الثلاثاء، 30 ديسمبر 2025

11:03 م

هل يعكس طرح العملة الجديدة التضخم الذي عصف بالاقتصاد السوري؟

الثلاثاء، 30 ديسمبر 2025 08:20 م

ليرة سورية جديدة - صورة أرشيفية

ليرة سورية جديدة - صورة أرشيفية

محمد ممدوح

تصاعدت خلال الأيام القليلة الماضية حالة من الترقب الواسع عقب الكشف عن ملامح عمله وطنية جديدة، مزعم إطلاقها في مطلع 2026 في الدولة السورية، ويسعي المصرف المركزي السوري بعد سنوات من التضخم المتسارع الذي قفز بالكتلة النقدية من تريليون إلى 42 تريليون ليرة،  إلى إعادة ضبط التوازنات النقدية وفق سياسة يصفها بالإنضباط المالي.

هل ينهي استبدال العملة السورية أزمة السيولة؟

وتستمر عمليه الجلاء 90 يومًا، حيث بدأ المتخصصون في قراءة فرص نجاح الجراحة النقدية والبيئة الاقتصادية التي اثقلها التحديات، وسط تأكيدات رسمية بأن العملية هي استبدال تقني لا يمس جوهر الكتله المالية، بقدر ما يهدف إلى ترميم الثقة المؤسسية، ويطرح السؤال الأهم بعد التحولات السياسية والإقتصادية الأخيرة، بهل تملك الضمانات الحقيقية لمنع التضخم؟، وهل ينهي استبدال العملة السورية أزمة السيولة ويؤسس لتعاف اقتصادي قريب؟، وهل العملة الجديدة تكبح جماح التضخم القادم؟.

ووفق لما أعلن حاكم المصرف السوري المركزي عبد القادر الحصرية، فمن المقرر أن تدخل البلاد مرحلة من التعايش بين العملتين الجديدة والقديمة، بدء من مطلع العام، وهي الفترة التي ستلزم البائعيين بالتعامل بالليرتين القديمة والجديدة معنا، موضحًا أن معيار الاستبدال يقضي بحذف صفرين من القيمة الأسمية، بحيث تعادل كل مئة ليرة قديمة ليرة سورية واحدة، مؤكدًا أن عملية الاستبادال ستتم مجانًا عبر 66 شركة وألف منفذ، وممتدة علي مدار 90 يومًا، مشيرًا إلى ان جميع الحسابات المصرفية ستتحول تلقائيًا إلى قيمة جديدة، في خطوة تهدف إلى ضمن انطلاق سلسلة للعام الجديد دون فرض أعباء ضريبية أو رسوم أضافية، وفيما يتعلق بجوهر السياسة النقدية، شدد الحاكم على أن العملية هي استبدال تقني بحت، حيث تلتزم السياسة الحالية بالحفاظ على الكتلة النقدية القائمة المقدرة بـ 42 تريليون ليرة دون زيادة أو نقصان.

 سياسات الماضي التي رفعت الكتلة من تريليون لـ 42 

وأوضح أن المصرف انتقل من سياسات الماضي التي رفعت الكتلة من تريليون واحد في 2011 إلى حجمها الحالي، نحو سياسة جديدة تعتمد الانضباط المالي الصارم ومراقبة الأسواق عبر تقارير يومية لتقييم نتائج الاستبدال وضمان استقرار سعر الصرف، وبين أن إطلاق العملة الجديدة سيمثل لبنة إضافية في طريق تعافي الاقتصاد السوري، وكشف الحصرية عن توجه المصرف نحو تطوير منظومة الدفع الإلكتروني كجزء لا يتجزأ من الاستراتيجية الوطنية، مشيراً إلى تزويد المصارف بحلول تقنية عاجلة لحل أزمات السيولة المرتبطة بالثقة، لافتًا  إلى أن العملة الجديدة تحمل مزايا أمنية متطورة صممت بالتعاون مع كبرى الشركات العالمية لمنع التزوير، مع التأكيد على أن عملية الاستبدال محصورة داخل الأراضي السورية فقط وتتم مباشرة مع المؤسسات المالية الكبيرة بعيداً عن الوسطاء، لضمان أعلى مستويات الشفافية والمهنية.

وقال الأكاديمي والمستشار الاقتصادي الدكتور زياد عربش، لـ اقتصاد سكاي نيوز «يعد استبدال العملة خطوة استراتيجية لتنظيم التداول النقدي في ظل أزمة الاقتصاد السوري، ولا يقتصر على الجوانب التقنية للاستبدال، مع الحاجة إلى وضوح يومي وجدول زمني قصير (6 أشهر لا 5 سنوات) وتتبع مجريات كامل العملية ولكامل الجغرافيا السورية، حيث سنشهد إشكاليات عديدة في الأسواق وفي طرق الحسابات مثل تحويل 50,000 ليرة قديمة إلى 500 جديدة، مما يتطلب تحديث أجهزة الدفع ( POS ) حيث ستكون المصارف كجسر للتبادل الآمن، خاصة لكبار السن"، مضيفًا  «نظريًا، فإن حذف الصفرين (مثل 10,000 إلى 100 ليرة) لا يغير القوة الشرائية، لكنه يسبب ارتفاعًا طفيفًا وأوليًا بسبب تأثير التقريب كما في تركيا (2005)، إيران (2020)، وفنزويلا (2018-2021)، مع تشتت تجاري مؤقت وتعديل أسعار/أجور، لكن الأمر برمته قد يستغل سلبيًا لرفع الأسعار بالعملة الجديدة وبالتالي عودة التضخم.

