إيران وإسرائيل، من حروب الظل إلى حافة الانفجار
السبت، 14 يونيو 2025 05:37 م

الحرب بين إيران والاحتلال الإسرائيلي
لم تعد المواجهة بين إسرائيل وإيران مجرد تبادل ناري، عبر وكلاء أو حرب سيبرانية في الظل، بل انتقلت في الأشهر الأخيرة إلى صراع مكشوف ومباشر، يُعيد تشكيل ملامح الشرق الأوسط ويدفع المنطقة نحو خطر حرب شاملة.

فبعد عقود من التصعيد الهادئ، أصبح المشهد اليوم على صفيح ساخن، ينذر بانفجار قد لا يقتصر على تل أبيب وطهران وحدهما، بل قد يُشعل حريقًا إقليميًا واسع النطاق.
من تحالف الشاه إلى عداء الثورة
العلاقة بين إسرائيل وإيران لم تكن دائمًا بهذا السوء، فإبان عهد الشاه، كانت طهران شريكًا استراتيجيًا لإسرائيل في ظل المصالح المشتركة ضد المحور العربي السوفيتي.
لكن انقلاب 1979 أطلق شرارة العداء العقائدي، حين رفعت الجمهورية الإسلامية شعار "زوال إسرائيل" كجزء من خطابها الثوري، ومعه بدأت رحلة الدعم الإيراني لفصائل مثل حماس وحزب الله، وصولاً إلى الحوثيين في اليمن، ليصبح الصراع بين الطرفين معقدًا ومتشعبًا، يتجاوز حدود المواجهة العسكرية التقليدية.
اقرأ أيضًا:
مضيق هرمز، 20 مليون برميل نفط تحت تهديد الضربات بين إسرائيل وإيران
الضربة الكبرى لحظة كسر الحواجز
التصعيد بلغ ذروته في يونيو 2025، عندما شنت إسرائيل ضربة جوية مفاجئة استهدفت منشآت عسكرية ونووية في إيران، وقضت وفق تقارير إيرانية على قائد الحرس الثوري حسين سلامي.
لم يكن هذا الهجوم مجرد عملية تكتيكية، بل لحظة مفصلية اختُرقت فيها كل الخطوط الحمراء، وسط تبرير إسرائيلي بأنها ضربة استباقية لمنع إيران من الوصول إلى العتبة النووية.
هذا التطور الخطير يأتي بعد سلسلة هجمات متبادلة شهدت لأول مرة قصفًا مباشرًا بين الجانبين في أبريل 2024، واغتيالاً لقياديين إيرانيين وفلسطينيين على الأراضي الإيرانية، أبرزهم إسماعيل هنية في قلب طهران.

توازنات مختلة وتفوق تقني إسرائيلي
في ميزان القوة التقليدية، تميل الكفة لصالح إسرائيل بفضل تفوقها التكنولوجي ودعمها الأمريكي، وامتلاكها طائرات إف 35 ومنظومات دفاعية مثل القبة الحديدية وآرو، إضافة إلى ترسانة نووية غير معلنة لكنها مفترضة.
في المقابل، تعتمد إيران على ترسانة كبيرة من الصواريخ والطائرات المسيرة منخفضة التكلفة، وتلجأ إلى حرب غير متماثلة وعمليات سيبرانية لتعويض تفوق إسرائيل العسكري.
ورغم أن إيران طورت منظومات مثل آرمان وإس 300، فإن فعاليتها الميدانية لم تُختبر بعد، بعكس نظيرتها الإسرائيلية التي أثبتت كفاءتها في صد 99% من الهجمات الإيرانية الأخيرة، وفق رواية الجيش الإسرائيلي.
اقرأ أيضًا:
الشرق الأوسط يترنّح تحت الضربات، فهل نشهد ولادة نظام إقليمي جديد؟
منشآت تحت الأرض والرد مؤجل
الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية يبدو معقدًا، خاصة بعد أن نقلت طهران بنيتها الأساسية إلى مواقع محصنة تحت الأرض.
ومع ذلك، لم يمنع ذلك من تنفيذ عمليات اغتيال وتخريب متكررة نُسبت إلى إسرائيل، وتبقى المعضلة أن الضربات الجوية، وإن نجحت تكتيكيًا، فإنها لن تُنهي الطموح النووي الإيراني، بل قد تُعجل باتخاذ قرار سياسي بتطوير سلاح نووي.

الحلفاء بين الاصطفاف والمناورة
الصراع لا ينحصر في طرفين فقط، بل يمتد إلى شبكة تحالفات غير متكافئة، إيران تعتمد على وكلاء غير مباشرين من لبنان إلى اليمن، لكنهم منهكون كما في حالة حزب الله أو لا يملكون ثقل الحسم.
بالمقابل، تستفيد إسرائيل من دعم مباشر من الولايات المتحدة وبريطانيا، ومن تفهم ضمني من بعض الدول الخليجية التي ترتبط معها باتفاقيات سلام، لكنها لا تزال تلتزم الحذر في إظهار أي انحياز علني في صراع ضد إيران.
اقرأ أيضًا:
من النفط إلى حقول البستاشيو، كيف تحول اقتصاد إيران إلى محور حرب إقليمية؟
ماذا بعد؟
إسرائيل تعتبر أن زمن الترقب قد انتهى، وأن نافذة الضرب الاستباقي أُغلقت تدريجيًا، في المقابل قد تجد طهران نفسها مضطرة للرد دون السقوط في فخ حرب شاملة تستنزفها داخليًا.
ويبقى السؤال المحوري: هل أصبح الشرق الأوسط أمام نسخة جديدة من أزمة كوبا النووية، لكن هذه المرة على الأرض العربية، وبأيدي إقليمية لا تخشى الاحتراق؟
المرحلة المقبلة محملة بالاحتمالات، والخيارات تضيق، فأي خطوة غير محسوبة قد تُشعل فتيل حرب واسعة، تخرج عن سيطرة الجميع، في منطقة مشتعلة أصلاً.
Short Url
الإنفاق العسكري بين إسرائيل وإيران، صراع الأرقام وسط لهب المواجهة
15 يونيو 2025 02:29 م
«من لندن إلى دبي»، كيف فشلت الحكومة البريطانية في الحفاظ على الأثرياء
15 يونيو 2025 01:23 م
إسرائيل تقاتل بدعم مالي ضخم، وإيران تواجه التحديات بموارد محدودة
15 يونيو 2025 11:28 ص


أكثر الكلمات انتشاراً