مصر إلى قمة الملابس العالمية.. الاستثمارات التركية والصينية تفتح آفاقًا جديدة
الجمعة، 09 مايو 2025 12:40 م

الملابس الجاهزة
كتب/ كريم قنديل
في قلب المنطقة الصناعية بالعبور، شمالي القاهرة، تدور ماكينات أربعة خطوط إنتاج عملاقة بلا توقف، هنا، يُصنع نحو 18 مليون قطعة ملابس سنويًا من الجواكيت الشتوية الأنيقة إلى البنطلونات والجيبات العصرية في مصنع مصري تركي مشترك يُعد نموذجًا لما يمكن أن تفعله الشراكات الذكية في ظل مناخ اقتصادي واعد.

لكن القصة لا تقف هنا، هذا المصنع، الذي يصدر 70% من إنتاجه إلى الولايات المتحدة، يستعد الآن لتدشين خط إنتاج خامس يُتوقع أن يرفع القدرة الإنتاجية إلى 1.8 مليون قطعة شهريًا، بإجمالي سنوي يلامس 22 مليون قطعة.
تلك الأرقام لم تعد مجرد إنجاز محلي، بل تعكس تحولًا في موقع مصر على خريطة تصنيع وتصدير الملابس الجاهزة عالميًا.
الرسوم الجمركية.. فرصة وليست عائقًا
قد تبدو الرسوم الجمركية الأمريكية ككابوس لصناع القرار في الصين أو فيتنام، لكن في مصر، يُنظر إليها باعتبارها فرصة ذهبية لإعادة التموضع في السوق العالمية، أحد المصانع وحده حقق 135 مليون دولار من الصادرات العام الماضي.
فيما بلغت القيمة الإجمالية لصادرات الملابس الجاهزة المصرية 2.8 مليار دولار، تصدرت فيها الولايات المتحدة قائمة المستوردين بنسبة 54%.
هذا الواقع الجديد جعل مصر أرضًا خصبة لإعادة توزيع سلاسل الإمداد العالمية، حيث تسعى شركات كبرى إلى الخروج من السوق الصينية تفاديًا للرسوم، وتتجه إلى مصر ليس فقط للتجميع، بل لتنفيذ كل مراحل الإنتاج من الغزل والنسيج وحتى التعبئة.

صين جديدة تُولد في مصر
ما يحدث اليوم في مصر قد يُشبه ما شهدته الصين في تسعينيات القرن الماضي، شركات صينية، بلغ عددها المتوقع نحو 50 شركة، بدأت بالفعل في إجراءات الانتقال إلى السوق المصري، مع زيادة غير مسبوقة في طلبات شراء الأراضي الصناعية بعضها بلغ نصف مليون متر مربع لإقامة مصانع ملابس ونسيج.
تركيا أيضًا تراهن على مصر
الاستثمارات التركية ليست أقل زخمًا، إذ توجد عشرات المصانع العاملة بالفعل، فيما تخطط شركات تركية أخرى لضخ استثمارات جديدة لا تقل عن 300 مليون دولار، في وقت تحظى فيه المنطقة الصناعية المصرية باهتمام آسيوي متزايد، خاصة من الهند وفيتنام، اللتين تواجهان نفس معضلة الرسوم الأمريكية.
فرص في ظل اضطرابات سلاسل الإمداد
في ظل اضطرابات سلاسل الإمداد العالمية، ترى الصين في مصر، شريكًا استراتيجيًا طويل الأمد بفضل استقرارها السياسي وموقعها المحوري كبوابة إلى الأسواق الإفريقية، والشرق أوسطية، والأوروبية، وهو ما يجعل من الشراكة الصناعية بين البلدين نموذجًا للتكامل الاقتصادي العابر للقارات.

مصر تصعد.. فهل يستعد العالم؟
التحولات الحالية تُظهر أن مصر لا تكتفي بدور المورد أو الشريك الثانوي، بل تسعى لتكون مركزًا إقليميًا لصناعة الملابس، المعادلة واضحة، بنية تحتية متطورة، موقع جغرافي استراتيجي، اتفاقيات تجارية واسعة النطاق، وأيدي عاملة مدرّبة.
إذا استمرت مصر في استقطاب هذا الزخم الاستثماري، وتعزيز بيئة الأعمال، فقد نكون على موعد مع حقبة جديدة من النهضة الصناعية المصرية، تقود فيها القاهرة الشرق الأوسط وإفريقيا في صناعة باتت من الأكثر تنافسية عالميًا.
Short Url
من البطاريات للثورة الصناعية، من يلحق بسباق الطاقة؟
08 مايو 2025 05:16 م
قمة كوالالمبور، الصين توسع تحالفها الآسيوي – الخليجي في مواجهة أمريكا
08 مايو 2025 12:15 م
الاقتصاد تحت القصف، أرقام الهند وباكستان في مرمى التوتر
07 مايو 2025 04:25 م


أكثر الكلمات انتشاراً