الشرارة القادمة من الشرق الأوسط، العالم على حافة الصراع المميت
الخميس، 12 يونيو 2025 04:32 م

الشرارة القادمة تأتي من الشرق الأوسط
في اللحظة التي تصطف فيها السفن الحربية في عرض البحر، وتُغلق فيها السفارات أبوابها في العواصم المشتعلة، وتتحول المنطقة إلى غرفة انتظار كبرى للضربة الأولى، يجد العالم نفسه أمام سؤال لم يعد بعيدًا عن الواقع، ماذا لو اندلعت الحرب فعلًا بين إيران وإسرائيل؟

ما يجري اليوم ليس مجرد تصعيد عسكري عابر أو مناورة في لعبة النفوذ الإقليمي، نحن أمام احتمال حقيقي لانفجار قد يتجاوز الجغرافيا، ليمتد أثره إلى أسواق المال والطاقة والنقل والغذاء حول العالم، وإذا ما اشتعلت شرارة الحرب، فستكون ارتداداتها أكثر عنفًا من مجرد خسائر عسكرية أو إعادة رسم للخريطة السياسية في الشرق الأوسط.
اقتصاد مرهق على حافة الانهيار
الاقتصاد العالمي، الذي لم يكد يلتقط أنفاسه بعد سلسلة من الأزمات المتلاحقة بدءًا بجائحة كورونا، مرورًا بالحرب الروسية الأوكرانية، وصولًا إلى أزمات سلاسل التوريد والتضخم يواجه الآن اختبارًا جديدًا قد يفوق طاقته على الاحتمال، فأي حرب كبرى في الشرق الأوسط ستكون بمثابة صدمة عنيفة لاقتصاد لا يزال هشًّا، ولا يحتمل المزيد من المفاجآت الكارثية.
اقرأ أيضًا:
«مصرع 3 أشخاص»، تفاصيل حريق سفينة إيرانية محملة بمادة الميثانول
بعد التوترات في إيران، أونصة الذهب العالمي تعاود الارتفاع
مضيق هرمز.. عقدة النفط العالمية
الحديث عن مواجهة عسكرية مع إيران يضع مضيق هرمز في قلب العاصفة، فهذه البوابة المائية الاستراتيجية، التي تمر عبرها نحو خُمس تجارة النفط العالمية، تمثل ورقة ضغط كبرى بيد طهران.
مجرد التلويح بإمكانية إغلاق المضيق، كان كفيلًا بإشعال مخاوف الأسواق، أما إذا نُفذ هذا التهديد فعلًا، فإن العالم سيواجه ما يمكن تسميته بالانفجار النفطي.
في هذه الحالة، تشير التقديرات إلى أن أسعار النفط قد تتجاوز 150 دولارًا للبرميل خلال أيام معدودة، ارتفاع بهذا الحجم سيؤثر بشكل مباشر على أسعار الوقود حول العالم، وسيرفع تكلفة الشحن، وسيلهب أسعار السلع، ليُدخل اقتصادات كبرى مثل أوروبا واليابان والهند في دوامة جديدة من التضخم المرتفع وتراجع النمو.

الذهب والدولار وجهان لردة الفعل
في مثل هذه الأزمات، تبحث الأسواق عن ملاذات آمنة، التاريخ يقول إن الذهب هو أول من يستفيد، ومع ازدياد المخاطر الجيوسياسية، قد نشهد ارتفاعًا سريعًا في أسعاره يتجاوز حاجز 3300 دولار للأوقية.
في المقابل، سيواجه الدولار الأمريكي وضعًا أكثر تعقيدًا، فرغم أنه قد يحقق مكاسب قصيرة الأجل مقابل بعض العملات الضعيفة، إلا أن الضغط الداخلي على الاقتصاد الأمريكي بسبب التضخم وارتفاع أسعار الفائدة قد يكبح هذا الصعود.
البورصات العالمية أول من يتلقى الضربة
التجارب السابقة تُظهر أن أسواق الأسهم تكون أول الضحايا في أوقات الحروب، ومع أي تصعيد عسكري، ستتجه البورصات نحو موجات بيع واسعة، بورصات الخليج ستكون الأكثر تأثرًا لقربها الجغرافي من مسرح العمليات، ما قد يعرضها لتقلبات حادة في أحجام التداول والأسعار.
أما في الغرب، فمن المتوقع أن تشهد أسواق المال الأمريكية والأوروبية تراجعًا حادًا مدفوعًا بمخاوف توسع الحرب، خاصة إذا ارتبطت المواجهة بانقطاعات في إمدادات الطاقة أو تهديدات للملاحة البحرية، القطاعات الحساسة مثل الطيران، والسياحة، والنقل البحري، ستكون في مرمى النيران الاقتصادية منذ اللحظة الأولى.
اقرأ أيضًا:
إيران تلوّح باليورانيوم، وأسواق النفط تستنشق الحذر بين تهديد طهران ونفَس بكين البطيء
الولايات المتحدة الأمريكية تعاقب مصفاة نفط صينية بسبب إيران، ما القصة؟
الدول العربية بين فكي الكارثة
بالنسبة للعالم العربي، فإن التأثير لن يكون سياسيًا فقط، بل اقتصاديًا واجتماعيًا أيضًا، دول الخليج، تحديدًا، ستواجه تحديات مزدوجة، فمن جهة، سيؤدي اضطراب شحنات النفط إلى ارتفاع تكاليف التأمين والنقل، ما يُضعف جاذبية صادراتها، ومن جهة أخرى، ستظهر آثار الحرب على أسواق العمل، وحركة الاستثمارات، وحتى على تحويلات العاملين في الخارج.
أما الدول غير النفطية في المنطقة، فستتأثر بشكل غير مباشر بارتفاع أسعار السلع العالمية، وبانخفاض فرص النمو وسط بيئة اقتصادية متوترة عالميًا.

الفرصة الأخيرة قبل الانفجار
ورغم كل هذه المؤشرات المقلقة، لا تزال هناك نافذة ولو ضيقة للحل السياسي، فربما تكون التحركات العسكرية مجرد أوراق ضغط لتحسين شروط التفاوض، وربما تنجح الوساطات الدولية في تجنّب المواجهة المباشرة.
لكن المؤكد هو أن الاقتصاد العالمي لم يعد يحتمل مزيدًا من الحروب، وإذا اندلع هذا النزاع، فلن تكون الخسائر محصورة في ميدان المعركة.
بل ستشمل انهيارات في أسواق المال، قفزات في الأسعار، وركودًا اقتصاديًا قد يستمر لسنوات، العالم لا يقف فقط على حافة حرب، بل على حافة أزمة اقتصادية قد تغير شكل النظام المالي لعقد قادم.
Short Url
الجنرال الخفي، كيف يحكم الذكاء الاصطناعي ميدان الحرب واقتصادها؟
13 يونيو 2025 03:49 م
الشرق الأوسط يترنّح تحت الضربات، فهل نشهد ولادة نظام إقليمي جديد؟
13 يونيو 2025 02:20 م
الممرات المائية، شرايين التجارة العالمية تحت ضغط الجغرافيا والتوترات
13 يونيو 2025 12:46 م


أكثر الكلمات انتشاراً