بين الانهيار الاقتصادي والاستقرار المالي، واقع الديون في الدول العربية
الأحد، 29 يونيو 2025 07:43 م

الديون مقابل الناتجالمحلي الإجمالي
تحليل/ ميرنا البكري
في زمن مليء بالأزمات السياسية والاقتصادية، حدثت تقلبات أسعار، واشتعلت حروب في أطراف الخريطة، بل أصبحت ديون بعض الدول مثل النار، فقد اقترضت دول عربية، فيما حاولت أخرى أن تسير على الحبل دون أن تقع، وسنوضح في هذا التحليل، الخريطة المالية للعالم العربي، ونتعرف على، من هي الدول التي تسير على الحافة وتوشك على الانهيار؟ ومن هي الدول التي ما زالت تقف على أرض صلبة؟ وكيف يمكن للدين أن يكون سببًا في انهيار الاقتصاد أو وسيلة لإنقاذه؟

“قنبلة موقوتة”، خريطة الدين في العالم العربي
ويقيس الدين العام مدى حجم ديون الدولة، مقارنة بحجم اقتصادها (الناتج المحلي الإجمالي)، وكل ما زاد هذا الرقم، كل ما أصبحت الدولة مهددة بعدم القدرة على السداد، ما يؤثر على تصنيفها الائتماني، وثقة المستثمرين ويفتح باب الأزمات.
وفي عام 2024، تظهر بيانات نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي، أن أرقام الدين في بعض الدول العربية، وصلت لمستويات مخيفة، وتقول إن هناك دول بالفعل في خطر، وأعلى نسبة كانت في السودان، التي وصلت ديونها لـ272% من حجم اقتصادها، وهذا يعني أن كل جنيه تكسبه الدولة، يقابله تقريبًا بـ3 أضعافه ديون.
ويأتي بعدها لبنان بنسبة 164.1%، وذلك طبيعي وسط الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلد منذ سنوات، والبحرين أيضًا نسبة الدين لديها 134%، أي أكثر من حجم الاقتصاد نفسه، وهو ما يضعها في منطقة خطر.
وسجلت ديون الأردن، حوالي 95.9% من الناتج المحلي، ومصر قريبة جدًا بنسبة 90.9%، أي الإثنين يسيرون على حافة الخطر، خاصةً مع ارتفاع الفوائد، وتكلفة خدمة الدين.
أما تونس فلديها أقل نسبة في هذه المجموعة، وحوالي 83.1% لكن الرقم عالٍ وغير مطمئن، تحديدًا مع ضعف النمو الاقتصادي هناك، كما أن هذه الأرقام تقول إن الكثير من الدول، أصبحت تحت ضغط كبير، وكل ما تزداد الديون، يغرق الاقتصاد أكثر.
ورغم إن الأسباب مختلفة من بلد لأخرى، لكن في النهاية النتيجة واحدة، ديون كثيرة واقتصاد يعاني، والأوضاع في السودان خارجة عن السيطرة بسبب الاستدانة المفرطة، والحرب الأهلية، إضافة إلى الانهيار الاقتصادي الشبه كامل للبلاد.
أما لبنان، فالقصة كلها فساد مالي متراكم، وتخلف عن سداد الديون، كما أن انفجار بيروت كان القشة التي قصمت ظهر الاقتصاد، والبحرين تأثرت بتراجع أسعار النفط، ومع عجز الموازنة الذي أصبح شبه دائم، الوضع لم يعد سهلًا.
وتصارع مصر خدمة دين مرهقة، وسياسة داخلية غير مستقرة، وضغوط خارجية تزيد العبء، وأما عن تونس والأردن، فالمشكلة في ضعف الإيرادات، مع أزمات إقليمية حول البلدين تجعل النمو شبه متعطل.
اقتصاديات قوية تتنفس بحُرِّية بعيدًا عن أعباء الديون
هناك دول لاتزال تتمتع بـ"أوكسجين" مالي، أي نسبة ديونها قليلة مقارنة بحجم اقتصادها، ما يمنحها قوة أكبر لمواجهة التحديات. مثلًا الكويت ديونها 3% من الناتج المحلي، وذلك رقم صغير جدًا، وتسير السعودية أيضًا بنسبة ديون حوالي 30%، وتُقدر ديون الإمارات بـ32%، وحتى الجزائر نسبتها أعلى قليلًا لكن لازالت تحت السيطرة بـ46%، وهذه الدول مازلت تقف على أرض صلبة، وقد تتحرك براحة أكثر بدون ضغط الديون الثقيل.

