الخميس، 08 مايو 2025

05:04 م

اقتصاد على صفيح ساخن، كيف تدفع الهند وباكستان ثمن تصعيد الحرب؟

الأربعاء، 07 مايو 2025 08:32 م

الهند وباكستان

الهند وباكستان

كتب/ كريم قنديل

في لحظة مفصلية جديدة من التوتر التاريخي بين الجارتين النوويتين، الهند وباكستان، انتقلت نيران التصعيد من قمم كشمير إلى العمق السياسي والاقتصادي في العاصمتين، وبينما تتبادل الجيوش القصف، تتلقى الأسواق ضربات غير مرئية ولكن موجعة، فهل يدفع الاقتصاد ثمن الحرب التي تتصاعد على وقع صواريخ ومقاتلات وأصوات انتخابية؟

منظر عام لمظفر آباد
كشمير

السياحة أول الضحايا

بدأ كل شيء برصاصات مزّقت هدوء منطقة "بَهَا ألغام" السياحية في كشمير الهندية، مذبحة راح ضحيتها 26 شخصًا بينهم سائحون هنود ونيباليون، أطلقت شرارة تصعيد غير مسبوق، لكن ما بدأ كهجوم إرهابي، تحوّل إلى ضربة قاصمة لقطاع السياحة في واحدة من أكثر المناطق جمالًا في جنوب آسيا.

الهند، التي تسوّق كشمير كوجهة سياحية واعدة، خسرت خلال أيام عشرات الآلاف من الحجوزات وانهالت تحذيرات السفر من عشرات الدول، فيما بدأت شركات السياحة بإلغاء جولات مخططة لشهري مايو ويونيو، وهما ذروة الموسم. 

أما باكستان، فرغم أنها ليست وجهة سياحية عالمية بنفس الوزن، إلا أن تبادل القصف وإسقاط الطائرات وضعها في دائرة الخطر والقلق الجيوسياسي، ما يؤثر على تدفق رؤوس الأموال الأجنبية والاستثمارات.

الاستثمار الأجنبي يترنح

الهند، التي تعوّل على تحوّلها إلى مصنع العالم في ظل التوتر الأميركي الصيني، تواجه اليوم معضلة مزدوجة، تراجع ثقة المستثمرين بفعل المخاوف الجيوسياسية، وزيادة الإنفاق العسكري الذي يضغط على الموازنة. 

بيانات أولية من مؤسسات مالية في سنغافورة ودبي أظهرت بدء خروج استثمارات قصيرة الأجل من بورصة بومباي، وسط قلق من أن تتحول الضربات الصاروخية المتبادلة إلى مقدمة لصراع مفتوح.

في المقابل، تواجه باكستان، التي تعاني أصلًا من أزمة ديون خانقة وتضخم تجاوز 25%، ضغطًا مضاعفًا، أي مغامرة عسكرية جديدة تعني مزيدًا من الإنفاق على الدفاع، ما يدفع الحكومة إلى طباعة الأموال أو طلب دعم طارئ جديد من صندوق النقد الدولي، في وقت لم تلتئم فيه جراح الاتفاق الأخير مع المؤسسة الدولية.

الحرب بين الهند وباكستان

الروبية تحترق تحت وقع التصعيد

العملة هي المؤشر الأكثر حساسية لأي توتر، الروبية الهندية فقدت أكثر من 1.2% من قيمتها خلال 48 ساعة فقط منذ بدء الغارات، وهو انخفاض حاد في سوق ناشئة عادةً ما تتحرك بوتيرة بطيئة، الأسواق تخشى من أن تُضطر نيودلهي إلى رفع الفائدة أو تقليص دعم الوقود للحد من الضغط على الروبية، ما يعني ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء على المواطن الهندي العادي.

أما الروبية الباكستانية، فدخلت بالفعل في مرحلة انحدار، تشير التوقعات إلى إمكانية تجاوز الدولار حاجز 320 روبية قريبًا إذا استمرت الضغوط، في وقت تنفق فيه باكستان أكثر من نصف احتياطاتها النقدية على استيراد الطاقة والقمح.

حرب بلا منتصر.. وخاسرها الأكبر الاقتصاد

حتى الآن، لم تصل الأمور إلى إعلان رسمي للحرب الشاملة، لكن الحرب التي تدور عبر ضربات جوية وصاروخية وإعلامية بدأت تفرض واقعًا جديدًا.. الاقتصاد رهينة القرارات العسكرية. 

هذا النوع من التصعيد، وإن كان محسوبًا ومحدودًا حتى اللحظة، يحمل تكلفة باهظة على الثقة، على الاستقرار النقدي، وعلى التطلعات التنموية لكل من نيودلهي وإسلام آباد.

ورغم أن الجيش الهندي يتمتع بتفوق عددي ومالي واضح، فإن الترسانة النووية الباكستانية تفرض واقعًا معقدًا يجعل من الضربة القاضية"خيارًا مستبعدًا، وهو ما يدفع الخبراء إلى التحذير من حرب استنزاف ناعمة قد تستمر شهورًا، تستهلك من رصيد البلدين أكثر مما تضيف.

مقارنة بين الجيش الباكستاني والهندي
الهند وباكستان

هل تفرمل واشنطن وبكين الجنون؟

العالم يراقب بقلق، الولايات المتحدة والصين وروسيا تدرك جيدًا أن اشتعال الجنوب الآسيوي يعني تهديد طرق التجارة، اضطراب الأسواق الناشئة، واحتمال ظهور موجة جديدة من اللاجئين، الضغوط الدبلوماسية بدأت بالفعل، لكن لا أحد يملك مفتاح الحل السحري.

يبدو أن الطرفين رغم الشعارات النارية والتصريحات المتحدية يعلمان أن لا رابح في هذه المواجهة، فالصواريخ قد تصيب أهدافًا عسكرية، لكن الشظايا تصيب الأسواق، والمواطن، والطموحات الاقتصادية التي بُنيت على أمل الاستقرار.

Short Url

showcase
showcase
search