 تبديل العملة سيسمح بتعزيز الثقة بالمصرف المركزي

وأوضح أن تبديل العملة سيسمح بتعزيز الثقة بالمصرف المركزي، ودعم الاقتصاد الرسمي وتقليل دور السوق الموازي، مع أهداف طويلة كتنفيذ خطة إصلاحات اقتصادية مع رقمنة الاقتصاد والتحول الرقمي لكامل العمليات المالية والمصرفية، والتجارية، والمحاسبية، والنقدية، ومع ذلك، يرى أنهم ليسوا بمنأى عن بروز سلبيات عديدة: كالارتباك الاولي الذي بدأ مع توقف السحب والدفع منذ مساء الأحد، وبروز ضغوط السيولة إذا لم تدار جيداً، مع ضرورة دعم السيولة، واتخاذ أقصى درجات الشفافية والوضوح.

عمليات الاستبدال لوحدها تكفي لمعالجة الاختلالات الهيكلية

يخطئ من يعتقد أن عمليات الاستبدال لوحدها تكفي لمعالجة الاختلالات الهيكلية للاقتصاد السوري، أو أن تحل العملة الجديدة التضخم الأساسي الناتج عن الحرب، خاصة مع الشعور المخادع غنى وهمياً مؤقتاً فقط، كما في إيران وفنزويلا حيث فشل في وقف الانهيار، بالتالي لابد من إعلان خطة اقتصادية معلنة ومفصلة وبمكوناتها وأهدافها وغاياتها وبآجالها الزمنية وبمشاركة كل فعاليات الاقتصاد السوري، بحسب الدكتور عربش.

وعلى المدى القصير، أشار إلى أنه سيكون هناك تبسيط للحسابات دون نمو، لكن على المدى الطويل، فإن عملية الاستبدال تمثل، فرصة لإصلاحات هيكلية (من عمليات الإقراض إلى الرقمية ومكافحة تضخم، وتشجيع الاستثمارات بمزيد من الثقة بالاقتصاد السوري) وذلك إذا تصاحبت باستقرار سياسي مع حملات توعية وفترة انتقالية قصيرة لاستخدام العملتين.

وأكد ضرورة التركيز على الشفافية، وإجراء الحوارات المتعددة مع النقابات المهنية والمجتمع الأهلي دون تهميش دورها أو إقصاء أي جهة وذلك لبلوغ الإجماع الوطني على كامل الجغرافيا السورية، مع حماية مكانة المغتربين (وضع أجل زمني أطول لعملية التبديل) والفئات الضعيفة بتخصيص برامج مؤازرة لهم خاصة في الأسواق عبر مساعدتهم من قبل المتطوعين والطلاب في عمليات الاستبدال او التسوق والدفع والسحب، كما لابد وبشكل فوري من إعداد الموازنات الموحدة من بداية العام 2026، ووضع إجراءات رقابية وقضائية لكل الممارسات الملتبسة التي من الممكن أن تبرز هنا أو هناك، بحسب عربش، الذي أكد أن النجاح يعتمد على التنفيذ الجيد والتوعية، وإلا قد يفاقم التحديات الحالية بفقدان التتبع للسيولة.

الضمانات الحقيقية لمنع التضخم

وحول الضمانات الحقيقية لمنع التضخم، قال الأكاديمي والمستشار الاقتصادي الدكتور عربش: "تهدف الدولة من خلال الليرة الجديدة إلى تبسيط التداول لحذف الصفرين وبالتالي تنظيم الأسواق، لكنها لا تملك ضمانات حقيقية لمنع التضخم. فإذا اقتصرت على أنها خطوة تنظيمية فهي لا تحل التضخم الأساسي الناتج عن الحرب كالعقوبات والفساد (وتجارب إيران/فنزويلا تظهر فشلًا في ذلك) ودون إصلاحات هيكلية جذرية لمكافحة التضخم بإعادة دوران عجلة الإنتاج جوهرياً في القطاعين العام والخاص وفي قطاعي الزراعة والصناعة كمحركين للاقتصاد وليس التفرد الاقتصادي أو تنفيذ طروحات أقرب الى "الهرطقة" الاقتصادية كالخصخصة دون برامج واضحة وكأننا نبيع أصول الدولة أو مقولة التجارة ثم التجارة مع إغراق الأسواق بالاستيراد متناسين أن سورية بلد زراعي، أو دون استقرار سياسي".

استبدال العملة السورية سينهي أزمة السيولة

ورداً على سؤال فيما إذا كان استبدال العملة السورية سينهي أزمة السيولة ويؤسس لتعافٍ اقتصادي أجاب الدكتور عربش بأنه “الاستبدال لا ينهي أزمة السيولة، بل قد يفاقمها مؤقتاً إذا لم تُدار المخزونات جيداً، أو ببروز إشكاليات عديدة للتتبع.. فالتعافي الاقتصادي يتطلب إصلاحات واسعة عودة الإقراض، وجذب استثمارات، ودعم الزراعة والصناعة، وبالتالي فهي فرصة طويلة الأمد شرط التنفيذ الفعال والوضوح بمعايير الشفافية بما فيها دور (شام كاش) ومكاتب التحويلات المالية وأنظمة المدفوعات”، وختم حديثه قائلاً: "قد تعيد العملة السورية الجديدة ثقة المواطن بشكل مؤقت نفسياً عبرغنى وهمي وتعزيز دور المصرف المركزي، لكنها لا تكبح التضخم دون إصلاحات جذرية، والفشل بالنسبة لسورية سيكون كارثياً إذا استمر التضخم رغم الاستبدال وبالتالي تأكل سبل العيش وضعضعة الأمن الاقتصادي والسلم المجتمعي".

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تيليجرام) اضغط هــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا.

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
 

Short Url

search