلال ومخاطر التأخر

الخميس، 10 يوليو 2025 09:04 م

الأقمار الصناعية

الأقمار الصناعية

في وقت تتعاظم فيه أهمية الفضاء في الأمن القومي والاقتصاد العالمي، يبدو أن أوروبا دخلت في سباق محموم مع الزمن، لتأمين استقلالها الفضائي، وتحديدًا من خلال تطوير قدراتها لإطلاق الأقمار الصناعية من أراضيها القارية، بعيدًا عن الهيمنة الأمريكية المتزايدة في هذا القطاع الحاسم.

وتوضح المؤشرات، أن 154 عملية إطلاق أمريكية، مقابل ثلاثة فقط أوروبية في 2024، ووفق بيانات الاتحاد الأوروبي، فإن هذا الخلل في التوازن لا يعكس فقط تفوقًا تكنولوجيًا، بل يُظهر اعتمادًا بنيويًا على البنية التحتية الأمريكية، خاصة في ظل الدور المحوري لشركات مثل “سبيس إكس” التابعة لإيلون ماسك، والتي تدير شبكة “ستارلينك” المكونة من آلاف الأقمار الحيوية للاتصالات.

أوروبا وأمريكا

مزيج من الجغرافيا والجيوسياسة

ومن السويد إلى النرويج، وتحديدًا في مركز "إسرانج" وميناء "أندويا" الفضائي، تتحرك أوروبا لتثبيت أقدامها على خارطة الفضاء العالمية، وهذه المواقع، وإن كانت نائية، إلا أنها تملك خصائص فريدة تتمثل في، مساحات شاسعة، تبعد عن التلوث الضوئي، وبنى تحتية داعمة، وأهم من ذلك، قرب نسبي من العواصم الأوروبية مقارنةً بمنصة غيانا الفرنسية البعيدة في أمريكا الجنوبية.

ولكن الدافع ليس فقط تقنيًا، بل سياسي بامتياز، فسياسات "أمريكا أولًا" التي انتهجها ترامب، وعودة التهديدات الأمنية إلى القارة نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية، أعادت تشكيل أولويات الاتحاد الأوروبي، ومع احتمال عودة ترامب إلى الحكم، بات القلق الأوروبي من استخدام الفضاء كورقة ضغط جيوسياسية، مبررًا أكثر من أي وقت مضى.

أقمار صناعية

 

فجوة استثمارية وهيكلية

ورغم أن قطاع الفضاء يُعد من أكثر القطاعات جاذبية للاستثمار عالميًا، حيث استحوذت أوروبا على أقل من 10% فقط من أصل 143 مليار دولار تم ضخها في هذا المجال في 2024، وهذه النسبة المتدنية تكشف عن فجوة تمويلية واضحة، تقابلها سيطرة متنامية من اللاعبين الأمريكيين والأسيويين.

في المقابل، تسعى الشركات الناشئة الأوروبية، مثل "إيزار إيروسبيس" الألمانية، لاقتحام هذا المجال بخطى حذرة ولكن طموحة، مستفيدة من تصاعد الطلب العسكري والمدني، وخاصةً في ظل التوسع الكبير المتوقع في الأقمار الصناعية ذات المدار الأرضي المنخفض LEO، والتي تشير تقديرات جولدمان ساكس، إلى احتمال إطلاق 70 ألفًا منها في غضون خمس سنوات.

اقرأ أيضًا:

"الناتو وتكاليف التسليح"، سباق تسليحي على حساب الأولويات الاقتصادية

تحديات تقنية وزمنية

ورغم هذه الجهود، تبقى التحديات كبيرة، فصاروخ "أريان 6" الأوروبي، رغم نجاح إطلاقه أخيرًا، يعاني من عدم القدرة على إعادة الاستخدام، وتكلفة تشغيلية مرتفعة، ما يجعله غير قادر على منافسة مرونة وكفاءة صواريخ "فالكون 9" التابعة لسبيس إكس.

كما أن مراكز الإطلاق الجديدة، كـ"إسرانج" و"أندويا"، لا تزال في طور التجهيز، وتحتاج إلى عام على الأقل لتكون جاهزة بالكامل للعمليات المدارية، وهذا التأخير يفرض على أوروبا واقعًا صعبًا، إما اللحاق بسرعة، أو الاستمرار في موقع التابع في معادلة الفضاء الدولية.

سبيس إكس

 

الأمن القومي على المحك

والاهتمام المتزايد من وزارات الدفاع الأوروبية والناتو، يعكس إدراكًا متأخرًا نسبيًا لأهمية الفضاء كساحة إستراتيجية، إذ لم يعد الفضاء رفاهية علمية، بل خط دفاع أول في الحروب الحديثة، وخاصةً مع تصاعد الحاجة إلى قدرات استجابة سريعة، كإطلاق أقمار بديلة خلال 24 ساعة، وهو ما تعمل عليه شركات مثل "فايرفلاي" الأمريكية في شراكتها مع "إسرانج".

اقرأ أيضًا:

أوروبا بين المطرقة والسندان، صراع القوى في 2025 قد يغير وجه القارة

هل تتدارك أوروبا الموقف؟

التحرك الأوروبي الحالي يُعد خطوة صحيحة، ولكن متأخرة في سباق الفضاء العالمي، وإذا أرادت القارة العجوز فعليًا تقليص تبعيتها للولايات المتحدة، فعليها الاستثمار بشكل أعمق، وتوحيد جهودها البحثية والتمويلية، وتسريع وتيرة الابتكار، لا سيما في مجال الصواريخ القابلة لإعادة الاستخدام.

والفضاء، كما يبدو اليوم، لم يعد مجرد حلم علمي، بل ميدان سيادة وسياسة واقتصاد، وأوروبا إن أرادت مكانًا على هذا المسرح، فعليها أن تتحرك الآن، وبسرعة.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search