الثلاثاء، 17 يونيو 2025

09:58 م

إيران وإسرائيل.. حرب العملاء والطابور الخامس

الثلاثاء، 17 يونيو 2025 01:29 م

محمد أحمد طنطاوي

محمد أحمد طنطاوي

محمد أحمد طنطاوي

"الاحتفاظ بجاسوس في الداخل يعادل جيشًا كاملًا، وأفضل الجواسيس من يحمل جنسية العدو، لكنه يؤمن بأهدافك" سون تزو، الجنرال الصيني المعروف (551 قبل الميلاد -  496 )، في كتابه الشهير "فن الحرب"، ولعل ما يحدث من رشقات متبادلة بين إيران وإسرائيل خلال هذه المرحلة أبرز نموذج على عبارات سون تزو، فالأمر لم يتوقف عند الصواريخ أو المسيرات والطلعات الجوية، لكن يمكن وصفه بأنه "حرب الجواسيس".


مع كل ما تمتلكه دولة الاحتلال من معدات حربية متطورة في مختلف الأسلحة، إلا أن أهم ما تتميز به عن خصومها، طابور العملاء الطويل، الذي نجحت في تخليقه على مدار سنوات طويلة، جمعت خلاله المعلومات الدقيقة، التي وصلت إلى تحديد واضح لكل كوارد وقيادات الجيش الإيراني، لدرجة أنها تنفذ اغتيال سريع لكل من يصعد إلى القيادة، وهذا يجعلنا نتعجب من حجم النفوذ الإسرائيلي داخل إيران، ومدى ما وصلت له من تمدد استخباراتي  بجيشها وأجهزتها الأمنية.


الخونة والعملاء والطابور الخامس هم العنوان الكبير لتفاصيل الحرب الدائرة بين تل أبيب وطهران، فالأولى استطاعت بدقة أن تخترق صفوف الجيش الإيراني بمئات ربما آلاف العملاء، والثانية تمارس حربها من خلال منظومة صاروخية، لها قدرات تدميرية كبيرة، وتستطيع أن تطير لمسافات طويلة، لكنها تعتمد على تكنولوجيا فقيرة في وسائل التوجيه، وهو ما يجعل دقة أهدافها ربما لا تتجاوز 5%، وهذا من واقع عمليات الضرب اليومية التي توجه ناحية المدن الإسرائيلية.


لا شك أن آلة الإعلام الحربي الإسرائيلية تقدم لوسائل الإعلام العالمية والإقليمية ما تريد أن تعلن عنه فقط، وما يعاونها في حربها النفسية تجاه عدوها الإيراني، بينما جاء إعلام طهران خاليًا من المعلومات والتفاصيل، ومجرد من الحقائق، فلا نعرف حجم الخسائر على الأرض، ولا نتائج دقيقة لعملياتها اليومية تجاه جيش الاحتلال، ووقائع القصف المتواصلة، التي تنفذها يوميًا لأكثر من مرة.


الكل يتوقع مسارات وسيناريوهات مستقبلية للحرب الإيرانية الإسرائيلية، وكلها مبنية على الاحتمالية المطلقة، فلا نملك المعلومات التي تجعلنا نقول أن إيران قادرة على الحرب لسنوات أو شهور أو حتى أيام، فكل ما يروجه البعض في هذا الشأن مجرد انطباعات غير مبنية على معلومات، ومنشورات "فيس بوكية"، يتم تداولها هنا وهناك، حول قدرة إيران على الصمود، وحجم صواريخها من النفاد والنفاذ.


لا أظن أن الحرب الدائرة الآن، ويتسع مسرح عملياتها لـ آلاف الكيلو مترات، قد تكون نتائجها قابلة للتوقع عبر منشورات الفيس بوك، أو الصور المزيفة والصفحات التي تستهدف "الترافيك الحرام"، بل الموضوع أعقد من ذلك بكثير، فلا يمكن أن نتوقع نتائجه أو نحسم نهايته بهذه السهولة، أو نستبق الأحداث بشهوة العالم ببواطن الأمور، خاصة أن تبعات هذه الحرب كارثية على العالم كله، وسوف تسرع من وتيرة الانهيار الاقتصادي الذي ينتظره العالم، بعد انفجار قنبلة التضخم إلى الركود التضخمي والكساد الكبير، الذي يشبه ما كان في أواخر عشرينيات القرن الماضي.

Short Url

showcase
showcase
search