الأحد، 15 يونيو 2025

02:58 ص

من النفط إلى الصراع، كيف تحولت علاقة إيران وإسرائيل من تحالف سري إلى حرب اقتصادية؟

السبت، 14 يونيو 2025 03:32 م

إيران

إيران

تحليل/ ميرنا البكري

الناس دائمًا تفتكر إن العداوة بين إيران وإسرائيل بدأت من زمان، لكن الحقيقة أغرب من ذلك. ففي يوم من الأيام كانت بينهما صداقة، من تداول النفط والسلاح، ومبادلة معلومات استخباراتية، وكل ذلك من خلف الستار. لكن تكسر هذا التحالف فجأة، ومع كل تصعيد، نكتشف إن القصة ليس سياسية أو عسكرية فقط بل لعبة طاقة ضخمة، تمس كل مواطن في جيبه.

الضربات التي حدثت مؤخراً، لم تعد مجرد "ردع استراتيجي"، بل رسائل نارية للعالم، وسوق الطاقة هو أول من استقبل هذه الرسائل بحرق في البنزين.

في الخمسينات والستينات، إسرائيل كانت تبحث عن أي دولة ليست عربية لكي تقوم بعدة تحالفات معها ضد الطوق العربي، ووقعت على إيران وتركيا. وبالفعل، تم إنشاء تحالف ثلاثي اسمه "الرمح الثلاثي"، وكان به تبادل معلومات استخباراتية، تجارة سلاح، وإيران كانت المصدر الرئيسي لنفط إسرائيل. يعني ببساطة، إسرائيل كانت تشرب نفطها من إيران.

Iran-Israel: a situation analysis

 الثورة قلبت الطاولة، وبدأت الحرب الباردة

عام 1979، غيرت الثورة الإيرانية كل شيء. الشاه وقع، والخميني جاء، والعداء مع إسرائيل أصبح رسمي وعلني. وإيران طردت الإسرائيليين من طهران، وسلمت السفارة الفلسطينية لمَنظمة التحرير.

وبدأت مرحلة جديدة ليس عداوة دبلوماسية، لكن دعم واضح لفصايل مثل حماس وحزب الله، وابتدت الحرب تتحول من مجرد كلام لخطط.

 من سلاح سري لسوق نار

الغريب إن حتى مع الحرب الإيرانية العراقية، إسرائيل استمرت  في إرسال سلاح لإيران سرًا، لأن صدام حسين كان العدو الأكبر. والمصالح هي التي كانت تحكم. لكن مع بداية التسعينيات، وانطلاق البرنامج النووي الإيراني، أدركت إسرائيل إن إيران أصبحت خطر وجودي، وليس مجرد تهديد سياسي. وهنا بدأنا نرى نوع جديد من الحروب من حرب إلكترونية، تفجيرات غامضة، هجمات بطائرات بدون طيار، وتسريب معلومات سرية.

 من الحرب الباردة لحرائق في محطات البنزين

على أعتاب صيف 2025، الصراع انفجر رسمي. شنت إسرائيل عملية ضخمة على إيران تحت اسم "الأسد الصاعد"، بمشاركة 200 طائرة، وضربات مركزة. والسوق انفعل فورًا، وارتفع خام غرب تكساس الأمريكي بنسبة 14% في ليلة واحدة. والبنزين في أمريكا زاد من 10 لـ25 سنت للجالون خلال أيام. ومحللين يتوقعوا توصل الأسعار لـ5 دولار للجالون تاني، مثل أيام حرب أوكرانيا.

 مضيق هرمز، الزر النووي للاقتصاد

أكبر قلق للعالم هو تهديد مضيق هرمز؛ نظرًا لإنه يمر منه 21 مليون برميل يوميًا، أي 20% من استهلاك العالم، إيران لو قررت تغلقه، أو حتى تهدد الناقلات، أسعار النفط قد تصل لـ 110 دولار للبرميل، وهذا يعني تضخم عالمي جديد، وموجة غلاء ستضرب العالم كله، خصوصًا الدول المستوردة مثل مصر.

اقرأ أيضًا: 

إسرائيل تهدد بحرق طهران، هجوم جديد على شمال غرب إيران

مضيق هرمز، 20 مليون برميل نفط تحت تهديد الضربات بين إسرائيل وإيران

مضيق هرمز في الإدراك الأمريكي - المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية |  AFAIP
مضيق هرمز

 أمريكا تلعب بورقة الطوارئ

الولايات المتحدة قد تسحب من الاحتياطي الاستراتيجي الذي لديها، وأيضًا من مخزونات الوكالة الدولية للطاقة (1.2 مليار برميل) لكن أوبك تعتبر ذلك تلاعب بالأسواق، وقد يزود التوترات أكثر من تهدئته.

مصر فوق صفيح نار اقتصادي

تستورد مصر منتجات بترولية كتير، وزيادة الأسعار معناها فاتورة واردات أعلى، ودعم أكبر من الحكومة، واحتمال مراجعة أسعار الوقود داخليًا إذا طالت الأزمة. لكن أيضًا قناة السويس قد تكسب إذا زاد الاعتماد عليها كممر بديل عن الخليج.

ختامًا، ما حدث ليس مجرد "تاريخ" أو "صراع بين دولتين"، بل منظومة معقدة جدًا من المصالح والتحالفات التي تؤثر علينا كل يوم. المرحلة القادمة هي مرحلة: “الضربات تأتي من السماء، لكن الألم يُصيب الجيوب”، والعالم بات منشغلاً بسعر البنزين، لا بعدد المقاتلات.

Short Url

search