الأربعاء، 31 ديسمبر 2025

10:06 م

اقتصاد الساعة 12، ليلة رأس السنة تقود أكبر رهان استثماري في 2026

الأربعاء، 31 ديسمبر 2025 08:24 م

اقتصاد رأس السنة- تعبيرية

اقتصاد رأس السنة- تعبيرية

ميرنا البكري

مع اقتراب موسم الأعياد ورأس السنة، يعمل الاقتصاد كله بوتيرة أعلى، وتشهد الشركات حركة مستمرة من كل جانب، بدءًا من النقل واللوجستيات الذي يغطي كل طلبات الشراء والتوصيل، حتى الخدمات والفنادق والمطاعم الذي يزداد عليها الضغط بسبب الزحمة والرحلات والسياح، وأيضًا قطاع الصحة الذي يستعد لأي طارئ لضمان سلامة الأفراد، بما يتم تصوره كاقتصاد موسمي ضخم.

تعد رأس السنة مناسبة اقتصادية كبيرة، فالإنفاق الموسمي يخلق تأثير مضاعف، فكل دولار ينفقه الفرد يُترجم لحركة في النقل، وإنشاء وظائف موسمية، وزيادة في الإيرادات الضريبية، واستثمارات في البنية التحتية وحتى في قطاع الصحة والأدوية، بخلاف قطاع السياحة العلاجية والرفاهية الذي يستفيد من الطلب على التجارب والخدمات العالية الجودة.

يعرض "إيجي إن" عبر السطور التالية، كافة المحاور من النقل واللوجستيات، لقطاع الخدمات والإنفاق الاستهلاكي، لتأثير المضاعف الاقتصادي، مرورًا بالاستعدادات الصحية، وأخيرًا سوق الأدوية والسياحة العلاجية، بما يشكل تفاصيل اقتصاد رأس السنة 2026، مع تسليط الضوء على كيفية تكامل القطاعات المختلفة على تكامل القطاعات المختلفة، وكيف يخلق كل قطاع حركة اقتصادية كبيرة سواء على المستوى المحلي أو العالمي؟.

2026-Ready Economic Development

المحور الأول: النقل واللوجستيات عصب حركة الاقتصاد في رأس السنة

مع دخول شهر ديسمبر واقتراب رأس السنة، يعمل قطاع النقل واللوجستيات بأقصى طاقته، نظرًا لأنه العمود الفقري لأي حركة بيع وشراء أو تنقل من توصيل الهدايا، للخروج للاحتفال حتى حركة الموانئ واليخوت، فكل هذا يصب في اقتصاد موسمي ضخم.

سلاسل الإمداد وموسم الهدايا.. ضغط غير طبيعي على اللوجستيات

يعتبر شهر ديسمبر شهر الذروة الحقيقي للتجارة الإلكترونية، ويقفز الطلب على الشراء الأون لاين بشكل كبير بسبب الهدايا والعروض، يخلق ضغطًا هائلًا على شركات الشحن والتوصيل.

عالميًا، وصلت مبيعات التجارة الإلكترونية لأكثر من 6 تريليونات دولار، وجزء كبير من هذا الرقم يتحقق في موسم نهاية العام، مما يجعل شركات اللوجستيات تدخل في سباق مع الوقت لتحافظ على مستوى الخدمة.

النقل الذكي وتسعيرة الذروة، ليلة رأس السنة موسم ذهبي

تعد ليلة 31 ديسمبر من أعلى الليالي ربحًا لشركات النقل الذكي مثل  Uber وCareem فيزداد الطلب على السيارات في هذا اليوم، مما يجعل تسعيرة الذروة تعمل بأقصى درجة.

يتضح من نتائج شركة أوبر في الربع الرابع من 2024، التأثير المباشر لاقتصاد رأس السنة، فيُلاحظ أن ذروة التنقل تتقاطع مع ذروة الإنفاق، فارتفاع الرحلات بنسبة 18% لا يمكن فصله عن الطلب المكثف في الأسابيع الأخيرة من ديسمبر، والتي تشهد أعلى معدلات تسعير ديناميكي خلال العام، وساهمت هذه الفترة في تعظيم عوائد السائقين ورفع متوسط الإيراد لكل رحلة، ودفع المستخدمين للاشتراك في خدمات مدفوعة مثل Uber One للاستفادة من الخصومات أثناء موسم الاستخدام المكثف.

