الأربعاء، 25 يونيو 2025

09:47 م

4.3 تريليون دولار، كيف يعيد اقتصاد الابتكار في آسيا تشكيل خريطة النمو العالمي؟

الأربعاء، 25 يونيو 2025 04:40 م

صورة أرشيفية

صورة أرشيفية

في الوقت الذي يشهد فيه العالم تحولات اقتصادية وجيوسياسية متسارعة، تبرز آسيا كقوة دافعة في إعادة تشكيل الاقتصاد العالمي من خلال تبني نموذج قائم على الابتكار التكنولوجي المستدام. 

فمن الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المناخية، إلى التقنيات العميقة والبنية التحتية الرقمية، تسخر دول القارة هذه الأدوات ليس فقط لتحفيز النمو المحلي، بل لتوسيع تأثيرها في الأسواق العالمية.

ويمثل "اقتصاد الابتكار" في آسيا اليوم أكثر من مجرد تطوير للتكنولوجيا، بل هو منظومة متكاملة تجمع بين السياسات الحكومية المرنة، والاستثمارات الجريئة، وريادة الأعمال الموجهة نحو التأثير، لتتحول إلى محرك فعال للنمو والتحول البيئي والاجتماعي. 

التجربة الآسيوية نموذجًا عمليًا في الابتكار وتأثيره على الاقتصاد

وبينما تتجه أنظار العالم نحو مستقبل قائم على الاستدامة والتحول الرقمي، تقدم التجربة الآسيوية نموذجًا عمليًا لما يمكن أن تحققه الدول عندما تضع الابتكار في صميم استراتيجياتها الاقتصادية.

في ظل التحولات العميقة التي يشهدها الاقتصاد العالمي، تبرز آسيا كلاعب رئيسي في قيادة موجة جديدة من الابتكار التكنولوجي المستدام، وتمتلك القارة، التي تضم نحو 60% من سكان العالم، بنية تحتية متسارعة في مجالات الذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا المناخية، والتقنيات العميقة (Deep Tech)، ما يجعلها في صدارة الاقتصادات التي تعيد تشكيل الصناعات والأسواق العالمية.

وسط التحديات الجيوسياسية والتقلبات الاقتصادية، يثبت النموذج الآسيوي قدرته على الدمج بين الاستراتيجية الحكومية، وريادة الأعمال، والتمويل المبتكر، في سبيل بناء منظومات ابتكار قابلة للتوسع، وتخدم الأهداف التنموية والبيئية في آنٍ واحد.

الابتكار في قلب التنمية الاقتصادية الآسيوية

وبحسب تقرير حديث صادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي World Economic Forum، تحولت الابتكارات التكنولوجية في آسيا إلى ركيزة أساسية للنمو الاقتصادي، سواء عبر المختبرات السياسية في تايلاند، أو ممرات الطاقة النظيفة في الصين، أو مجمعات التكنولوجيا العميقة في سنغافورة وطوكيو. 

وبالرغم من توقع تباطؤ طفيف في النمو الاقتصادي للمنطقة من 4.6% في 2024 إلى 4.4% في 2025، إلا أن آسيا تظل محركًا رئيسيًا للنمو العالمي، لا سيما في القطاعات المرتبطة بالتحول في أنظمة الطاقة.

ووفقًا لتقرير المنتدي الاقتصادي العالمي، إلى أن الابتكار في قطاعات الطاقة المتجددة، وكفاءة البناء، والتنقل، والزراعة، والتصنيع الدائري، قد يساهم في خلق عائدات تصل إلى 4.3 تريليون دولار بحلول عام 2030.

عصر الذكاء الاصطناعي.. قفزة آسيوية نوعية

في عصر الذكاء الاصطناعي، تقود آسيا طفرة نوعية في الصناعات والخدمات. من الخدمات اللوجستية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، إلى التقنيات المناخية التنبؤية، تسهم الشركات الناشئة في ابتكار حلول مصممة خصيصًا لتعزيز القدرة على التكيف محليًا، مع قابلية التوسع عالميًا. هذا التوجه يُعيد تشكيل أسواق العمل وتدفقات الاستثمار بوتيرة غير مسبوقة.