كيف نجحت هذه الدول في إدارة ديونها وحققت الاستقرار الاقتصادي؟
وتمتلك الكويت، صندوقًا سياديًا ضخمًا جدًا، والدين الخارجي أصبح شبه منعدم.
وتتبع السعودية رؤية 2030، وتقلل الاعتماد على النفط، مع الترشيد في الإنفاق.
كما تمتلك الإمارات، فائضًا ماليًا كبيرًا، وأصولًا خارجية ضخمة.
ديون الحكومات، عبء مالي على كل فرد
من جانبها قامت بلومبرج بحساب نصيب الفرد من ديون الحكومات، فالأرقام مزعجة في بلاد مثل لبنان والسودان، لأن الدين ليس مجرد رقمٍ حكوميٍ بل عبء ثقيل على كل فرد داخل البلاد.
ولكي تسد عجز، أو تدفع مرتبات، أو تمول عشوائيات، يزود ذلك التضخم ويعيق النمو، كما أن خدمة الدين (أقساط وفوائد)، تأكل نصف الإيرادات، أي لا يوجد أموال تُصرف على التعليم أو الصحة أو البنية التحتية.
وقد ينقذك الدين، إذا تم إنفاقه في مشاريع إنتاجية أو بنية تحتية أو تعليم، حيث سيعود بأضعافه في المستقبل، فيما كثير من الدول الفقيرة (ضمن مبادرة HIPC) والتي استطاعت تحقيق نمو باستخدام الديون بذكاء وحكمة.
الدين، سلاح ذو حدين بين النمو والعبء الثقيل
وقالت بعض الدراسات الهامة، أن صندوق النقد الدولي 2022 قال إن الدين يكون ضارًا للدول التي تعاني بالفعل من مستويات دين مرتفعة، فيما صندوق النقد العربي 2024، أعلن أن الدول العربية المتوسطة والغنية، نجحت في استخدام الدين لتحقيق النمو، أما الدول الفقيرة فلم تستطع ذلك.
الديون المدروسة، كيف تُستخدم القروض بذكاء للنمو والتنمية
ويقدم صندوق النقد، قروضًا مشروطةً بإصلاحات هيكلية (مثل مصر والمغرب والأردن واليمن)، فيما يدعم البنك الدولي برامج حماية اجتماعية، ويقدم تمويلًا لمشاريع رقمية وشمولًا ماليًا، ما يوضح أن الديون ليست دائمًا شرًا، لكن لابد أن تتوجه بذكاء.
اقرأ أيضًا:-
البنك الدولي: مصر تسدد 11 مليار دولار من الديون في 2025 وسط تحديات اقتصادية
المالية: «الديون» تمثل العائق الأكبر للتنمية في الاقتصادات الناشئة والدول الإفريقية

توقعات وتحذيرات
ودخلت بعض الدول بالفعل الأزمة (مثل لبنان)، وهناك دول عالخط الأحمر (كـ مصر، السودان، جيبوتي، تونس)، كما إن هناك دول مازال لديها مرونة (مثل السعودية والإمارات والكويت).
لكن الأمر كله يعتمد على سياسات الإنفاق، وتنويع الاقتصاد، وتقليل خدمة الدين، والحفاظ على ثقة السوق والمستثمرين.
ختامًا، قصة الدين في العالم العربي ليست أرقامًا على ورق، لكنها واقع يؤثر على حياة الملايين وعلى مستقبل دول كاملة، وفي دول ديونها غارقة ومهددة بالانهيار، وهناك دول أخرى مازالت تقف على أرض صلبة، والفارق الكبير يكمن في كيفية إدارة الدين، فهل ستصبح عبئًا يدمر اقتصاد البلد، أم فرصة للنمو والتطور؟
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (تيليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، وبالاضافة لتغطية ومتابعة على مدار الـ 24 ساعة، لـ أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
الذكاء الاصطناعي يهدد ويخدع ويضع العالم أمام تحدي الاستغناء عنه أو مواجهته
29 يونيو 2025 04:15 م
كشف أثري جديد في أسوان، 3 مقابر صخرية من عصر الدولة القديمة بقبة الهوا (صور)
29 يونيو 2025 12:36 م
صعود قطاع "المساعدين عن بعد" في الفلبين، مكاسب اقتصادية غير تقليدية
29 يونيو 2025 12:37 م


أكثر الكلمات انتشاراً