2025، عام التحولات الكبرى في الاقتصاد العالمي بين بطء النمو وتبدد التضخم
الثلاثاء، 13 مايو 2025 09:50 ص

الاقتصاد العالمي
تحليل/ كريم قنديل
وسط عالم يتأرجح بين التعافي والانكماش، يدخل الاقتصاد العالمي عام 2025م في مرحلة انتقالية حاسمة، فبعد عامين من النمو غير المتوقع والتضخم المرتفع، تتحول بوصلة الأسواق نحو واقعٍ جديدٍ، تتقاطع فيه قرارات السياسة النقدية، والصراعات التجارية، في ظل تغيرات هيكلية تعيد رسم ملامح الدورة الاقتصادية.

أميركا من ذروة الانتعاش إلى علامات الانكماش
وفي الولايات المتحدة، انقلب المشهد رأسًا على عقب، فبعد نمو قوي بلغ 2.8% في 2024م، سجل الاقتصاد الأمريكي انكماشًا طفيفًا بنسبة 0.1% في الربع الأول من 2025م، الأمر الذي يعكس تراجع ثقة المستهلكين، إلى جانب الآثار السلبية المترتبة على سياسات ترامب التجارية، خاصة الرسوم الجمركية التي أُقتت في إبريل.
ورغم أن التضخم تراجع إلى 2.7% مع نهاية 2024م، فإن التوقعات تشير إلى احتمال ارتفاعه مجددًا إلى 4% بحلول منتصف 2026م، بفعل تغييرات السياسات، في المقابل، يميل مجلس الاحتياطي الفيدرالي، إلى تثبيت أسعار الفائدة عند 4.25% و4.5% طوال 2025م، بعد انخفاض إجمالي بمقدار نقطة مائوية العام الماضي.
الصين ومحاولات تنشيط الاستهلاك لا تكفي
وتكافح الصين بدورها للحفاظ على الزخم، فبعد أن سجلت نموًا قويًا بنسبة 5% في 2024م بفضل حزم تحفيزية متعددة، بدأت تفقد الدفع في مطلع 2025م، في ظل تراجع للصادرات بسبب التوتر التجاري المتجدد مع واشنطن، رغم تقليص بعض التعريفات.
ورغم محاولات بكين توجيه السياسات لدعم الاستهلاك المحلي، إلا أن ضعف الثقة وتباطؤ سوق العقارات، يُقيدان هذه الجهود، في وقت تبقى فيه الضغوط الانكماشية قائمة، دون مؤشرات على زوالها قريبًا.

منطقة اليورو حيث الضوء بنهاية نفق الركود الصناعي
في أوروبا، يبدو أن الاقتصادات الكبرى، تحاول الخروج من تبعات ركود صناعي طال أمده، فالدعم المالي القوي من ألمانيا، وارتفاع الإنفاق العسكري، يدفعان النمو بشكل خجول، مدعومين بدورة خفض فائدة يقودها البنك المركزي الأوروبي، الذي من المتوقع أن يخفض سعر الإيداع إلى 1.75% بحلول يوليو 2025م.
ومع ذلك، تبقى المخاطر قائمة، فالغموض في الصين، والتوتر التجاري مع الولايات المتحدة، يفرضان سقفًا على وتيرة التعافي، خصوصًا في دول مثل فرنسا، التي سجلت نموًا شبه ثابت عند 0.1%، وسط تراجع الصادرات وضعف الاستهلاك، حتى الألعاب الأولمبية لم تُحرك المياه الراكدة.
بريطانيا بين مزيج من المرونة والتقشف
وتسير بريطانيا على حبل مشدود، فصحيح أن الإنفاق الدفاعي ارتفع، لكن الإجراءات المالية المقيدة تُضعف أثر السياسة النقدية التي تميل نحو التيسير، والنمو يتراجع من 1.1% في 2024م إلى 1% في 2025م، في حين يبقى التضخم فوق المستوى المستهدف، مدفوعًا بنمو الأجور، وسط مسارٍ تدريجي لخفض الفائدة من بنك إنجلترا حتى 2026م.

نمو اليابان يراوح مكانه رغم الاستقرار
وتشهد اليابان استقرارًا نقديًا لكن دون طموح، فالنمو في عام 2024 لم يتجاوز 0.1%، ومن المتوقع أن يتوقف كليًا في 2025م، بفعل تراجع الصادرات للولايات المتحدة، والضعف الهيكلي في الطلب المحلي رغم ارتفاع الأجور، وسيبقي بنك اليابان الفائدة عند 0.5%، في حين يتوقع ارتفاع محدود في عوائد السندات إلى 1.7%.
الفائدة العالمية بين الثبات الأمريكي والتيسير الأوروبي
ويكشف النصف الثاني من 2025م مشهدًا نقديًا متباينًا، فالفيدرالي الأميركي يثبت الفائدة عند 4.5%، فيما تواصل منطقة اليورو التيسير، وخفض الفائدة إلى 1.75%، في الوقت الذي يتبع فيه بنك إنجلترا المسار نفسه، ليصل إلى 3.75% بنهاية العام.
أما في سوق السندات، فتتراجع عوائد الخزانة الأميركية لعشر سنوات من 4.65% إلى 4.2%، وفي أوروبا ترتفع عوائد السندات تدريجيًا تزامنًا مع اتساع هوامش المخاطر، لتسجل 3.13% في فرنسا، و3.4% في إيطاليا، و2.25% في ألمانيا.

العملات والنفط وتحركات محسوبة في ظل التوتر
وعلى صعيد العملات، من المتوقع أن يرتفع اليورو أمام الدولار من 1.16 إلى 1.2 بحلول نهاية 2025م، بفعل تغير التوجهات النقدية، فالجنيه الإسترليني يرتفع بدوره إلى 1.38، بينما يتراجع الدولار أمام الين إلى 135، في الوقت الذي استقر اليورو فيه أمام الجنيه عند 0.87، مرتفعًا أمام الين إلى 162.
أما أسعار النفط، فرغم التوترات الجيوسياسية، من المتوقع أن تتحرك في نطاقٍ ضيق، في ظل تداول خام برنت بين 71 و74 دولار للبرميل في النصف الثاني من العام.
العالم على الحافة
ويبدو أن الاقتصاد العالمي، يمضي على حافة دقيقة بين التعافي والركود، والمفارقة أن التضخم الذي كان مصدر القلق الأكبر قبل عام، بات اليوم أقل تهديدًا مع تباطؤ النمو والغموض التجاري، قرار الفيدرالي الأميركي بالتثبيت، وسياسات خفض الفائدة في أوروبا، وبطء التحفيز في الصين، كلها عناصر سترسم مسار الاقتصاد العالمي في الأشهر المقبلة.
السؤال الأهم الآن: هل يستطيع العالم تفادي العودة إلى ركود، أم إن الأشهر القادمة ستكشف عن وجه جديد، ربما أكثر تعقيدًا، للأزمة الاقتصادية؟
Short Url
ترامب يعيد أمريكا إلى الوراء بالحرب التجارية الخاسرة مع الصين وأوروبا
13 مايو 2025 01:34 م
الجلوس على طاولة الاتفاق، هل تؤدي المفاوضات بين أميركا والصين لتهدئة الأسواق؟
11 مايو 2025 09:34 م
%31,4 من الصفقات لصالح التقنية المالية، السعودية تبهر العالم
11 مايو 2025 05:45 م


أكثر الكلمات انتشاراً