مشهد استثماري يتغير.. والابتكار هو الطريق نحو "صفر انبعاثات"

وأشارت البيانات إلى أن 50% من التقنيات المطلوبة لتحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050 لم تطور بعد، تبرز أهمية الاستثمار في الابتكار، خاصة في المراحل المبكرة. ورغم ما تحمله هذه الاستثمارات من مخاطر وتكاليف مرتفعة، فإنها تظل ضرورية، بشرط توافر رأس المال طويل الأجل، والسياسات الحكومية الداعمة، والقطاعات القادرة على احتضان نماذج جديدة.

وأكد جاساندرا نيكر، الشريك الإداري في Saja Climate Partners، على أن الابتكار المنهجي في آسيا يتطلب كسر الحواجز التقليدية بين التكنولوجيا والسياسات والتمويل والمشروعات المحلية، لبناء منظومات قابلة للتوسع تلبي الأهداف الاقتصادية والبيئية.

الانتقال من "المنصات" إلى "التكنولوجيا العميقة"

وتشهد الاستثمارات في آسيا تحولًا استراتيجيًا ملحوظًا، حيث تنتقل من التركيز التقليدي على التكنولوجيا والمنصات الرقمية (TMT)، إلى قطاعات التكنولوجيا العميقة والهاردوير التكنولوجي. في الصين مثلًا، تُسرّع الابتكارات العلمية وتيرة التحول إلى الأسواق، مدعومة بسلاسل التوريد القوية.

وقال د. يانج شو، المدير المالي والمؤسس المشارك لشركة Gasgene، أن أحد أسباب جذب آسيا للمستثمرين هو البنية التصنيعية المتكاملة التي تتيح تنفيذ المشروعات بسرعة وكفاءة، كما حدث مع مصنعنا التجريبي الذي أُنشئ خلال 6 أشهر فقط بميزانية لا تتجاوز 2 مليون دولار.

إعادة تعريف دور المستثمر في بناء المنظومات الابتكارية

مع تغير الأولويات، أصبح من الضروري أن يعيد المستثمرون التفكير في أدوارهم ليس فقط كممولين، بل كمحركين للأنظمة البيئية المبتكرة. 

وفي هذا السياق، أوضح كارلو تشين ديلانتر، رئيس الاستدامة بشركة Gobi Partners، أن الشركة باتت تستثمر في مؤسسين يعملون عند تقاطع الذكاء، والتأثير، والإدماج، ويسعون لبناء منظومات قابلة للنمو عبر الحدود.

المنظومات الداعمة.. الركيزة الأساسية للابتكار القابل للتوسع

ويلعب التنسيق بين الشركات الكبرى، والمنظمات ذات الأهداف التنموية، دورًا متزايد الأهمية في دعم الابتكار، خاصة في مجالات التحول المستدام. 

وتشهد آسيا طفرة في مشاريع الطاقة النظيفة، حيث يجري دمج التكنولوجيا المالية الخضراء في سلاسل التوريد، فيما تُستخدم السندات الخضراء لتمويل المشروعات.

في هذا الإطار، أوضحت جي شياو، المدير العام لمبادرة New Energy Nexus في الصين، أن مصانع الطاقة الافتراضية، والشبكات الذكية في سنغافورة وطوكيو، والمصانع الشمسية المصغرة في بانكوك وجاكرتا، تمثل نماذج متقدمة لجعل الطاقة النظيفة متاحة في المجتمعات منخفضة الكهرباء.

آسيا كنموذج عالمي.. التوسع من خلال التعاون طويل الأجل

وتمثل التجربة الآسيوية نموذجًا عالميًا لكيفية تحقيق التنمية المستدامة عبر الابتكار والتعاون. ومع استمرار التحديات المناخية والاقتصادية، يصبح من الضروري تعميق التكامل بين رأس المال، والسياسات، وريادة الأعمال.

ويعتبر الابتكار ليس هدفًا بحد ذاته، بل أداة لإعادة تشكيل الاقتصاد العالمي، وتحقيق توازن بين النمو والتنوع والاستدامة.

اقرأ أيضًا: مضيق هرمز في قلب العاصفة، كيف تضع أزمات الملاحة الاقتصاد العالمي على المحك؟


تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
 

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، وبالاضافة لتغطية ومتابعة على مدار الـ 24 ساعة، لـ أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search