سوق العمل لا يرحم، الاقتصاد العالمي يعيد تعريف النجاح المهني
الخميس، 01 مايو 2025 01:02 م

سوق العمل العالمي
تحليل/ كريم قنديل
في مشهد اقتصادي يتبدّل بسرعة تفوق التوقعات، يبدو أن الشهادات الجامعية لم تعد جواز المرور الأوحد نحو النجاح، فالعقد الجديد يشهد ثورة صامتة تُعيد رسم معالم التفوق المهني.

لم تعد الجامعات وحدها تصنع الناجحين، ولم يعد التفوّق الأكاديمي ضمانًا لوظيفة مستقرة، ما يصنع الفارق اليوم هو ما تعرفه، لا ما تحمله من ألقاب.
صراع بين الشهادات والمهارات
وفق تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2024، 69% من الشركات الكبرى باتت تُفضّل المهارات التطبيقية على الشهادات التقليدية، ولم تعد الخبرة محصورة في سنوات الخدمة، بل في القدرة على التكيّف، وتحليل البيانات، والتفكير النقدي، السوق العالمي بات كائنًا حيًا، يتنفس مهارات جديدة، ويُقصي من لا يجدد نفسه.
لكن التحوّل لا يقف عند أبواب الشركات فقط، فأنظمة التعليم التقليدية باتت تلهث خلف سوق يتغير كل 3 إلى 5 سنوات، بحسب تقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، المهارات الرقمية مثلاً، عمرها الافتراضي أقصر من عمر هاتف ذكي، ما يعني أن من لا يُحدّث أدواته باستمرار، سيجد نفسه خارج اللعبة.

منصات التعليم الإلكتروني
وهنا، تبرز منصات التعليم الإلكتروني كمنقذ حقيقي، تقرير "كورسيرا" لعام 2024 أشار إلى نمو بنسبة 35% في الإقبال على المهارات الرقمية والقيادية، لا سيما من الفئة العمرية فوق 35 عامًا، ما يُعطي إشارة واضحة، التعلّم المستمر لم يعد رفاهية، بل ضرورة وجودية.
الشركات الأكثر ابتكارًا كما تشير بيانات غارتنر هي تلك التي تستثمر في تدريب موظفيها داخليًا، وتسجل إنتاجية أعلى بنسبة 20%، هذا ليس مجرد تحسين أداء، بل استراتيجية نمو حقيقي.
العالم العربي نحو مهارات المستقبل
العالم العربي بدأ يلتقط الإشارة، السعودية دشنت برنامج "مهارات المستقبل" لتأهيل 100 ألف شاب وشابة رقميًا، فيما أطلقت الإمارات "البرنامج الوطني للمبرمجين" لتأسيس ألف شركة رقمية بحلول 2026، خطوات جريئة، لكنها لن تؤتي ثمارها دون تغيير في الثقافة العامة التي ما زالت في كثير من الأحيان تقدّس الشهادة على حساب المهارة.
في سوق لم يعد يعترف إلا بمن يحدث الفرق، لم تعد الشهادة تُكافئ وحدها، كبرى الشركات الآن تُقيّم الأداء الفعلي، لا أوراق الاعتماد، الكفاءة تُقاس بالأثر، والنجاح يُبنى على القدرة على إعادة ابتكار الذات.

المهارات ومستوى المهارات
يتم تعريف المهارات على أنها القدرة الفطرية أو المكتسبة على تطبیق المعرفة المكتسبة من خلال الخبرة، أو الدراسة، أو الممارسة أو التدريس، وعلى أداء المهام والواجبات التي تتطلبها وظيفة معينة. ويتم التمييز بين:
المهارات الخاصة بالوظيفة/المهارات الفنية: وهي المهارات الخاصة بالمهنة التي تشمل المعرفة المتخصصة اللازمة لأداء واجبات الوظيفة، والمعرفة بمنتجات أو خدمات معينة يتم إنتاجها، والقدرة على تشغيل الأدوات والآلات التقنية المتخصصة، ومعرفة المواد التي تم العمل عليها أو معها.
المهارات الأساسية: تعتبر هذه المهارات مثل القراءة والكتابة والحساب ومهارات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات شرطًا أساسيًا لمزيد من التعليم والتدريب ولاكتساب مهارات فنیة وقابلة للنقل.
المهارات القابلة للنقل: وهي المهارات ذات الصلة بمجموعة واسعة من الوظائف والمهن ويمكن نقلها بسهولة من وظيفة إلى أخرى، وهي تشمل على سبيل المثال لا الحصر، حل المشكلات والمهارات المعرفية الأخرى، والمهارات البدنية، والمهارات اللغوية، والمهارات السلوكية الاجتماعية والعاطفية والشخصية.
اعتمادًا على مدى تعقيد ونطاق المهام والواجبات التي سیتم تنفيذها في الوظیفة، قد تکون هناك حاجة لأنواع مختلفة من المهارات ومستويات الكفاءة لمهن مختلفة أو مجموعة من المهن.

الاستثمار في المهارات التطبيقية
ويشير تقرير للبنك الدولي إلى أن الدول النامية التي استثمرت في المهارات التطبيقية حققت نموًا في الناتج المحلي الإجمالي يزيد بـ1.5 نقطة مئوية سنويًا مقارنةً بغيرها، هذا يعني أن الرهان على المهارات لم يعد مجرد توجّه تدريبي، بل سياسة اقتصادية بامتياز.
في سباق المستقبل، لا قيمة لما تحقق بالأمس، وحدهم القادرون على مواصلة التعلم، وخلق القيمة اليوم، هم من يملكون مفاتيح الغد.
Short Url
ترمب، من السجون الأمريكية إلى شوارع إفريقيا، لعبة الترحيل الكبرى
01 مايو 2025 03:10 م
80 ألف طن من البن، ماذا يخبرنا عشق المصريين للقهوة عن الاقتصاد؟
01 مايو 2025 03:52 م
ترامب يعيد أشباح الكساد الكبير، هل يقود طوفان الرسوم الجمركية إلى أزمة عالمية جديدة؟
30 أبريل 2025 10:55 م


أكثر الكلمات انتشاراً