إسرائيل تقاتل بدعم مالي ضخم، وإيران تواجه التحديات بموارد محدودة
الأحد، 15 يونيو 2025 11:28 ص

الحرب بين إسرائيل وإيران
تحليل/ ميرنا البكري
في زمن الحروب الذكية، ليس شرط إن أول طلقة تكون من دبابة، بل قد تكون من قرار موازنة أو دفعة تمويل عسكري، وما حدث بين إسرائيل وإيران الآن ليس توتر عسكري فقط، بل أيضًا صراع اقتصادي رهيب يكشف عن فرق ضخم بين الاثنين في التمويل، البنية العسكرية، والدعم الدولي.

إسرائيل، جيش بقوة دولار ليس بارودة فقط
إسرائيل لا تمتلك جيش متطور فقط، لكنها تغذيه كل عام بـمليارات. وفي عام 2024، أنفقت 46.5 مليار دولار على الجيش، بزيادة ضخمة 65% عن العام الماضي، وهذه أكبر طفرة في تاريخ إنفاقها العسكري منذ عام1967.
والمفاجأة إن إسرائيل لا تمول نفسها بمفردها، فقدمت أمريكا لها دعم بـ 10.6 مليار دولار من ميزانيتها العسكرية العملاقة التي وصلت لـ997 مليار دولار. وهذا معناه ببساطة إن الاقتصاد الإسرائيلي لا يُحارب لوحده، بل أمريكا تسانده بقوة.
كما إن الإنفاق العسكري الإسرائيلي سجل 8.8% من الناتج المحلي، مما يجعلها ثاني أكثر دولة في العالم مخصصة من اقتصادها للجيش بعد أوكرانيا.
إيران، اقتصاد تحت الحصار، وجيش يحاول يصمد
على الجانب الآخر، تواجه إيران ضغوط رهيبة. حيث تراجع إنفاقها العسكري لـ7.9 مليار دولار في 2024، بانخفاض 10% عن العام السابق له، وذلك رقم ضعيف جدًا مقارنة بإسرائيل، حتى لو كانت إيران أكبر في عدد الجنود.
ما السبب خلف ضعف الإنفاق الإيراني؟
يرجع ضعف الإنفاق إلى العقوبات الأمريكية المشددة، وانهيار عملتها المحلية والتضخم الذي لا يقف، وتراجع إيرادات البترول التي كانت تمول بيها الجيش. اختصارًا، إيران تحارب بجيب مثقوب، وكل رصاصة تكلفها الكثير في وسط اقتصاد مختنق.
ميزان القوى، من أقوى؟ الأرقام تحكم
عند المقارنة بين إسرائيل وإيران من جانب القوة العسكرية، نرى فرق كبير في كل الجوانب. إسرائيل تنفق حوالي 46.5 مليار دولار على الجيش، في حين إن إيران إنفاقها حوالي 7.9 مليار، وهذا فرق ضخم. أيضًا إسرائيل تتلقى دعم خارجي كبير، خاصةً من الولايات المتحدة التي تقدم لها حوالي 10.6 مليار دولار، بينما إيران تعيش تحت حصار اقتصادي وتضييق دولي.
من حيث عدد الجنود، إيران لديها عدد أكبر، حوالي 600 ألف جندي فعلي و200 ألف تابعين للحرس الثوري، بينما تمتلك إسرائيل حوالي 170 ألف جندي و400 ألف احتياطي. والعدد غير كافي لوحده، لأن إسرائيل متفوقة في التكنولوجيا العسكرية، تحديدًا في سلاح الجو الذي لديه تجهيزات حديثة ومتطورة، على عكس إيران التي تعتمد على معدات قديمة وطائرات درون.
الدفاع الصاروخي في إسرائيل أيضًا قوي جدًا، فهم لديهم نظام طبقي متكامل كـ القبة الحديدية وحيتس، في حين إن النظام الإيراني غير متكامل وفيه ضعف واضح. أما من ناحية الخبرة القتالية، فإسرائيل لديها خبرة عالية جدًا نتيجة عمليات كثيرة ومركزة، في حين إن خبرة إيران موزعة ومستهلكة في جبهات مختلفة مثل سوريا واليمن والعراق. أي ببساطة الكفة تميل لإسرائيل من ناحية القوة والتجهيز، لكن إيران أيضًا لديها وزنها في أي مواجهة محتملة.
اقرأ أيضًا:
من النفط إلى الصراع، كيف تحولت علاقة إيران وإسرائيل من تحالف سري إلى حرب اقتصادية؟
وسط تصاعد التوتر، تحذير إسرائيلي بالإخلاء حول المنشآت النووية في إيران