سجلت أوبر أداء تشغيلي قوي خلال الربع الرابع من عام 2024 مدعومًا بتوسع قاعدة مستخدميها وارتفاع كثافة الاستخدام على المنصة، فبلغ عدد المستخدمين النشطين شهريًا نحو 171 مليون مستخدم أغلبهم في شهر ديسمبر بنمو سنوي بنسبة 14%، بينما ارتفع إجمالي عدد الرحلات المنتهية بنسبة 18% ليصل إلى حوالي 3.1 مليار رحلة، كما سجل معدل الاستخدام الشهري لكل مستخدم أعلى مستوياته التاريخية في هذا الربع بواقع 6 رحلات للفرد.

وعلى صعيد العوائد، حقق السائقون وشركاء التوصيل على المنصة إجمالي أرباح وصلت إلى 20 مليار دولار شاملة الإكراميات بنمو سنوي قدره 16%، مما يعكس تحسنًا واضحًا في النشاط الاقتصادي للمنصة وقدرتها على تحويل نمو الطلب إلى عوائد فعلية عبر مختلف خدماتها.

رأس السنة موسم الحصاد لقطاع النقل واللوجستيات

تكون الموانئ في ذروة نشاطها بهذا التوقيت من العام، فهناك شحنات ضخمة من سلع الاستهلاك قبل الأعياد مما يشكل ضغطًا على الموانئ والجمارك مع التشغيل الشبه كامل للطاقة الاستيعابية.

وتزدهر اليخوت العالمية والرحلات البحرية السياحية في موسم رأس السنة خاصةً في المناطق السياحية، فهذا النوع من النقل ليس ترفيهي فحسب، بل يدخل عملة صعبة ويحرك خدمات لوجستية خاصة ويربط بين قطاع النقل والسياحة الفاخرة.

The Economics of New Year Tourism

المحور الثاني: قطاع الخدمات محرك الإنفاق الاستهلاكي

يرتفع الطلب على الخدمات والتجارب الترفيهية مثل السفر والإقامة في الفنادق وتناول الطعام بالخارج، فيعكس هذا التحول  تغيير سلوكي للمستهلك، ويدعم نمو قطاع السياحة والضيافة، وفي الوقت نفسه يخلق الموسم فرص عمل موسمية مهمة لتلبية الضغط التشغيلي في الفنادق والمطاعم ومراكز التسوق اقتصاد الرفاهية. 

اقتصاد الرفاهية يقود قطاع الخدمات في احتفالات رأس السنة

في موسم الأعياد ورأس السنة، يتضح أن طريقة إنفاق الأفراد تتغير فبدلًا من أن يكون التركيز على شراء السلع يتجه الإنفاق أكثر على الخدمات والتجارب مثل السفر، الإقامة في الفنادق، وتناول الطعام بالخارج، ويتماشى هذا التغير مع النمو الذي يشهده قطاع السياحة والضيافة خاصةً في الفترات التي ترتفع بها معدلات الزيارة والإشغال تحديدًا في المقاصد السياحية الرئيسية.

في مصر مثلًا، حقق قطاع السياحة نموًا ملحوظًا في نشاط حركة السائحين خلال الربع الرابع من العام المالي 2024/2025، ووصل عدد السائحين نحو 4.7 مليون سائح، بينما بلغ عدد الليالي السياحية نحو 44.9 مليون ليلة مقارنةً بالعام المالي السابق، بحسب بيانات الهيئة العامة للاستعلامات، فتعكس هذه الأرقام زيادة واضحة في الطلب على خدمات الفنادق والمطاعم خلال الموسم مدعومة بتحسن مستوى الخدمة وزيادة الطاقة الاستيعابية للفنادق.

يؤكد هذا السياق على تغيير سلوكي عالمي في هذه الفترة، فيميل المستهلك لتخصيص جزء أكبر من ميزانيته للتجارب كالإقامة الفندقية، والأنشطة الترفيهية، وتناول الطعام خارج المنزل بدلًا من الاعتماد على الاستهلاك التقليدي للسلع، مما يظهر بشكل أوضح في المواسم التي يزداد بها الدخل المتاح أو النشاط السياحي.

مصر: تراجع الإقبال على هدايا «رأس السنة» بسبب التضخم
الإنفاق الاستهلاكي في رأس السنة

التوظيف الموسمي، أثر الموسم على خلق فرص عمل مؤقتة

يزداد عادةً موسم العطلات على العمالة في قطاعات الخدمات بالفنادق، المطاعم، ومراكز التسوق لكي تلبية الضغط التشغيلي المتصاعد، ففي بعض الأسواق خاصةً في الولايات المتحدة، ارتفع التوظيف الموسمي في موسم نهاية 2024، وأضافت الصناعات في تجارة التجزئة وحدها نحو 492 ألف موظف موسمي خلال الفترة من أكتوبر لديسمبر 2024 وفقًا لـ Bureau of Labor Statistics، مع احتفاظ بعض العمال بعد انتهاء العطل مقابل فترة قصيرة. 

