بين الحروب والسياسات النقدية، السلع في مرمى النيران
الجمعة، 20 يونيو 2025 07:19 م

الحروب والسياسة النقدية
وسط تصاعد الأزمات الجيوسياسية وتقلبات الاقتصاد العالمي، تدخل أسواق السلع مرحلة مفصلية، إذ تقف عند تقاطع العنف العسكري في الشرق الأوسط، وتحديدًا الحرب المفتوحة بين إسرائيل وإيران، مع ديناميكيات الاقتصاد الكلي وأسعار الفائدة العالمية.

وفي قلب هذه العاصفة، تتجه الأنظار نحو الذهب والنفط والفضة بوصفها مؤشرات استراتيجية لحالة التوازن أو الاختلال في الأسواق الدولية.
التوترات الجيوسياسية تعيد تشكيل قواعد السوق
إن التصعيد العسكري بين إيران وإسرائيل لم يؤثر بعد بشكل مباشر على الإمدادات النفطية، لكنه يشكل ضغطًا نفسيًا كبيرًا على الأسواق.
كما أن السيناريو الحالي لا يشير إلى انقطاعات حقيقية، لكن التوتر المستمر في الخليج ينعكس على الأسعار من خلال عامل الخوف وحده، وهذا التأثير النفسي يمتد إلى سلع أخرى، مثل القمح وفول الصويا، حيث تزداد المخاوف من ارتفاع تكاليف الإنتاج والنقل وسط اضطرابات سلاسل الإمداد.
اقرأ أيضًا:
"حين يغضب النفط".. حرب إيران وإسرائيل تضرب الاقتصاد العالمي
الذهب.. صعود محكوم بتغيرات هيكلية
الذهب، يعيش حالة من الاستقرار المرتفع، مدفوعًا بعوامل جيوسياسية ونقدية عميقة، وعلى خلاف رؤية سيتي جروب التي رجحت انخفاض الذهب، إلى ما دون 2500 دولار، للأونصة بحلول منتصف 2026.
يتبنى ساكسو بنك موقفًا أكثر تفاؤلًا، ومن المتوقع أن يلامس الذهب حاجز 4000 دولار للأونصة بنهاية 2025، مستندًا إلى استمرار الطلب التحوطي من البنوك المركزية، خاصة الصين وروسيا، وضعف الدولار الأمريكي، وتزايد القلق العالمي من التقلبات السياسية والنقدية.
إن ارتفاع الذهب خلال السنوات الأخيرة لم يكن لحظة عابرة، بل يعكس تحولات عميقة في طبيعة السياسات المالية حول العالم.

الفضة من معدن تابع إلى لاعب مستقل
إن الفضة، التي تجاوزت 35 دولارًا للأونصة، بدأت تفرض نفسها كمعدن تحوطي مستقل، بدعم من الطلب الصناعي والاستثماري المتزايد.
ويتوقع أن ترتفع الأسعار إلى 40 دولارًا خلال الفترة المقبلة، مستندًا إلى تحسن نسب الأداء المقارن مع الذهب، والتي وصلت إلى 91%.
خلاف بنكي حول مستقبل المعدن الأصفر
فيما ترى بنوك استثمارية مثل سيتي جروب أن تحسن الاقتصاد العالمي سيؤدي إلى تراجع الطلب على الذهب، تبنّن كل من جولدمان ساكس ويو بي إس توقعات تصاعدية، مرجحين بلوغ الأسعار بين 3700 و4000 دولار على المدى القريب.
ويبرز هنا دور البنوك المركزية كعنصر خفي وحاسم، حيث تجاوزت مشترياتها من الذهب 1000 طن سنويًا منذ 2022، مما يمنح السوق زخمًا صعوديًا مستمرًا.
اقرأ أيضًا:
تحالف الأمس وصراع اليوم، إسرائيل وإيران من المصالح المشتركة إلى المواجهة العلنية
الطاقة والتحوط.. الحذر عنوان المرحلة
في قطاع الطاقة، إن الحذر أصبح ضرورة استراتيجية، إذ تلجأ الشركات إلى أسواق الخيارات للتحوط من المخاطر الجيوسياسية، فمع غموض المشهد في الشرق الأوسط، تتخذ المؤسسات خطوات استباقية لحماية أرباحها من صدمات محتملة في أسعار النفط والسلع الزراعية.

الاقتصاد الأمريكي حيث التباطؤ لا يعني الركود
أما بخصوص الاقتصاد الأمريكي، فإن التباطؤ الحالي بأنه تصحيح طبيعي وليس بداية لأزمة، ومن المتوقع أن يؤدي تراجع تدريجي في أسعار الفائدة إلى تعزيز الطلب على الذهب والمعادن، وأن العلاقة بين الفائدة والذهب ليست خطية كما يُعتقد، حتى في بيئة فائدة مرتفعة، قد يصعد الذهب إذا زادت حدة التوترات السياسية أو النقدية.
اقرأ أيضًا:
شرارة الحرب الكبرى.. سيناريوهات كارثية لصراع إيران وإسرائيل على الاقتصاد العالمي
فاتورة الحرب.. خسائر لا يمكن تجاهلها
التحليل لا يكتمل دون الإشارة إلى التكاليف الاقتصادية الفادحة للصراع الإيراني الإسرائيلي، إسرائيل، وفق تقديرات مستشار مالي سابق لرئيس أركان الجيش، تنفق حوالي 725 مليون دولار يوميًا على الحرب، في حين تجاوزت كلفة قصف غزة 67 مليار دولار.
الاقتصاد يتلقى ضربة موجعة مع إغلاق آلاف الشركات وموجات هجرة متزايدة، أما إيران، فتغرق في أزمتها الاقتصادية، حيث تجاوز التضخم 50%، وتخطت بطالة الشباب 25%، بينما كبدتها العقوبات منذ 2018 خسائر تفوق 270 مليار دولار، وتراجعت قيمة الريال بنسبة 70% منذ عام 2022.

السلع في مرمى النار والمستثمر الذكي هو الناجي
إن التنويع الذكي في المحافظ الاستثمارية هو السبيل الوحيد للنجاة في هذه المرحلة، وأفضل الاستراتيجيات حاليًا هي التركيز على المعادن الثمينة والحبوب والطاقة، فالأزمة لم تنتهي بعد، والتحوط قد يكون طوق النجاة الوحيد للمستثمرين.
في عالم تحكمه الصواريخ من جهة، وسعر الفائدة من جهة أخرى، تتحول أسواق السلع إلى ساحة معركة لا تقل شراسة عن أي جبهة حرب، حيث يرسم الذهب والنفط والفضة ملامح الاقتصاد العالمي القادم.
Short Url
"القهوة"، سلعة استراتيجية تُحرك اقتصادات الدول النامية
20 يونيو 2025 04:44 م
الشرق الأوسط على حافة الهاوية، تصعيد إيران وإسرائيل يربك الاقتصاد العالمي
20 يونيو 2025 04:11 م
رغم التوترات، التضخم يواصل الهبوط عالميًا
20 يونيو 2025 02:29 م


أكثر الكلمات انتشاراً