الإثنين، 16 يونيو 2025

06:27 م

حرب الإنفاق العسكري، من يتفوق وسط وابل الصواريخ؟

الإثنين، 16 يونيو 2025 12:12 م

الحرب بين إسرائيل وإيران

الحرب بين إسرائيل وإيران

لم تعد الحروب تُحسم بالميادين والسلاح، بل بالميزانيات التي تخصصها للدفاع، وقدرة الاقتصاد على تحمل نزيف تلك النفقات، فحين ترتفع الصواريخ في السماء، تشتعل الأرقام على الأرض، وهذا هو المشهد اليوم بين إسرائيل وإيران، حيث يتم خوض حرب بين الطرفين حربًا غير متكافئة، ليس فقط عسكريًا، بل اقتصاديًا أيضًا.

فإسرائيل، المدعومة من الولايات المتحدة، تنفق ببذخ على جيشها، في الوقت الذي تحاول فيه إيران، المناورة تحت سيف العقوبات وتراجع الموارد، والسؤال لم يعد من الأقوى عسكريًا؟ بل من الأقدر اقتصاديًا على الصمود؟

الحرب بين إسرائيل وإيران

إنفاق بلا سقف.. إسرائيل تعيد تشكيل ميزانية الحرب

وفي عام 2024م، قفزت إسرائيل إلى مصاف الدول الأعلى إنفاقًا على الدفاع، بنحو 46.5 مليار دولار، ما يعادل 8.8% من ناتجها المحلي الإجمالي، بحسب معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، وهذه الزيادة التي وصلت نسبتها إلى 65% مقارنة بالعام السابق، تعكس تحول الدولة الصغيرة، إلى اقتصاد حرب فعلي، لا سيما في ظل التصعيد مع غزة، وحزب الله، والآن إيران.

وما يزيد من قدرة إسرائيل على التوسع في الإنفاق، هو الدعم الأمريكي السخي، والذي وصل حد الـ10.6 مليار دولار في 2024 وحدها، حيث خصصت لأغراض عسكرية، من أصل ما يقرب من تريليون دولار، أنفقتها واشنطن عالميًا.

اللافت أن تل أبيب، أنفقت في شهر ديسمبر فقط 5.7 مليارات دولار على الجيش، ما يعني أن تكلفة الحرب تُمول بوتيرة شهرية غير مسبوقة، وهو ما لم يحدث حتى في حرب 1967م.

اقرأ أيضًا:

الضربات الإسرائيلية على إيران، من تعطيل النووي إلى تغيير النظام

إيران.. جيش في ظل العزلة

وفي المقابل، شهد الإنفاق العسكري الإيراني، تراجعًا بنحو 10%، ليصل إلى 7.9 مليارات دولار فقط في 2024م، ويعود هذا التراجع لتقرير معهد ستوكهولم إلى تأثير العقوبات الأميركية، والتي تستهدف قطاعات النفط والبنوك والتكنولوجيا الدفاعية.

ورغم تعداد الجيش الإيراني الذي يناهز الـ800 ألف جندي بين نظامي وثوري، فإن قدراته التقنية والتسليحية لا تقارن بالآلة العسكرية الإسرائيلية، التي تتمتع بإمدادات تكنولوجية من الدرجة الأولى، ودفاعات جوية وصاروخية متقدمة من طراز القبة الحديدية، والسهم ومقلاع داوود.

الحرب بين إسرائيل وإيران

 

التكنولوجيا مقابل الكثافة

إسرائيل، رغم تفوقها العددي في المعدات وجودتها، تواجه تحديًا حقيقيًا في حرب الاستنزاف الطويلة، فاقتصادها الصغير نسبيًا الممثل نحو 540 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي، قد لا يتحمل طويلًا تكلفة حرب مفتوحة على أكثر من جبهة.

في حين أن إيران، رغم ضعف إنفاقها العسكري، تملك ميزة المرونة بتحمل الضغط، بفضل خبرتها الطويلة في التكيف مع العقوبات، وشبكتها الإقليمية من الوكلاء، وقدرتها على إنتاج أسلحة زهيدة التكلفة مثل الطائرات المسيرة "شاهد"، والتي أصبحت رقمًا صعبًا في الحروب الحديثة.

اقرأ أيضًا:-

ساعة القيامة تدق، هل تفتح المواجهة الإيرانية الإسرائيلية أبواب الجحيم النووي؟

من يكسب حرب الإنفاق فعلاً؟

الإجابة ليست بسيطة، من حيث الأرقام، فقد تفوقت إسرائيل إنفاقًا وكفاءة وتسليحًا، وفرضت واقعًا عسكريًا متقدمًا بفضل دعم غربي هائل، لكن من حيث الاستدامة الاقتصادية والاستنزاف طويل الأمد، تبدو إيران مستعدة للمواجهة الطويلة، حتى لو كانت بكلفة بشرية ومادية مرتفعة.

ولعل السؤال الذي يطرح نفسه الآن، هل تنجح إسرائيل في كسب الحرب قبل أن تنهكها كلفتها؟ أم تصمد إيران حتى تتكسر الحسابات الاقتصادية على صخرة الصبر الإستراتيجي؟

الجيش الإيراني والإسرائيلي

 

الاقتصاد هو ساحة المعركة الخفية

وبين الطائرات المسيرة وصواريخ الاعتراض، تختبئ معركة أخرى لا تلتقطها الرادارات، معركة التمويل، والاستنزاف، وحجم العجز في الميزانية، ومدى تحمل الشعوب لثمن الحروب.

فالحروب الحديثة، تُخاض بصمت داخل وزارات المالية، بقدر ما تُخاض بصخب على جبهات القتال، وفي هذه الحرب بين إيران وإسرائيل، الاقتصاد قد يكون أول من ينهار.. أو آخر من يحسم.

Short Url

showcase
showcase
search