وفي المقابل، تشير توقعات حديثة إلى أن مستوى التوظيف الموسمي في 2025 قد يكون الأدنى منذ الأزمة المالية العالمية، مع توقعات بأن عدد الوظائف الموسمية قد يتراوح بين 265,000 و365,000 وظيفة فقط وهو انخفاض كبير مقارنةً بالسنوات الماضية  استنادًا إلى The Washington Post.

كما أظهرت بيانات Indeed Hiring Lab، أن الطلب على فرص العمل الموسمية ارتفع بنسبة 27% على أساس سنوي، بينما العدد الفعلي للوظائف الشاغرة المرتبطة بالعطلات زاد بنسبة أقل، وهو ما يشير إلى صراع بين عدد الباحثين عن عمل وعدد الفرص المتاحة.

يخلق الاقتصاد الموسمي فرصًا عديدة، لكن الاستفادة منه ليست متوازنة، ففي بعض الحالات ينمو الطلب على العمل المؤقت، وفي حالات أخرى الشركات تصبح أكثر حذرًا في التوظيف بسبب عدة عوامل كالتضخم أو الذكاء الاصطناعي أو عدم اليقين الاقتصادي.

نمو إنفاق المستهلكين في أمريكا يتباطأ خلال موسم العطلات - جريدة البورصة

المحور الثالث: رأس السنة يعيد تدوير المال، كيف ينعكس الإنفاق على الاقتصاد؟

يمتد الأثر الاقتصادي لرأس السنة على الإنفاق المباشر في قطاعات النقل، الخدمات الصحة، والاستثمار في البنية التحتية مما يبرز قدرة الإنفاق الدولي الذي تداول بداخل الاقتصاد على خلق نشاط إضافي في كل القطاعات.

خلق فرص عمل موسمية

في موسم الأعياد، يزداد التوظيف الموسمي في قطاعات الضيافة والأمن والنقل بنسبة 20 لـ 30%، مما يوفر ملايين الوظائف المؤقتة للناس التي تحتاج إلى دخل إضافي.

الإيرادات الضريبية في موسم رأس السنة 

يجمع الإنفاق الموسمي للحكومات ضرائب من المبيعات، ورسوم التراخيص، ورسوم السياحة، ويبلغ حوالي 8 مليار دولار عالميًا بحسب تقرير منشور linkedin بعنوان اقتصاديات سياحة رأس السنة 2024 مما يساعد  في دعم ميزانيات المدن والخدمات العامة.

الاستثمار في البنية التحتية لاستعداد إلى ذروة الموسم 

تستثمر المدن قبل رأس السنة في النقل والأمن والخدمات العامة، فهذا الاستثمار لا يحل مشاكل الموسم فقط لكنه أيضًا له فوائد طويلة الأجل على الاقتصاد المحلي.

المحور الرابع: "الرعاية الصحية" اقتصاد الاستدامة البشرية

يبرز دور الرعاية الصحية كركيزة أساسية لضمان السلامة والثقة لدى الزائرين والسياح، استعداد الدولة بالكوادر الطبية، المستشفيات، الطوارئ، والتأمين الطبي يضمن التعامل السريع مع أي طارئ صحي، وفي الوقت يستفيد القطاع الصحي من هذا الموسم عبر السياحة العلاجية وزيادة الطلب على الأدوية والمستلزمات الطبية، مما يعكس التكامل بين الصحة والاقتصاد في فترات الذروة الموسمية.

إنفاق المستهلكين عبر نقاط البيع يرتفع إلى 12 مليار ريال خلال أسبوع.. وقفزة  196% بالتعليم مع بداية العام الدراسي

ثقة الزائرين في رأس السنة

في موسم الأعياد واحتفالات رأس السنة، يكون هناك تجمعات بشرية كبيرة وفعاليات ضخمة تستدعي استعداد صحي مكثف، فتجهيز الجيش الأبيض كالمستشفيات، الأطباء، الطوارئ، وفرق الإسعاف يكون خطوة استراتيجية ليس لحماية الصحة العامة، لكن أيضًا لدعم ثقة الزائرين والسياح والمستثمرين في قدرة الدولة على إدارة أي طارئ صحي بكفاءة.

