بين المطرقة والتبعية، الصين تواجه تحديات التقنية والعمالة في معركة الرسوم
الجمعة، 30 مايو 2025 12:49 م

الحرب التجارية
في مشهد عالمي تتقاطع فيه الجغرافيا الاقتصادية مع السياسات الحمائية، تستمر الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين كأحد أبرز مظاهر الصراع بين أكبر اقتصادين في العالم.

ورغم امتلاك الصين لعديد من أدوات الصمود، فإنها لا تدخل هذا الصراع من موقع خالٍ من نقاط ضعف، بل من موقع تحكمه تحديات هيكلية وأعباء استراتيجية تهدد استقرارها الاقتصادي، خاصة في مواجهة سياسات تجارية شديدة الوطأة كسياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
الوظائف نقطة الضعف الأكثر حساسية
الضربة الأكثر إيلامًا لبكين تأتي من الجبهة الاجتماعية، حيث يشكل فقدان الوظائف في قطاع التصدير والتصنيع تهديدًا مباشرًا للاستقرار الداخلي.
إن ترامب، في ولايته الأولى، تفاخر بتسببه في خسارة 5 ملايين وظيفة في الصين، وفي ولايته الثانية، عاد خطر فقدان الوظائف إلى الواجهة مع التهديد بارتفاع عددها إلى 9 ملايين في حال عادت الحرب التجارية بكامل قوتها.
الصين، التي تعتمد على التصدير لتشغيل عشرات الملايين من العمال، تجد نفسها مكشوفة أمام أي تحرك أميركي يزيد تكلفة منتجاتها، مما يؤدي إلى تراجع الطلب، إغلاق المصانع، وزيادة البطالة.
اقرأ أيضًا:
اليوان الرقمي يتحدى الدولار، الصين وسنغافورة يخططان للهيمنة على قطاع السياحة والمالية في آسيا
بين الصين وأمريكا، أبل تلعب على حبل السياسة والتقنية
الاعتماد على التكنولوجيا الأميركية
رغم التقدم التكنولوجي الذي حققته الصين، فإنها لا تزال تعتمد على التكنولوجيا الغربية المتقدمة، لا سيما في صناعة الرقائق الدقيقة، حيث تحتكر الشركات الأميركية معدات حيوية مثل أجهزة الطباعة الضوئية المستخدمة في تصنيع أشباه الموصلات.
هذا الاعتماد يمثل ورقة ضغط استراتيجية تستخدمها واشنطن بفاعلية، كما تجلى في القيود المفروضة على شركات مثل هواوي، مما كشف عن فجوة تكنولوجية حقيقية لا تزال الصين تسعى لسدها.
الشفافية وثقة المستثمرين
من أبرز الانتقادات التي تواجهها الصين في البيئة التجارية العالمية هي ضعف الشفافية في تعاملات شركاتها، ما يزيد من تحفظات الشركاء الدوليين، هذه السمعة تضعف مناخ الاستثمار وتزيد عزلة الصين في الأسواق الغربية، خصوصًا في وقت تبحث فيه عن تنويع شركائها وتقليل اعتمادها على السوق الأميركية.
التبعية للسوق الأميركية
ورغم محاولات التنويع عبر سياسة "الصين +1" بنقل جزء من الإنتاج إلى جنوب شرق آسيا، لا تزال الولايات المتحدة تمثل سوقًا حيوية لصادرات الصين، وترتبط بها قرابة 20 مليون وظيفة، أي تصعيد في الرسوم الجمركية الأميركية يتسبب مباشرة في ضغوط اجتماعية واقتصادية داخلية يصعب على بكين تجاهلها.
اقرأ أيضًا:
هدنة تجارية كبرى، الصين وأمريكا تخفضان الرسوم الجمركية بشكل مفاجئ لمدة 90 يومًا
«فيتنام تحت النار»، هل تصبح ضحية الحرب التجارية بين أمريكا والصين؟
تراجع النمو الاقتصادي والضغوط الانكماشية
أزمة ما بعد الجائحة لم تمر بسلام على الصين، التي سجلت نموًا أقل من مستهدفاتها، وسط تراجع ملحوظ في التضخم إلى مستويات قريبة من الصفر، ما يعكس ضعف الطلب المحلي ويؤشر إلى ضغوط انكماشية مستمرة.
توقعات بلومبيرج تشير إلى ارتفاع الأسعار بنسبة 0.3٪ فقط في 2025، وهو أدنى مستوى منذ بدء الاستطلاعات، ما يعكس هشاشة الوضع الداخلي رغم الاتفاق المؤقت على تخفيض الرسوم الجمركية مع واشنطن.

ضغوط على العملة واتهامات بالتلاعب
اليوان الصيني لم يسلم من تداعيات الحرب التجارية، حيث تعرض لضغوط هبوطية متكررة، الأمر الذي دفع واشنطن لتوجيه اتهامات لبكين بالتلاعب بالعملة.
هذه الضغوط أضرت بثقة المستثمرين الدوليين وفاقمت من تحديات الصين الاقتصادية، في وقت هي أحوج ما تكون فيه لجذب الاستثمارات الخارجية.
رغم أن الصين أظهرت مرونة كبيرة في إدارة الحرب التجارية، إلا أن نقاط ضعفها البنيوية من الاعتماد على التكنولوجيا الأميركية، إلى هشاشة سوق العمل المرتبطة بالتصدير، مرورًا بـ ضعف الشفافية وضغوط العملة تجعلها عرضة للتأثر السريع بأي تصعيد أميركي.
إنها ليست حرب جمارك فقط، بل صراع طويل الأمد على الريادة الاقتصادية والتكنولوجية، وتبقى معركة الوظائف والتقنية والتبعية السوقية أهم خطوط التماس في هذا الصراع المعقد بين التنين الصيني والمارد الأميركي.
Short Url
طفرة التجزئة الحديثة تقود ثورة التسوق عالميًا.. وأسيا في المقدمة
31 مايو 2025 02:39 م
«أفلام تتصدر ووثائقيات تشتعل»، صراع المنصات يشتعل فمن يربح معركة الشاشة الصغيرة
30 مايو 2025 01:58 م
السماء ليست صافية، عواصف تجارية وجيوسياسية تهدد مستقبل الطيران العالمي
30 مايو 2025 10:25 ص


أكثر الكلمات انتشاراً