أمريكا والصين، تفاوض في الظل يُعيد تشكيل الاقتصاد العالمي

الخميس، 03 يوليو 2025 11:04 ص

أمريكا والصين

تحليل / ميرنا البكري

ما حدث مؤخرًا بين أمريكا والصين ليس مجرد تعديل في ورق التراخيص، بل مؤشر لتحول كبير في المشهد الاقتصادي العالمي، عندما نجد إدارة ترامب تقلل القيود على تصدير برمجيات تصميم الرقائق للصين، فتلك ليست "صفقة"، بل إعادة ترتيب أولويات، ورسالة مشفرة للعالم بأكمله، حتى أقوى الصراعات قد تلين حينما تحكمها المصالح.

ما العقبات التي تمنع الصين من حسم معركة الرقائق لصالحها؟ — **برمجيات تصميم الرقائق**

الصفقة التقنية، برمجيات وأجنحة طائرات مقابل معادن نادرة

الموضوع باختصار كأن الولايات المتحدة والصين يجلسان على طاولة تفاوض في مباراة ثقيلة، وكلََا منهما يحاول الخروج بأكبر مكسب دون أن يخسر الكثير، وقالت الولايات المتحدة للصين، سنُعيد السماح بتصدير بعض المنتجات التي كنا قد أوقفناها سابقًا، مثل برمجيات تصميم الرقائق الإلكترونية، والإيثان المستخدم في الصناعات، بالإضافة إلى بعض أنواع المحركات النفاثة.

وردت الصين بتسهيلات في تصدير المعادن الحيوية التي تحتاجها أمريكا مثل الليثيوم والعناصر الأرضية النادرة، وهذا يعني أن كلا الطرفين يسعيان، إلى تخفيف حدة التوتر، الذي تراكم نتيجة حرب التكنولوجيا المستمرة، منذ سنوات، ويحاولان إيجاد صيغة توازن تُعيد ترتيب العلاقة بينهما، من دون أن يظهر أي منهما وكأنه قدم تنازلات للطرف الآخر.

برمجيات تصميم الرقائق، "عقل" الصناعة الإلكترونية

تعتبر برمجيات تصميم الرقائق (مثل التي تنتجها سيمنز وكادنس وسينوبسيس) هي عقل الصناعة الإلكترونية. وبدونها، لا يوجد شرائح إلكترونية، أو موبايلات، أو سيارات ذكية، حتى الصواريخ غير مسموح بها.

لا تباع هذه البرمجيات على الرف فحسب، بل أدوات تعطي "تفوق صناعي" لأي دولة تمتلكها، فـيعتبر تخفيف أمريكا لهذه القيود، أنها تحاول كسب شيء آخر أهم.

الإيثان ومحركات الطائرات، دعم للصناعة الأمريكية

في المقابل، تصدر أمريكا إيثان (مادة بترولية مهمة للصناعات البلاستيكية والكيميائية) ومحركات الطائرات النفاثة، وهذه صناعات حساسة، وتحقق مليارات في التصدير، أي ببساطة أمريكا تكسب على الجبهتين، تفتح سوق ضخم لصناعاتها، وتأخد بالمقابل مواد حيوية تحتاجها صناعاتها التكنولوجية والطاقة النظيفة.

من الرابح ومن الخاسر؟ مكاسب سريعة لأوروبا والصين

ينحصر الرابحون على المدى القصير، في شركة سيمنز الألمانية التي عادت مرة أخرى لإرسال منتجاتها للصين، كما تستفيد شركات الطاقة الأمريكية من تصدير الإيثان ومحركات الطائرات. أما الصين، فنجحت في الوصول لتكنولوجيا كانت محرومة منها منذ فنرة طويلة، وكل ذلك دون أن تغضب أمريكا عسكريًا أو سياسيًا. أي الكل خرج تقريبًا مستفيد من هذه القصة.

الخاسر المؤقت، هو شركات مثل كادنس وسينوبسيس فلم يصل لها إخطار رسمي، وقد يسبب ذلك فجوة في التنافس، وأيضًا التحكم الأمريكي في سلاسل الإمداد التكنولوجية يضعف مع الوقت، خاصةً إذا استغلت الصين هذه الفرصة وبدأت في بناء بدائل خاصة بها.

المعادن النادرة، سلاح الصين السري يشعل صراع العمالقة

بين ترامب وشي، حرب التكنولوجيا لا تنتهي بين أمريكا والصين

مركز الإمارات للسياسات | الاجتثاث والانتقام: حرب الرقائق الإلكترونية بين الصين والولايات المتحدة — **الصراع التكنولوجي بين الصين وأمريكا**

توقعات الفترة المقبلة

1. من المتوقع أن تستغل الصين الوضع، وتسرع من عملية تطوير رقائقها الخاصة، خاصةً أن الوصول لبرمجيات التصميم سيساعدها لتقليل الاعتماد على شركات مثل "TSMC".

2.قد تُركز الولايات المتحدة بشكل أكبر على المعادن الحيوية، نظرًا لأهميتها الحاسمة في الواقع الحالي؛ فبدون الليثيوم والكوبالت لا يمكن تصنيع البطاريات، مما يؤثر سلبًا على مستقبل الطاقة النظيفة وتطويرها.

3. ستصبح شركات التكنولوجيا الأوروبية لاعب أساسي في هذه المعركة، لأنها "مقبولة" للطرفين، ومن المحتمل أيضًا أن تلعب دور الوسيط التكنولوجي.

ختامًا، ما حدث ليس نهاية حرب التكنولوجيا، بل مجرد جولة هدنة مؤقتة، لكن هذه الهدنة بها فرص اقتصادية ضخمة، سواء لأمريكا أو الصين وكل طرف يحاول أن يأخد "نفسه" قبل الجولة المقبلة.

تشير هذه التحركات أن الاقتصاد العالمي لا يسير بمبدأ "عدو وعدو"، بل بمبدأ “أنا أحتاجك، وأنت تحتاجني”، وكلما زادت المعركة على التكنولوجيا، ستزيد الصفقات من هذا النوع أكثر؛ لأنه ببساطة، في عصر الرقائق والذكاء الاصطناعي، من يمتلك الشفرة هو القادر على صياغة المصير.

تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، وبالاضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ 24 ساعة، لـ أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية، في مصر والوطن العربي وحول العالم.