المتاجر الكبرى بين صعود الحضر وتحديات الرقمنة
الخميس، 19 يونيو 2025 12:50 ص

المتاجر الكبرى
في عالم تسوده التحولات الرقمية والتغيرات السكانية المتسارعة، تظل المتاجر الكبرى أحد الأعمدة التقليدية في مشهد تجارة التجزئة، لكنها تقف اليوم عند مفترق طرق، إما أن تتأقلم مع الواقع الجديد، أو تتراجع أمام مد التجارة الإلكترونية المتسارع.

سوق في طور التحول لكن النمو ما زال قائمًا
وتشير التقديرات، إلى أن سوق المتاجر الكبرى، سيشهد معدل نمو سنوي مركب يتجاوز 6% خلال السنوات المقبلة، كما أن هذا النمو، رغم كل التحديات، يعكس قدرة هذا النموذج التجاري على إعادة ابتكار نفسه، خاصة في المناطق الحضرية المكتظة بالسكان، حيث تقع أغلب هذه المتاجر.
والميزة الجوهرية للمتاجر الكبرى، تكمن في تركيبتها المتنوعة، مزيج من متاجر الملابس، والمطاعم، والخدمات، تقدمها علامات تجارية متعددة تحت سقف واحد، وهذا التعدد لا يلبي فقط احتياجات شرائح مختلفة من المستهلكين، بل يوفر تجربة تسوق متكاملة، قد يصعب محاكاتها رقميًا بالكامل.
اقرأ أيضًا:
قطاع التجزئة العالمي، سباق النمو في زمن التحول الرقمي
صدمة الجائحة والمنافسة الشرسة
جائحة كوفيد-19 شكلت نقطة تحول قاتمة، فقد عطلت سلاسل الإمداد، وأجبرت العديد من المتاجر على الإغلاق المؤقت، ما كشف هشاشة بعض نماذج العمل، لكن الأزمة ولدت أيضًا ديناميكية جديدة في السوق، واشتدت المنافسة، وانطلقت سلاسل المتاجر الكبرى، نحو تقديم عروض أكثر مرونة، وخصومات مكثفة، في محاولة لاستعادة الزخم واستقطاب العملاء.
كما لجأت متاجر عديدة، إلى دمج التكنولوجيا ضمن عملياتها، من خلال الدفع الآلي، ونقاط الخدمة الذاتية لتقليص زمن الانتظار، وتحسين كفاءة التشغيل، وهو ما لاقى استحسانَ المستهلكين.

التجارة الإلكترونية العدو الأبرز
ورغم ما سبق، تظل التجارة الإلكترونية، هي التحدي الأكبر الذي يهدد وجود المتاجر الكبرى، فالنمو المتسارع للمنصات الإلكترونية مثل أمازون وعلي إكسبريس وتارجت ووول مارت، يعيد رسم خريطة تجارة التجزئة عالميًا.
وشهد عام 2021، نموًا لافتًا في مبيعات التجارة الإلكترونية، ولا يُتوقع أن يتباطأ هذا المسار في المستقبل القريب، بل على العكس، يُرجح أن تستمر مبيعات الإنترنت في تحقيق معدلات نمو ثنائية الرقم.
وهذه الحقيقة، تفرض على المتاجر الكبرى ضرورة تعزيز وجودها الرقمي، وتبني نماذج بيع هجينة تجمع بين الحضور الفعلي والتفاعل الإلكتروني الذكي.
اقرأ أيضًا:
تجارة التجزئة في عين العاصفة، هل بدأ عصر ما بعد البيع؟
التحضر.. الفرصة التي لا تُعوض
وفي المقابل، يشكل النمو الحضري فرصة ذهبية للمتاجر الكبرى، فمع وصول نسبة التحضر عالميًا إلى 57% عام 2022، وتوقعات ببلوغ سكان المدن حوالي 20 تريليون دولار من إجمالي الاقتصاد العالمي بحلول 2025، فإن التجار الذين ينجحون في التمركز داخل المناطق الحضرية النشطة، سيحصدون ثمارًا اقتصادية وفيرة.
وهذا الواقع، يفرض على المستثمرين في قطاع المتاجر الكبرى، النظر بعين إستراتيجية إلى توزيع مواقعهم، وفهم أن المدن ليست فقط مراكزًا سكانية، بل مراكزًا للاستهلاك المتصاعدة ذات القدرة الشرائية المركزة.

الشركات الكبرى تواصل الهيمنة لكن المنافسة قادمة
وعلى الرغم من أن السوق يشهد هيمنة عدد محدود من الشركات الكبرى مثل ماركس آند سبنسر، مايسيز، سيرز هولدينجز، تارجت، ونوردستروم، فإن طبيعة السوق المفتوحة، والتغير في أذواق المستهلكين، وانخفاض ولائهم التقليدي، كلها عوامل تتيح للاعبين الجدد، اقتناص الفرص، خاصة في الأسواق الناشئة.
والمتاجر الكبرى ليست على وشك الزوال، لكنها لم تعد تحتل موقعًا محصنًا كما كانت في الماضي، وبين كل ما يحدث للتجارة الإلكترونية، إلى جانب تغير العادات الاستهلاكية، يبقى التحديث والابتكار هما مفتاحا البقاء، ففي زمن يتغير فيه كل شيء بسرعة، لا مكان للثابتين.
Short Url
مشروع «أتون» للذهب، انطلاقة جديدة للاستثمار التعديني في مصر
18 يونيو 2025 12:55 م
الملصقات الغذائية لمنتجات الألبان، المعايير الحديثة والتأثير على سلوك المستهلك
18 يونيو 2025 04:01 ص
بين هواجس ترامب وتحديات الجغرافيا السياسية، هل تعيد ألمانيا ذهبها من أميركا؟
17 يونيو 2025 06:44 م


أكثر الكلمات انتشاراً