الاقتصاد العالمي في مرمى النيران
إذا تطور الصراع بين إيران وإسرائيل لمواجهة فعلية، العالم كله سيدفع الفاتورة:
النفط
إيران قد ترد بقصف أو تهديد بمضيق هرمز، مما يُعطل صادرات البترول العالمية، وسعر البرميل قد يقفز لـ 100-120 دولار.
الذهب والدولار
في الحروب، يهرب أغلب المستثمرين من شراء الأسهم، ويتجهوا لشراء الذهب، وقد نصل لـ 2400 دولار للأونصة، والدولار سيتقلب حسب درجة تورط أمريكا في الصراع.
التجارة العالمية
أي ضربة للممرات البحرية أو البنية التحتية تنعكس في ارتفاع في تكاليف الشحن والتأمين، مما يؤثر على سلاسل الإمداد تحديدًا في أوروبا وآسيا.
من يخوض الحرب فعليًا؟ الجيوش أم الاقتصاد؟
لو نظرنا إلى الأرقام، سنجد إن الجندي يقف على رجليه بمساعدة البنك المركزي، وإسرائيل تُقاتل بـ"التمويل المفتوح" من الغرب، وإيران تحارب وهي "تحت الحصار" الاقتصادي، أي الحرب ليس مواجهة على الأرض بل اختبار لقوة الاقتصاد، قدرة التمويل، ومرونة السوق المحلي.
نتائج وتوقعات، إلى أين يتجه العالم؟
إذا حدث تصعيد محدود، سترتقع أسعار الطاقة مؤقتًا، وإيران ستحاول الرد بأدوات غير تقليدية (هجمات سيبرانية أو وكلاء إقليميين)، وإسرائيل ستزسد من إنفاقها العسكري مرة أخرى.
إذا حدثت مواجهة مباشرة، فمن المؤكد حدوث كساد عالمي، وانكماش اقتصادي في أوروبا والشرق الأوسط، وأيضًا ارتفاع الدين العام بسبب الإنفاق الدفاعي الزائد.
إذا حدثت تهدئة، استهدىء الأسواق مؤقتًا، ومن الممكن أن يعود النقاش حول الاتفاق النووي، وتخفيف الضغوط على إيران لفترة مؤقتة.
اقرأ أيضًا:
إيران وإسرائيل، من حروب الظل إلى حافة الانفجار
ختامًا، المواجهة بين إيران وإسرائيل ليس معركة صواريخ وطائرات، بل أيضًا معركة ميزانيات واقتصادات.
وكل ما زادت الأزمة، كل ما ستتحرك أسعار البترول، التضخم، وحتى السياسة النقدية في أمريكا وأوروبا. في النهاية، من يحسم المعارك ليس الجندي فقط، بل أيضًا الجنيه والدولار، وسوق النفط، ومخزون الذهب.
Short Url
الإنفاق العسكري بين إسرائيل وإيران، صراع الأرقام وسط لهب المواجهة
15 يونيو 2025 02:29 م
«من لندن إلى دبي»، كيف فشلت الحكومة البريطانية في الحفاظ على الأثرياء
15 يونيو 2025 01:23 م
ترامب يعيد إحياء الطاقة النووية، رهان محفوف بالمخاطر وسط طفرة الذكاء الاصطناعي
13 يونيو 2025 09:41 م


أكثر الكلمات انتشاراً