الثلاثاء، 17 يونيو 2025

01:33 ص

شركات الدفاع الناشئة في أوروبا، رهينة الاستدامة في زمن الحروب

الإثنين، 16 يونيو 2025 08:35 م

شركات الدفاع الناشئة في أوروبا

شركات الدفاع الناشئة في أوروبا

في وقت تُضخ فيه مئات المليارات من اليوروهات في ميزانيات الدفاع الأوروبية، تجد الشركات الناشئة في قطاع تكنولوجيا الدفاع نفسها محاصرة بين مطرقة إرشادات الاستدامة الأوروبية، وسندان احتكار الشركات الكبرى، مثل إيرباص وراينميتال.

وخصص الاتحاد الأوروبي ما يصل إلى 800 مليار يورو للإنفاق الدفاعي حتى عام 2030، ومع ذلك، لا تزال الشركات الناشئة تجد صعوبة في اقتطاعٍ ولو جزءٍ ضئيلٍ من هذه الكعكة، فبينما يُنتظر من هذه الشركات أن تسد فجوة الابتكار وتقدم حلولًا غير تقليدية، تقف لوائح الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية ESG، عائقًا قانونيًا وأخلاقيًا في وجه استثماراتها.

قدرات الاتحاد الأوروبي العسكرية

اقرأ أيضًا:

الأموال وحدها لا تصنع الجيوش، أوروبا أمام اختبار البقاء العسكري

رأس المال الحائر.. الدفاع أم الاستدامة؟

وخلال عام 2024، قفز تمويل رأس المال الاستثماري لقطاع تكنولوجيا الدفاع في أوروبا إلى 1 مليار دولار، مقارنة بـ 200 مليون فقط في 2020، ولكن هذه الأرقام رغم تصاعدها تظل هامشية، فقط 1.7% من إجمالي الاستثمارات المغامرة في أوروبا ذهبت لهذا القطاع، مقارنة بقطاعات التكنولوجيا المدنية أو الصحة.

ورغم هذه الطفرة، فإن قواعد الاتحاد الأوروبي تمنع الكثير من صناديق الاستثمار المدعومة حكوميًا من تمويل الأسلحة ذات الاستخدام الواحد، باعتبارها لا تتماشى مع قيم الاستدامة وحماية البيئة وحقوق الإنسان.

وهو ما يدفع مستثمرين كبار مثل بوريس موسييلاك، إلى الاقتصار على الأمن السيبراني فقط، فيما تقر شركات ناشئة مثل ألباين إيجل، أن التمويل يُمنح فقط لمن يلتزم بخطاب أخضر.

الذكاء الاصطناعي في الحروب

 

الاستخدام المزدوج والتحايل المشروع

وأمام هذا الواقع، تلجأ بعض الشركات إلى تقديم منتجات ذات استخدام مزدوج أي قابلة للتطبيق في المجالات المدنية والعسكرية على حدٍ سواء، وتشمل هذه الابتكارات مجالات مثل الروبوتات، والرؤية الحاسوبية، والطائرات دون طيار، وبرمجيات ساحة المعركة.

وفي هذا السياق، برزت ثلاث شركات أوروبية ناشئة وصلت قيمتها إلى أكثر من مليار دولار، وهي:-

  • هيلسينج (Helsing): برمجيات ميدان المعركة – ألمانيا.
  • كوانتوم سيستمز (Quantum Systems): طائرات مُسيرة – ألمانيا.
  • تيكيفر (Tekever): طائرات بدون طيار – البرتغال.

هذه الشركات نجحت في التموضع داخل مساحة رمادية، تجمع بين تلبية احتياجات الدفاع دون تجاوز الخطوط الحمراء الأخلاقية للاتحاد الأوروبي.

اقرأ أيضًا:

بين نيران الحروب وسؤال الـ HR "شايف نفسك فين كمان خمس سنين"

ضغط جيوسياسي يعيد تشكيل الأولويات

دونالد ترامب، الذي عاد بقوة إلى المشهد الدولي، دعا دول الناتو لرفع إنفاقها الدفاعي إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يُعد تصعيدًا غير مسبوق في معايير التسلح.

وفي ظل الحرب المستمرة في أوكرانيا والتهديدات المتزايدة من روسيا، تجد أوروبا نفسها مضطرة إلى إعادة تعريف علاقتها بالدفاع، ليس فقط على مستوى التسليح، بل أيضًا على مستوى التمويل والتشريعات.

وقد بدأت بعض الدول بالفعل بكسر المحظورات الأخلاقية، فنلندا ألغت قيودَ وكالة التقاعد الحكومية على الاستثمار في الصناعات الدفاعية، بينما شركة بريستو فينتشرز، بالتعاون مع شركة CSG التشيكية، أطلقت صندوقًا بقيمة 150 مليون يورو مخصصًا للاستثمار في الأسلحة.

تكنولوجيا الحروب

 

ماذا بعد؟ أوروبا أمام معادلة حساسة

ما يحدث الآن يعكس تناقضًا بنيويًا في فلسفة الاتحاد الأوروبي، فمن جهة، رغبة واضحة في تعزيز قدراته الدفاعية، ومن جهة أخرى، التزام صارم بإطار ESG، والذي يعتبر بعض أنواع الدفاع غير أخلاقية.

إعادة صياغة قواعد الاستثمار الدفاعي باتت مسألة وقت، إذ تستعد المفوضية الأوروبية لاقتراح تعديلات تتيح مرونة أكبر للحكومات في عقود الشراء الدفاعي، في محاولة لتسهيل دخول الشركات الناشئة للسوق دون إخضاعها بالكامل لمعايير ESG.

 

اقرأ أيضًا:

حرب القروض والرصاص، هل يصمد الاقتصاد الباكستاني أمام تصعيد الهند؟

 

خلاصة اقتصادية

السوق الدفاعي الأوروبي ينمو، لكن نسبة المشاركة الناشئة ضعيفة، والتمويل ما زال يذهب بنسبة كبيرة إلى الشركات العملاقة، إرشادات الاستدامة، رغم أهميتها، أصبحت عقبة استثمارية تقيد الابتكار في قطاع حيوي ومتسارع.

الفرص الكبرى في قطاع الدفاع اليوم، ليست فقط في التسلح، بل في الذكاء الاصطناعي، والتحكم الذكي، والأنظمة المدمجة التي تخدم الاستخدام المزدوج، والمستقبل القريب سيشهد بلا شك تحولًا في قواعد اللعبة، من التمويل إلى السياسات.

Short Url

showcase
showcase
search