التهديد الصامت، هروب الثروات ينذر بأزمة اقتصادية تلوح في أفق بريطانيا
الإثنين، 16 يونيو 2025 02:32 م

هجرة الثروات - أرشيفية
شهد عام 2024 طفرة غير مسبوقة في حركة هجرة أصحاب الثروات حول العالم، مع انتقال أكثر من 134 ألف مليونير إلى دول جديدة في أكبر موجة نزوح موثقة للأثرياء في التاريخ الحديث.
وتعكس هذه الظاهرة التي لم تشهدها الأسواق المالية من قبل، تحولات استراتيجية جذرية في أنماط توزيع الثروات، والتخطيط المالي، واختيار الوجهات الآمنة، وسط تصاعد التوترات السياسية والاقتصادية، وازدياد الإقبال على برامج الإقامة والجنسية مقابل الاستثمار.
الإمارات وإيطاليا وأمريكا على رأس الوجهات.. وبريطانيا في مهب الخسارة
تتجه أنظار الأثرياء حول العالم اليوم نحو وجهات جديدة توفر استقرارًا ضريبيًا وبنى تحتية قوية، وفي مقدمتها الإمارات، والولايات المتحدة، وإيطاليا.
وفي المقابل، تشهد المملكة المتحدة موجة نزوح غير مسبوقة لأصحاب الملايين، مدفوعة بقرارات سياسية واقتصادية دفعت بالأثرياء لإعادة التفكير في جدوى البقاء هناك.
وتعتبر هذه الأرقام أعلى مما سجل في عام 2019، قبل جائحة كورونا عندما بلغ عدد المليونيرات المنتقلين نحو 110 آلاف، ومن المتوقع أن يصل العدد إلى 142 ألف مليونير بحلول 2025، مما يجعلها أكبر موجة هجرة موثقة للأثرياء في العالم، وفقًا لما ذكرته شبكة CNN.

بريطانيا تفقد بريقها.. نظام ضريبي جديد يدفع الأثرياء للهروب
لطالما كانت لندن وجهة مفضلة لأصحاب الثروات، ولكن بسبب الحرب التجارية التي يشهدها العالم، وعدم تعافيها من تداعيات خروجها من الاتحاد الأوروبي، وكذلك التعديلات الأخيرة على النظام الضريبي قلبت المعادلة.
بالإضافة إلى إلغاء السلطات البريطانية نظام غير المقيمين، المعمول به منذ أكثر من 200 عام، واستبدلته بنظام قائم على الإقامة، ما يجعل جميع الممتلكات حول العالم خاضعة لضريبة الميراث في بريطانيا، حتى بعد مغادرة البلاد لمدة تصل إلى 10 سنوات، وفقًا لما ذكرته صحيفة The Telegraph.
وأثارت هذه الخطوة، موجة من الانتقادات الحادة، ليس فقط من الأثرياء، بل أيضاً من المستثمرين والمحللين الذين حذّروا من انعكاساتها على الاقتصاد البريطاني.

أرقام تكشف الأزمة.. 11 ألف مليونير يغادرون بريطانيا في عام واحد
كما أفادت شركة "هينلي وشركاه Henley & Partners"، المتخصصة في برامج والاستشارات المتعلقة بالهجرة الاستثمارية، بأن نحو 11 ألف مليونير غادروا بريطانيا في عام 2023 وحده، في هجرة تعتبر الأكبر من نوعها منذ عقود.
وأضاف تحليل لوكالة "بلومبرج" أن أكثر من 4400 عضو مجلس إدارة في شركات بريطانية أبلغوا عن انتقالهم للخارج، في مؤشر واضح على تدهور بيئة الأعمال والاستثمار في البلاد.
وتوقع بنك "يو بي إس UBS" السويسري أن تكون بريطانيا أكثر دولة في العالم خسارة لأصحاب الملايين بين 56 دولة بحلول عام 2028.

دبي الوجهة البديلة.. بيئة صديقة للثروات ونمو في الطلب العقاري
في الوقت الذي تخسر فيه لندن أثرياءها، تستفيد دبي بشكل مباشر من هذا التحول، فقد أصبح البريطانيون ثاني أكبر المشترين الأجانب للعقارات في دبي عام 2023، كما باتت المدينة الخيار الأول للعائلات الثرية لتسجيل أبنائهم في المدارس ومزاولة الأعمال.
ووفي هذا السياق، قال فيليب أمارانتي، الشريك الإداري في "هينلي وشركاه" الشرق الأوسط، أن الإمارات تفتح ذراعيها للأثرياء، ويمكن تأسيس شركة خلال أيام وفتح حسابات مصرفية والانطلاق فوراً، في بيئة تنظيمية مرنة وآمنة.
عوائد ضريبية في مهب الريح.. سيناريو كارثي يهدد المالية البريطانية
ورغم تقديرات وزارة الخزانة البريطانية بأن التعديلات الضريبية الجديدة ستدر نحو 5.2 مليار جنيه إسترليني سنويًا، إلا أن المخاطر المحتملة كبيرة، فيما حذّر مكتب مسؤولية الميزانية (OBR) من أن مغادرة عدد أكبر من المتوقع من غير المقيمين قد تفرغ السياسة من عوائدها المتوقعة.
وأشار تقرير لمركز أبحاث الاقتصاد والأعمال إلى أن خسارة 25% من غير المقيمين قد تؤدي إلى عجز سنوي قدره 12.2 مليار جنيه إسترليني بحلول نهاية العقد، وهو سيناريو قد يضع المالية العامة البريطانية تحت ضغط غير مسبوق.

الاقتصاد البريطاني في مأزق.. طبقة الأثرياء تمول أكثر من نصف الضرائب
وتعتمد بريطانيا بشكل كبير على الشريحة العليا من دافعي الضرائب، حيث يدفع أعلى 1% من أصحاب الدخل نحو 28% من إجمالي ضريبة الدخل، بينما يساهم أعلى 10% بنسبة 60% من الإيرادات الضريبية.
وفي ظل مغادرة هذه الفئة بوتيرة متسارعة، يصبح مستقبل الاقتصاد البريطاني مهدداً بتآكل القاعدة الضريبية وركود بيئة الأعمال.
خريطة الثروات العالمية تعيد رسم موازين النفوذ
مع دخول العالم في مرحلة جديدة من التحديات الجيوسياسية والاقتصادية، تصبح هجرة الثروات مؤشراً أكثر دقة على تحولات القوة والاستقرار.
وبينما تكسب دول مثل الإمارات وإيطاليا وأمريكا أرصدة جديدة من الأثرياء، تواجه بريطانيا مأزقاً غير مسبوق قد يعيد ترتيب مكانتها الاقتصادية والمالية على الساحة العالمية.
اقرأ أيضًا: ورثة المليارديرات على خط المواجهة، الجيل الجديد يخطو نحو إنقاد العالم (تفاصيل)
Short Url
عاجل | إعلام إسرائيلي: سقوط صاروخ إيراني في تل أبيب
17 يونيو 2025 12:47 ص
تطوير مركبة فرط صوتية بدعم أمريكي تستعد لبلوغ سرعة تفوق 5 ماخ
17 يونيو 2025 12:37 ص
ترامب: التوصل لاتفاق تجاري مع كندا قابل للتحقق خلال الفترة المقبلة
17 يونيو 2025 12:05 ص


أكثر الكلمات انتشاراً