يشمل هذا الاستعداد توفير فرق إسعاف في نقاط التجمعات، وخطط للطوارئ الطبية، وتنسيق بين الجهات الصحية وأجهزة الأمان، مما يقلل الضغط على المستشفيات القريبة ويضمن استجابة أسرع لحالات المرض أو الإصابات خلال الفعاليات.

تشير الدراسات إلى أن التخطيط الجيد للرعاية الصحية في التجمعات الكبيرة يشمل توقع عدد الحالات الطبية وموارد الرعاية المطلوبة، وبالتالي يقلل الضغط على النظام الصحي ويتيح توزيع أفضل للميزانيات والكوادر. 

يضم التأمين الطبي للأحداث الكبرى توفير باقات تأمين للمشاركين والزائرين، مما يدعم الثقة في الوجهة السياحية ويشجع السياح الأجانب على القدوم لأنهم يشعرون بتغطية واحتياط صحي قوي.

السياحة العلاجية والاستشفاء تزدهر في رأس السنة

خلال عطلة نهاية العام، يزداد الاهتمام بالسياحة العلاجية ووجهات الاستشفاء تحديدًا بين الفئات الأعلى دخلًا التي تبحث عن تجارب صحية وترفيهية في نفس الوقت، فالسياحة العلاجية تشمل زيارات للمراكز الطبية بغرض العلاج وإعادة التأهيل، وأيضًا البرامج الصحية المرتبطة بالـ SPA والعافية والاسترخاء. 

بحسب تقرير لـ “العربية”، تخطو مصر خطوات هامة لتعزيز السياحة العلاجية، منها إطلاق منصة رقمية لتجربة متكاملة للسياحة العلاجية بمعايير دولية بهدف جذب المرضى والسائحين وتعزيز الموقع التنافسي في هذا المجال، وهناك أيضَا خطط أكثر طموحًا، وتستهدف الدولة جذب جزء من عوائد السياحة العلاجية العالمية التي كانت تُقدر خلال 2023 بنحو 115 مليار دولار سنويًا، وتسعى لاستثمار جزء من هذا السوق بقيمة تصل لـ11.5 مليار دولار في المستقبل، مما يعني أن رأس السنة ربما تكون فرصة قوية لمراكز الاستشفاء الصحية، وتستفيد من تزايد الطلب على خدمات العافية والتأهيل الطبي، خاصةً إذا تم ربطها بتجارب ترفيهية وسياحية في نفس الرحلة.

اقرأ أيضًا:-

اقتصاد رأس السنة.. كيف تعيد التكنولوجيا المالية تشكيل الإنفاق الموسمي عالميًا؟

كيف تستطيع مصر تعزيز «السياحة العلاجية»؟
السياحة العلاجية

سوق الأدوية والمستلزمات في رأس السنة 

يشهد سوق الأدوية والمستلزمات الصحية نشاطًا متزايدًا في مواسم الشتاء والاحتفالات الكبيرة، مع انخفاض درجات الحرارة، ويزداد انتشار الأمراض الموسمية كالإنفلونزا، وأمراض الجهاز التنفسي، مما يؤدي لطلب أعلى على أدوية محددة مثل مضادات البرد والأنفلونزا والمستلزمات الصحية الخاصة بها، ويعد الطلب الموسمي عاملًا هامًا في زيادة المبيعات الصيدلانية، وتعديل استراتيجيات المخزون في الصيدليات لتلبية احتياجات المستهلكين بشكل أسرع وأدق. 

وبحسب توقعات قطاع الصحة، فالإنفاق على الصيدليات والأدوية في بيئة موسمية وفصل الشتاء يكون في زيادة نسبية مقارنة بباقي فصول السنة، ويؤثر على تخطيط الصيدليات في المخزون ومنتجات الموسم.

يكشف هذا الموسم بوضوح، كيفية ترابط كل القطاعات ببعض، وأي زيادة في الإنفاق أو الحركة في قطاع واحد تسحب خلفها قطاعات أخرى، وهذا هو جوهر “الأثر المضاعف” للاقتصاد الموسمي، فرأس السنة تصبح اختبارًا حقيقيًا لقدرة الدول والشركات على الإدارة والتكامل، ولمن يستعد لتحويل الضغط لفرصة، والازدحام لأرباح، والموسم القصير لقيمة طويلة الأجل، رأس السنة ليس نهاية سنة قديمة لكنها بداية دورة اقتصادية كاملة.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هُــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تيليجرام) اضغط هُــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هُــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هُــــــــنا.

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search