أوروبا وآسيا نحو الصدارة العلمية، من يتحمل فاتورة هجرة الطلاب من أمريكا؟
الإثنين، 02 يونيو 2025 07:04 م

هجرة العقول من أمريكا
في ظل موجة متصاعدة من النزيف العلمي والبحثي، تحولت الولايات المتحدة الأمريكية من قبلة الباحثين والابتكار إلى وجهة تودع فيها نخبتها العلمية الواعدة، بينما تقف دول أخرى لاستقبال هذه الكفاءات بأذرع مفتوحة وفرص لا تُقاوم.

من قلب الحلم الأميركي إلى واقع مُر، تحكي قصة العالمة البرازيلية دانييلي بيكمان، التي انتقلت عام 2017 إلى جامعة كاليفورنيا، ديفيس، لتكتشف مع بداية ولاية ترامب الثانية، أن الدعم الذي كانت تعتقده ضمانًا، أصبح هشًا ومتقلصًا. فقد خسرت مختبراتها منحًا تتجاوز قيمتها 2.5 مليون دولار، وبدأت تبحث عن ملاذ بديل في أوروبا.
نزيف العقول.. ضربة قوية للاقتصاد الأمريكي
هذا النزيف لا يشكل مجرد هجرة أفراد، بل يهدد ركيزة الاقتصاد الأميركي نفسه، فقد كانت أميركا على مدى عقود مهد الابتكار والعلم، والسبب يعود إلى رأس المال البشري المميز الذي جذبه تمويل سخي واستقرار أكاديمي.
اليوم، مع تراجع الدعم الحكومي للبحث العلمي، وقرارات تجميد المنح وتخفيض التمويل، يتراجع مشهد الابتكار أمام عيون الاقتصاد الأميركي.
السياسات التي تقيد الجامعات الكبرى، مثل هارفارد، تقلص فرص الطلاب والباحثين الدوليين، وتُحدث شرخًا عميقًا في جسد النظام العلمي الأميركي، مما يؤدي إلى تراجع الريادة التكنولوجية والتنافسية الاقتصادية في الأسواق العالمية.
اقرأ أيضًا:
«الهجرة العكسية للعقول».. كيف تُهدد حملة ترامب الجامعات الأمريكية وتعيد تشكيل خريطة التعليم
الكنز الأكاديمي ينفلت من أصابع أمريكا، جامعات العالم تستقطب الطلاب بمنح وإعفاءات

سباق عالمي على العقول.. أوروبا وآسيا في المقدمة
في الوقت الذي تتراجع فيه أميركا، لا تقف بقية دول العالم مكتوفة الأيدي. الاتحاد الأوروبي أعلن عن استثمار 500 مليون يورو لجذب الباحثين، وكندا خصصت 30 مليون دولار كندي للباحثين الشباب، فيما أطلقت النرويج وسنغافورة وأستراليا برامج منافسة لاستقطاب النخب.
مبادرات مثل «ملاذ آمن للعلماء» في جامعة مرسيليا الفرنسية، وقبول الطلاب المتضررين من قرارات ترامب في جامعة هونغ كونغ، تؤكد أن العالم يعيد رسم خارطة الجاذبية العلمية لصالحه.
اقرأ أيضًا:
بعد قيود ترامب على المهاجرين، جامعات العالم تسعى لاستقطاب الطلاب
الجهل قادم من البيت الأبيض، قرار جديد يهدد مليارات الجامعات ويفرّغها من العقول
أرقام وحقائق.. هل تخسر أميركا ريادتها؟
تشير البيانات إلى أن تمويل البحث والتطوير في أميركا، رغم تضاعفه على مدى عقود ليصل إلى 160 مليار دولار في 2024، شهد في السنوات الأخيرة تقليصات حادة. فقد ألغيت آلاف المنح بقيمة مليارات الدولارات، مما دفع مئات الباحثين للتفكير في الهجرة، بينهم أسماء بارزة انتقلت إلى كندا وأوروبا.
الصين، التي تضاعف إنفاقها على البحث إلى 780 مليار دولار في 2023، تقترب بخطى ثابتة من أميركا، في حين يستثمر الاتحاد الأوروبي أكثر من 500 مليار دولار، مما يوضح أن المنافسة على مركز الصدارة العلمية باتت شرسة وواقعية أكثر من أي وقت مضى.

الباحثون الشباب.. مستقبل الابتكار في مهب الريح
الأكثر تضررًا من هذه التحولات هم الباحثون الشباب، الذين يمثلون وقود المستقبل العلمي والاقتصادي. يقول البروفيسور كينيث وونج من جامعة براون: «ما نخسره الآن هو جيل كامل من الباحثين المؤهلين على وشك الانطلاق... مستقبل الابتكار الذي لن ينتظر».
مع هذه الموجة من النزوح العلمي، تواجه أميركا تحديًا تاريخيًا يتطلب إعادة تقييم أولويات التمويل العلمي، وإصلاحات تضمن بيئة تعليمية مفتوحة وجاذبة، للحفاظ على مكانتها في القمة.
في النهاية، ما يبدو خسارة لأميركا، هو فرصة ذهبية للعالم. إذ تتغير خريطة الابتكار والبحث العلمي العالمية، ويدخل العالم حقبة جديدة من التنافس المعرفي تقودها قوى ناشئة وأخرى تسعى لاستعادة مكانتها.
Short Url
قطاع التشييد، حصان أسود يدفع عجلة النمو السعودية لاقتصاد ما بعد النفط
03 يونيو 2025 11:22 ص
في إطار تحسين أمن الطاقة، القطاع الخاص في صدارة مشروعات تغويز الغاز في مصر
02 يونيو 2025 02:36 م
بين الدبلوماسية والتجارة، سويسرا توازن المخاطر في ظل التصعيد الأمريكي
02 يونيو 2025 02:08 م


أكثر الكلمات انتشاراً